صواريخ
عام كامل من حرب الإدارة الجماعية الذى تمارسه إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى، تحت حجج ذرائع مختلفة، يأتى على رأسها تصفية عناصر المقاومة الفلسطينية التى قامت بعملية طوفان الأقصى فى بداية اكتوبر الماضى.. حالة التباين فى الرؤى والمواقف الدولية تجاه هذه الحرب على مدار عام كامل تكشف عن الانقسام الحاد فى المجتمع الدولى الذى عجز حتى هذه اللحظة عن وقف أكبر جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقى تحدث لشعب بكامله، وتؤكد أن عقيدة الغرب الاستعمارية لم تتغير، كما تكشف عن زيف كل القيم والمثل الأخلاقية التى صدرها الغرب وسوقها للعالم على مدار نصف قرن مضى، والزعم بتبنى قيم السلام والعدالة والتسامح وحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات التى تدغدغ مشاهر الشعوب وبعض الساسة قليلى الخبرة، وهى فى حقيقتها مجرد أقنعة ووسائل حديثة يستخدمها الغرب لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، ولم تكن الاعتذارات التى قدمتها بعض الدول الغربية عن حقب الاستعمار، إلا عملية هروب ممنهج من دفع تعويضات هائلة للدول التى استنزفتها واستعبدتها على مدار قرون وعقود طويلة.
العجز الدولى فى مواجهة ووقف هذه الإبادة الجماعية التى يتوجع ويتقزز منها العالم، هى نتيجة حتمية للموقف الأمريكى الداعم لإسرائيل عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا، وهى أيضًا نتيجة للسياسة الأمريكية الداعمة لاستمرار بؤر الصراع فى الشرق الأوسط، باعتبارها من الأهداف الاستيراتيجية الأمريكية وأهم أسباب تواجدها العسكرى بقوة والسيطرة على موارد الطاقة وتحقيق الأهداف الجيوسياسية التى تشكل جزءًا من الأمن القومى الأمريكى.. الأمر الذى يفسر لنا بجلاء التناقض الشديد على مدار عام، بين التصريحات السياسية الأمريكية منذ اندلاع شرارة هذه الحرب، وبين الواقع المؤلم فى استمرار عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقى لشعب يتم تصفيته بأبشع صور القتل، والتعذيب بسلاح الجوع والعطش والمرض والتنكيل اليومى والهجرة المستمرة بعد أن تحولت المدينة بكاملها إلى ركام فى جريمة كاملة لم تعرفها البشرية من قبل، وفى اعتقادى أن التصريحات الأمريكية من حيث لآخر وجولات وزير الخارجية الأمريكى - بلينكن - عن قرب التوصل لاتفاق وقف الحرب وتبادل الأسرى والمحتجزين، ما هى إلا مخدر سياسى، لمواجهة بعض التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التى تحدث فى الداخل الأمريكى وبعض الدول الأخرى.
الحقيقة المجردة تشير إلى أن إسرائيل هى الذراع القذرة للولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، وليس أدل على ذلك من قيام إدارة الجامعة الأمريكية فى بيروت بسحب جميع أجهزة - البيجر - من العاملين بالجامعة الأمريكية قبل عدة أيام من عملية التفجير التى حدثت لهذه الأجهزة فى لبنان، وأودت بحياة العشرات وإصابة الآلاف، منهم مواطنون لا ينتمون لعناصر حزب الله أو المقاومة، وهو أمر يؤكد أن الولايات المتحدة كانت على علم مسبق بهذه العملية القذرة التى راح ضحيتها مئات الأبرياء، وخشية على مواطنيها أبلغت السفارة والجامعة الأمريكية بسحب وإعدام هذه الأجهزة، ولأن من بين العاملين بالجامعة فى بيروت عددًا من اللبنانيين، فقد كشفوا عن هذه الفضيحة التى تؤكد ضلوع أمريكا فيها، وبكل العمليات الإرهابية والإجرامية التى ترتكبها إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى وشعوب المنطقة ولم تكن إسرائيل لتستمر فى نشاطها الإجرامى وتوسيع الحرب إلا من خلال الدعم العسكرى والاقتصادى المستمر، والحماية والمساندة السياسية على شتى المستويات والمنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولى الذى بات عاجزًا ومشلولاً أمام سيف - الفيتو - الأمريكى.
حفظ الله مصر