رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسعار السلع انخفضت فى الفضائيات والمواقع الإخبارية.. والشارع يغلى

اﻷﺳﻮاق ﻓﻰ ﻣﺼﺮ.. ﺗﻔﺎوت ﻓﻰ اﻷﺳﻌﺎر وﻏﻴﺎب ﺗﺎم ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ

بوابة الوفد الإلكترونية

 

لا صوت يعلو فى مصر فوق صوت الأسعار، فلا حديث للشارع ولا مواقع التواصل الاجتماعى إلا عنها، فقد أصبحت لغزاً كبيراً، ترتفع لأى سبب، ولا تنخفض حتى إن وجدت الأسباب.

فخلال الأسابيع القليلة الماضية أفرجت الحكومة عن أطنان من السلع من الجمارك، وأكد المسئولون أن هذا الإجراء سيؤدى إلى انخفاض كبير فى الأسعار، وراحت المواقع الإخبارية والصحف تتحدث عن هذا الانخفاض، إلا أن هذه التصريحات لم تدخل حيز التنفيذ إلا قليلاً.

فمن ينظر إلى السوق المصرى يكتشف أنه فى وادٍ وتصريحات المسئولين فى وادٍ آخر، بل إن الأمر يزداد سوءاً حينما تكتشف أن السلعة ليس لها سعر واحد، إنما تباع بأسعار تختلف من منطقة لأخرى، بل أحياناً يختلف السعر من محل لآخر فى نفس المنطقة، ولا أحد يعرف السبب.

ورغم أن تصريحات المسئولين عن انخفاض الأسعار لم تتحقق على أرض الواقع، ولم تتمكن الحكومة من فرضها على التجار، فإن مواطنى الإسكندرية وبور سعيد وجدوا الحل حينما أعلنوا عن تدشين حملة «خليها تعفن» وقاطعوا الأسماك منذ أكثر من أسبوع فانخفضت أسعارها على الفور.

هذا الوضع يؤكد أن فوضى الأسعار يجب أن يتم السيطرة عليها بأى طريقة، ومحاسبة المسئولين عنها حفاظاً على أمن المجتمع.

«الوفد» قامت بجولة فى السوق فوجدت أن سعر كيلو اللبن المعبأ يختلف من مكان لآخر، فالبعض يبيعه بـ32 جنيهًا بينما يبيعه آخر بـ35 جنيهًا، ويصل فى بعض المناطق الراقية إلى 50 جنيهًا رغم أنه من إنتاج نفس الشركة.

أما كيلو السكر فرغم انخفاض أسعاره عن الفترة السابقة إلا أنه يباع فى مناطق بـ40 جنيهاً وفى مناطق أخرى بـ45 ويصل إلى 50 جنيهاً ولا أحد يعلم السبب.

وينطبق نفس الأمر على سعر الأرز السائب، الذى يبدأ من 25 جنيهًا ويصل حتى 35 جنيهًا، أما المعبأ فيبدأ من 35 جنيها ويصل إلى 42 جنيها. 

الأمر لا يختلف كثيرًا فى الخضار إذ تختلف أسعار الطماطم والبصل من منطقة لأخرى ومن تاجر لآخر، كما هى الحال فى سعر كيلو الدواجن البيضاء، البعض يخفض الأسعار كما أعلنت الحكومة ولكن هذا التخفيض لم يصل للسعر المعلن من الحكومة وهو 75 جنيها للكيلو، حيث تبدأ الأسعار من 85 جنيهاً وحتى 95 جنيها للكيلو فى بعض المناطق، واللحوم أيضاً تباع بأسعار تبدأ من 380 جنيهًا إلى 410 جنيهات وتصل فى بعض المناطق الراقية إلى 450 جنيهًا.

التسعير العشوائى 

هكذا أثبتت جولة الأسواق أن التسعير العشوائى وتفاوت الأسعار يشكلان تحديًا كبيرًا أمام الحكومة والمواطنين على حد سواء، فبالرغم من مبادرة الخفض العاجل لأسعار السلع، فإن الأسواق تشهد تقلبات كبيرة وعدم انضباط فى التسعير، وهو ما يؤثر سلبا على الحياة اليومية للمواطنين ويزيد من الضغوط عليهم لتوفير احتياجاتهم الضرورية.

