عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبضات

فى طفولتى ومطلع صباى تفتحت عيناى على نجم يزهر كل ليلة، يرقبه قلبى فى موعد بزوغه الذى لم يخطئه حدسى على مدار سنين خمس، هى عمر خمسة أجزاء تصدرت تاريخ الدراما المصرية وحفرت لنفسها ولنجوم صنعوها مكانا أثيرا على مائدة مشاهداتنا.
ليالى الحلمية، تلك الأيقونة الفنية العامرة بالألق، رائعة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ، ذلك المسلسل الذى لفتنى بكليتى إليه، رغم إعجابى به كفنان مثقف ومتابعتى له قبلها، إلا أن أداءه الاستثنائى الفارق فى ذلك المسلسل قد ملك بداخلى مكانة مختلفة له، إنه العبقرى صلاح السعدنى. 
رغم توقفه عن العطاء الفنى منذ فترة طويلة لظروفه الصحية، إلا أن خبر وفاته التى قضاها الله ظهر أمس الجمعة، قد نزل بقلوبنا كصاعقة مدوية، فلا أقسى من رحيل فنان حق، فى زمن عز أن تجد فيه من يحترم فنه ويمنحه من روحه دون حدود، ويشاء القدر والظروف أن أسطر خبر وفاته فى بوابة الوفد، وكأنه وداعى الأخير له. 
بصوته الرخيم ولغته العربية الراقية ومفرداته المنتقاة كان يجذبنى إليه، فيتبعه قلبى حتى ولو ضيفًا فى أحد البرامج، فقط لأمتع نفسى وأملأ روحى بعبق مثقف واسع الثقافة شديد الالتزام عبقرى الأفكار، ورغم 
أنه طرق أبواب الفن مع زميله الفنان عادل إمام، وعملا معا بمسرح الكلية ثم انطلق نحو السينما والتليفزيون، إلا أن أعماله التليفزيونية قد ملكت الألباب وكانت نافذة شديدة الاتساع إلى قلوب الجمهور، وذلك على الرغم من مشاركته فى أفلام مهمة مثل الرصاصة لا تزال فى جيبى وأغنية على الممر وفوزية البرجوازية والشيطان يغنى، وغيرها العشرات، إلا أن مسلسلا واحدا مثل ليالى الحلمية أو أرابيسك أو أبناء العطش، كان كفيلا بإسعادنا لسنين طويلة، وربما لأن أدواره التليفزيونية وخاصة الأخيرة منها، كان يؤديها بتلقائية أكثر وأريحية جعلته أقرب للمشاهد من أدواره السينمائية، فمن منا لم تنتزع ضحكاته انتزاعا بجملة أو آهة صدرت من العمدة سليمان غانم فى «ليالى الحلمية»، ومن منا لم يفتن بشهامة ورجولة حسن ابن البلد فى «أرابيسك»، ومن منا لم يقف مشدوها لذلك الرجل النادر، الذى يحمل مبادئه على كفيه فى «رجل فى زمن العولمة»، ومن ومن؟
أن يغادرنا فنان بحجمه لهو أمر جلل، لكنه قضاء الله الذى نفذ، ولا راد لقضائه، فقط عزاؤنا أن فنه الراقى سيظل حيا بيننا، شاهدا على أنه ها هنا ما زال يحيا إنسان وفنان مختلف، يدعى صلاح السعدنى... رحمك الله رحمة واسعة وأدخلك واسع جناته، وخالص عزائى لجمهوره العريض ولابنه الفنان أحمد السعدنى، وابن أخيه الصديق أكرم السعدنى.