رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبض الكلمات

أصعب المعارك ضد من يؤمن بأنه ذكى على الرغم من غباءه، لأنك لا تستطيع توقع الخطوة القادمة من الحمار، كلمات شهيرة من اختراع عظماء الفلاسفة، اعتراضى على شخص الحمار المسكين، فما ذنبه بـ«معاتيه البشر» فهو برئ من أفعالهم ودنو أخلاقهم وسفاهة تفكيرهم، فغالبا ليس العقل السليم فى الجسم السليم، إذا كان القلب مصاب بالعطب والأمراض، فحينها يكون فاقد العقل سليم كثيراً، ‏سليم القلب يؤتمن حتى فى عداوته، ومرضى القلوب لا يؤتمنون حتى فى صداقتهم، فأهلا بالمجانين أنقياء القلب وأصحاء السريره.

«المجانين فى نعيم» مثل مشهور نتأكد يوماً بعد يوم من صحة هذه المقولة، نحن نعيش فى دوامات كثيرة فى السنين الأخيرة، ومن لديه عقل ويفكر للمصلحة العامة فهو سوف يكـــون تعسا، شاردا، غاضبا، الهموم تحيط به فى كل لحظة وكل مكان، غالباً مكتئب ويذهب بخياله لبعيد بعيد الى حد يطوف به عنان السماء أمامه طريقان لا ثالث لهما، الأول أن يعقل ويسير مع القطيع، والطريق الثانى أن يخبِط رأسه فى الحِيط يحارب طواحين الهواء. وطبيعى سوف يكون هو الخاسر، ولذا فالمجنون، أو من فقد عقله، هو السعيد فى هذا الزمن، فهو ينأى بنفسه عن التفكير فيما يدور حوله، فكانوا يسألوننا ونحن صغار: ماذا تريدون أن تصبحوا إذا كبرتم؟ وكنا نجيب بكل براءة: أريد أن أصبح طيارا، طيباً، مهندساً أو شرطيا، لو علمنا أن الحياة هكذا، لامتنعنا عن الإجابة، أو لفاجأناهم بإجابة غير متوقعة وقلنا: أريد أن أكون سعيدا فقط من هول ما رأيناه خلال أعمارنا فى دنيا العجب، لأقول لنفسى فعلا «المجانين فى نعيم».. ويبدو أن الذين أطلقوا هذا المثل هم العقلاء، الذين كانوا ولا يزالون يئنون تحت وطأة مشكلات الحياة وأزماتها التى لا تنتهى.. هؤلاء وحدهم هم الذين يدركون كم هو أليم وموجع ومحزن هذا الواقع الذى يعيشونه.. هم وحدهم الذين يشعرون بالمآسى والكوارث التى تقع أمامهم وحولهم؛ على كل  المستويات.. والحقيقة أننى أعذر هؤلاء المجانين وأيضا العباقرة الذين قد يصلوا بعقولهم إلى حد الجنون فبينهم «شعرة» كحد فاصل بين العبقرى والمعتوه والتاريخ مليء بنماذج عظيمة غيرت مسار البشرية باختراعاتها التى قدمت حلول كانت بمثابة عقد.

هناك نوعان من الجنون فى رأى الفلاسفة والحكماء مما يطلق عليه جنون، الجنون الذى يكون صاحبه فاقد لعقله ويفعل أشياء لن يفكر عاقل فى فعلها.

وجنون الإبداع هو تلك الأفكار التى لم تخطر على قلب بشر وتبدو فى ظاهرها ضربا من الجنون لكنها تظهر فى النهاية قمة الإبداع، ومن خلال التطلع إلى السيَر الذاتية لحياة المبدعين والعباقرة، يمكن أن نكتشف أن الكثير منهم انتهت حياتهم على أثر الاضطرابات النفسية كانت محيطة بهم، وحالات الاكتئاب الشديدة كانت وراء سر ابداعهم، كالموسيقار الكبير بيتهوفن الذى أنهى حياته بـ أخذ كمية من الحبوب المهدئة، وقد قام بذلك بعد أن جاوز 56 عاما من العمر، والكاتب «ارنست همنجواى» الذى أدمن على تعاطى الكحول بصورة شرهة وغير طبيعية مما أدى إلى إصابته بأمراض خطيرة، ومن ثم موته منتحرا فى الـ60 من العمر بإطلاقه رصاصتين على رأسه.. والعبقرى «فريدريك نيتشه» صاحب الكتب والأفكار المثيرة للجدل، حيث عانى من الاضطرابات النفسية الشديدة التى أصابته فى نهايات عمره بالجنون الكامل، وثمة كتّاب عرب أيضا، من أمثال نجيب محفوظ وصلاح عبد الصبور اللذان عانا بدورهما من حالات الاكتئاب والاضطرابات النفسية الشديدة.. الحقيقة أن كتب الأدب والتاريخ مليئة بنماذج مشرفة من العباقرة الذين لديهم قدرات استثنائية الذين وصلوا إلى حد الجنون فى الفكر والإبداع، كلمة شهيرة للعبقرى نزار قبانى «أنا مجنون فى منطق المدينة التى لم يهذبها الجنون, لم يعطرها الجنون»، والفيلسوف «الألمانى فردريك نيتشه» الذى ازدادت حدة جنونه مع تفاقم تطرف أفكاره، وهناك جنون الرسام الهولندى الشهير «فان جوخ» الذى دخل مصحة عقلية، فهل صحيح أن المبدعين مجانين!؟، الأصح أن نقول إنهم كانوا سيصبحون مجانين، لولا أنهم أصبحوا مبدعين، إن سيرة وحياة الشاعر قيس بن الملوح والملقب بمجنون ليلى تشير إلى أن هناك خيطاً رفيعاً بين الإبداع «الشعرى» والجنون. ولقد أورث الحب جنوناً إلى ذلك الشاعر فجعله يبدع أشعاراً رائعة تستحق التأمل. وربما تفتح سيرته الشعرية والحياتية المجال أمام الباحثين  لدراسات لمعرفة إمكانية ارتباط الإبداع بالجنون بسبب رحلة البحث عن السعادة التى تكمن بالأصل بالقرب من الله والرضا بقدره، فالإبداع والجنون معايير الفرق شعره، تماما كمعايير نراها يوميا بين ألوان البشر فقد يعتلى ظهر الجياد ذباب، ويقود أسراب الصقور غراب والمنافق موثوق منه من علية القوم، واخيرا إذا ملأت عقلك بصغائر الأمور، فلن يبقى فيه مكان لكبارها فالعقل كالحقل تماما، إن لم يتعاهده بالنباتات الجيدة، نمت فيه الحشائش الضارة.

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية.

magda_sale7@yahoo. com