كل شىء وعكسه 

الكثير من التجار يبررون هذا التلاعب فى الأسعار بعدم توافر السلع، وقلة الإفراجات الجمركية، وعلى النقيض من ذلك يؤكد رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، أن الحكومة قامت بتنفيذ المطلوب منها وتمكنت من توفير العملة الصعبة وإنهاء الإجراءات الخاصة بخروج البضائع من الموانئ، خاصة بعد أن امتنع عدد منهم عن ذلك انتظاراً لاستقرار أسعار الدولار.

وأوضح رئيس الوزراء أنه من المفيد لأصحاب البضائع التفكير فى إمكانية الإفراج عنها بشكل مبكر وتجنب دفع الغرامات أو تكاليف الأرضيات بالموانئ. موضحا أنه يجب أن يتم التفكير فى الاستفادة من الفرص التجارية فى الوقت الحالى بدلاً من انتظار انخفاض قيمة الدولار، وقد يكون هناك فرص لتحقيق مكاسب أخرى بشكل أسرع وأكثر فعالية، متابعًا: تحتاج الأسواق إلى رقابة دقيقة وضبط من قبل الحكومة لضمان عدم انتهاك حقوق المواطنين وتوافر السلع بأسعار معقولة. 

وبالرغم من جهود الحكومة، فإن بعض التجار ما زالوا يستغلون هذه التقلبات فى الأسعار لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المواطنين.

إجراءات حاسمة 

فى المقابل طالب المواطنون الحكومة بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لضبط الأسواق ومحاسبة من يخالف القانون، كما يجب تشديد الرقابة على الأسواق وفرض عقوبات رادعة على المخالفين، ويجب أيضاً تشجيع المنافسة الشريفة وتعزيز دور الجهات المعنية بضبط الأسواق لضمان تحقيق التوازن بين حقوق التجار وحقوق المستهلكين، خاصة بعد البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء، التى تفيد بأن أسعار الخضروات قد انخفضت بنسبة 3.5% خلال الشهر الماضى، وكذلك أسعار الحبوب، وهو عكس ما يحدث فى الشارع تمامًا. 

ضبط الأسعار

وكانت الحكومة قد بدأت فى اتخاذ إجراءات لخفض أسعار السلع وضبط الأسواق خلال الفترة الماضية، وبالفعل حدث تراجع فى بعض الأسعار وهو ما انعكس على معدل التضخم السنوى بنسبة تقريبية وصلت إلى 3% مقارنة بالشهر السابق. 

ويشير التضخم إلى معدل استهلاك المصريين من السلع والخدمات، وانخفاضه يعكس تراجع أسعار هذه السلع والخدمات.

ولأن المواطن المصرى يقرأ عن انخفاض الأسعار فى الصحف والمواقع ويسمع عنه فى البرامج التليفزيونية فقط، لذلك يطالب العديد منهم بضرورة الشعور بهذا الانخفاض على أرض الواقع وخفض الأسعار فعليا وتخفيض تكاليف المعيشة التى أرهقت الجميع، وهذا يشمل السلع الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، مطالبين الحكومة بضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لتحقيق انخفاض حقيقى فى الأسعار، لا يقتصر فقط على نسب بسيطة كالـ 2% و3% بل بنسب أكبر تتناسب مع التحسن الحاصل فى سوق الصرف وانخفاض قيمة الدولار.

فعلى سبيل المثال: إذا كانت السلعة تم تسعيرها سابقاً بسعر مرتفع نتيجة لارتفاع قيمة الدولار فى السوق الموازية، فإنه من الواجب أن ينعكس انخفاض قيمة الدولار فى سعر تلك السلعة بشكل أكبر. فمثلاً، إذا كان سعر الدولار قد انخفض من 72 جنيهاً إلى 46 جنيهاً، فإنه من المنطقى أن يعكس ذلك انخفاضاً ملموساً فى أسعار السلع، ولذلك، يجب أن تكون هناك إجراءات فعالة ومستدامة من الحكومة للتأكد من تحقيق هذا الهدف، ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات تخفيض الرسوم والضرائب على المستهلكين والموردين، وزيادة الرقابة على الأسواق لمنع احتكار السلع وتلاعب الأسعار، وتشجيع المزيد من المنافسة فى القطاع التجارى لتحقيق أسعار أكثر تنافسية.

البرلمان ينتفض 

كان أول تحرك برلمانى لما يشهده السوق من فوضى الأسعار، من قبل النائب عبدالسلام خضراوى، عضو مجلس النواب، والذى قال إن السوق المحلى خلال الفترة الماضية شهد تضاربًا فى أسعار بعض السلع الأساسية خاصة مع زيادة أسعار البنزين والسولار على الرغم من إعلان الحكومة عن استقرار الأسعار وتوافر السلع الأساسية بعد الإفراج الفورى عن البضائع من مختلف الموانئ المصرية.

