رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

تعودنا دائمًا أن دروس الحياة والتجارب والخبرات تأتى من الكبار ويعكف الصغار على دراستها للاستفادة منها.. لكن ما حدث منذ أيام قليلة وتحديدًا منذ بدء انتفاضة الطلبة فى الجامعات الأمريكية والأوروبية ضد المجازر الإسرائيلية كان عكس ذلك.. لقد حطم طلبة الجامعات الأمريكية والأوروبية كل القواعد والمسلمات وفرضوا واقعًا جديدًا ساهم فى قلب كل الموازين.

لقن الطلبة ساسة أمريكا وأوروبا درسًا قاسيًا فى السياسة والأخلاق وكشفوا زيف ادعاءاتهم حول الحرية وحقوق الإنسان وكرامته والعدل والمساواة.. الغريب أن كل ذلك تم ببراعة فائقة وبحنكة وخبرة غير مسبوقة.

كتب الطلبة تاريخًا جديدًا لهم وسجلوا مواقف مشرفة لا تنسى، وكان من بين هذه المواقف العظيمة التى جذبت الانتباه ما فعلته الطالبة البريطانية لالى بوزيرة الداخلية البريطانية السابقة سويلا برافرمان، وهو ما يستحق أن نتوقف أمامه لما فيه من دروس وعبر وإشارات ودلائل ونتائج.

أعجبنى العنوان الذى تصدر التقرير الاخبارى حول الواقعة والذى جاء كالتالى: طالبة بريطانية تفحم وزيرة الداخلية السابقة بشأن حرب غزة وتقول لها: «أنتِ كاذبة».

ولما كان هذا هو العنوان فإن التفاصيل كانت مذهلة.. الطالبة لالى اتهمت الوزيرة السابقة بالانفصال عن الواقع..

المذهل فى الأمر أن هذا الدرس كان مباغتا وجاء فى لحظة حاولت فيها الوزيرة السابقة استعراض قوتها على الطلبة ظنا منها أنهم ضعفاء.. فقد اصطحبت معها مراسلا ميدانيا من قناة «جى بى إن» البريطانية، وتوجهت به إلى اعتصام طلبة جامعة كامبريدج وبدأت جولتها الاستعراضية بدعوى استطلاع آراء المعتصمين، ومناقشة وجهات نظرهم على الهواء.. لكن الحقيقة كانت عكس ذلك.. فالوزيرة العنصرية صاحبة المواقف المشينة ذهبت للتنمر على الطلبة والعمل على توريطهم والإيقاع بهم فى تهم مثل معاداة السامية وخلافه.

كان طلاب كامبريدج أذكى من الوزيرة السابقة وواجهوا الأسئلة التى طرحتها عليهم فى محاولة لتوريطهم بالصمت التام وهو ما أصابها بالانهيار.

فى نفس اليوم وبعد أن أصيبت بخيبة الأمل عادت سويلا إلى مقر القناة بصحبة المراسل باتريك كريستيز لتكون محاورة، ولكن هذه المرة مع الطالبة «فيونا لالي»، منسقة الحملات الوطنية للحزب الشيوعى الثورى.

كان اللقاء مختلفا فقد تعودنا فى البرامج الحوارية أو تلك التى تأخذ صيغة المناظرة، أن يكون هناك مُحاور رئيسى، يطرح الأسئلة وينظم عملية الإجابة، بما يضمن التوازن.. لكن هذا اللقاء أخذ منحى مختلفا فقد تحولت الوزيرة إلى محاورة أمام الطالبة لالى.. ومن هنا أخذ الحوار جانبا بدت فيه الأسئلة منفصلة تماما عن الأجوبة التى تتولد من النقاش، لتنحو باتجاه الأسئلة «المعلبة» أو المحفوظة مسبقا.

لم تنس الوزيرة أن قضية مظاهرات الطلبة، واعتصاماتهم المؤيدة لفلسطين كانت عاملا أساسيا فى إقالتها من منصبها فى حكومة رئيس الوزراء الحالى ريشى سوناك، بعد انتقادها الشرطة البريطانية واتهامها لهم بالتساهل الشديد مع المتظاهرين المؤيدين لفلسطين.

ولم يكن اللقاء مجرد حوار تليفزيوني ولكنه كان ملحمة ومبارزة بين من يدافع عن الحق وينصر المظلوم وبين من يدافع عن محتل مجرم غاصب ويساند الظالم القاتل المغتصب وهو ما نتناول تفاصيله فى المقال القادم.