وتساءل «خضراوى» فى طلب إحاطة قدمه للمستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور على المصليحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، قائلًا: «لماذا لم يحدث أى انخفاض فى الأسعار رغم تأكيدات الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة لتوفير مخزون استراتيجى من السلع الأساسية وذلك فى إطار السعى للعمل على ضبط الأسواق، وأين تأثيرات تصريحات رئيس مجلس الوزراء التى أكد فيها زيادة الاحتياطى الاستراتيجى من السلع الأساسية بنحو 20%، على أن تكون هناك خطة تنفيذية للتحرك فى حالة حدوث أى أزمة تزيد من قدرة الدولة على التدخل لإحداث التوازن المنشود فى الأسواق والأسعار».

واستكمل عضو مجلس النواب حديثه مطالبًا بضرورة تفعيل العقوبات الخاصة برفع الأسعار بدون أى مبرر وفقًأ لقانون حماية المستهلك وقانون العقوبات المصرى، موضحاً أن المادة رقم 345 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 أقرّت عدداً من العقوبات التى يتم تطبيقها فى حال التلاعب بسعر السلع، وهى الحبس لمدة لا تزيد على سنة كحد أقصى، ودفع غرامة لا تتجاوز الـ500 جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين. كما نص قانون حماية المستهلك ومنع الممارسات الاحتكارية على تغليظ عقوبة السجن والغرامة للمخالفين بغرامة مالية لا تقل عن 500 ألف جنيه، ولا تتجاوز المليون جنيه، وفى حالة التكرار تضاعف قيمة الغرامة بحديها مع الحبس أو بإحدى هاتين العقوبتين، مؤكداً أن المشكلة تكمن فى عدم تطبيق مثل هذه العقوبات لعودة الاستقرار فى الأسعار.

عقوبات مشددة

وأيده الرأى الخبير القانونى عصام محمود، قائلاً إن هناك العديد من القوانين التى تحظر التلاعب فى الأسعار كما يحدث حاليًا فى الأسواق، مشيرا إلى أن قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018، توجد به ضمانات وضوابط لحماية المستهلك من مخالفات التلاعب والغش فى الأسعار والمنتجات والسلع والخدمات، وما يترتب عليها من أضرار.

وأشار الخبير القانونى إلى أن قانون حماية المستهلك حدد عقوبات رادعة للمخالفين لأحكامه، منها عقوبة توقع على المورد فى حالة الامتناع عن تقديم فاتورة، أو عدم الإعلان عن أسعار السلع، أو تداول سلع تحرض على التمييز العنصرى أو الدينى، ولا تقل هذه الغرامة عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه، متابعًا: أما عقوبة المخالفات المتمثلة فى عدم الالتزام بالمواصفات القياسية للسلعة، ودخول الباعة الجائلين للعقارات بدون إذن مسبق، أو الإعلان عن مسابقات وهمية، فحددها القانون بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيها ولا تزيد على 200 ألف جنيه.

واستكمل «عصام» حديثه لـ«الوفد» قائلاً بجانب قانون حماية المستهلك هناك قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والذى نص على عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة فى حالة الغش فى المعاملات التجارية، حيث نصت المادة (345) على أن “الأشخاص الذين تسببوا فى غلو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها فى المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراة أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطئهم مع أكبر التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأى طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصرى أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”.

وتابع: ضاعفت المادة (346) العقوبة ونصت على « يضاعف الحد الأقصى المقرر لعقوبة الحبس المنصوص عنها فى المادة السابقة إذا حصلت تلك الحيلة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو حطب الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية».

الكلمة العليا للمواطن

وبعيداً عن القوانين والتصريحات الحكومة فقد أثبتت الأحداث خلال الأيام الماضية أن المواطن المصرى يمكن أن يكون هو كلمة السر وصاحب الكلمة العليا فى ضبط الأسواق، فحملات المقاطعة التى تمت خلال الفترة الماضية للأسماك فى بور سعيد والإسكندرية أدت إلى انخفاض أسعارها بشكل كبير، وهو ما دفع سيدات مصر الجديدة إلى تبنى حملة لمقاطعة اللحوم، ولو نجح المصريون جميعاً فى التوافق حول هذه الحملات لانخفضت الأسعار بدون تصريحات حكومية.