رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

انطلقت بالقاهرة منذ أيام فعاليات القمة المصرية الأوروبية، بمشاركة كل من رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيس وزراء بلجيكا رئيس الاتحاد الأوروبى، ورئيس وزراء اليونان، ومستشار النمسا، ورئيس قبرص، ورئيسة وزراء إيطاليا. الهدف المعلن ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية والشاملة، وهو ما يؤكد تفهم الدور المحورى لمصر فى العلاقات الأوروبية الأوسطية، ولكن الهدف غير المعلن تم الكشف عنه من خلال إعلان الاتحاد الأوروبى، يوم الأحد الماضى، عن حزمة مساعدات بقيمة 8 مليارات دولار لمصر، بدافع الخوف من أن تدفع الضغوط الاقتصادية والصراعات والفوضى فى دول مجاورة مزيدًا من المهاجرين إلى الشواطئ الأوروبية. خاصة أن استضافة مصر لـ9 ملايين مغترب ولاجئ تعد أمرًا ذا أهمية بالغة، حيث إن معظم هؤلاء المهاجرين كانوا يفكرون فى السفر إلى أوروبا، مما أدى إلى عبء إضافى على الاقتصاد المصرى فى توفير احتياجات الضيوف، وهذا استنزف جزءًا من موارد الدولة، ولذلك كان من الضرورى على الشركاء الدوليين مساعدة مصر ودعمها لمواصلة حل هذه المشكلات التى فرضتها التوترات الجيوسياسية والحروب فى المنطقة، مثل السودان وسوريا وليبيا وفلسطين. لذا فإن تقديم الاتحاد الأوروبى المساعدة لمصر لتحصين حدودها، خاصة مع ليبيا نقطة العبور الرئيسية للمهاجرين الفارين من الفقر والصراعات فى أفريقيا والشرق الأوسط، يمثل ذلك أمنًا قوميًا لدول الاتحاد الأوروبى، لذلك فإننا يجب التأكيد على أن القمة المصرية الأوروبية ما هى إلا انعكاس لدور مصر الريادى وحجم قوتها فى المنطقة، خاصة أن مصر والاتحاد الأوروبى يرتبطان بعدد كبير من الاتفاقات الاقتصادية، إذ إن الاتحاد الأوروبى يعد واحدًا من أهم الشركاء التجاريين لمصر، حيث يمثل حوالى 25٪ من إجمالى حجم التبادل التجارى مع مصر. وتضاعفت التجارة الثنائية فى السلع ثلاث مرات تقريبًا منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز النفاذ؛ حيث نمت من 8.6 مليار يورو فى عام 2003 (السنة التى سبقت دخول اتفاقية الشراكة حيز التنفيذ) إلى 24.5 مليار يورو فى عام 2020. كما يعتبر الاتحاد الأوروبى أيضاً المستثمر الرائد فى مصر، حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم حوالى 38.8 مليار يورو تمثل حوالى 39٪ من إجمالى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر. وتظل مصر ثانى أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبى المباشر من الاتحاد الأوروبى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويجب التأكيد على أن مصر حققت عدة مكاسب من وراء هذه الشراكة مع أوروبا، أبرزها أن هذا التعاون يجلب حزمة قدرها 7.4 مليار يورو تصب لصالح الاقتصاد المصرى، ما يسهم بقوة تخطى أزماته الحالية، إضافة إلى هذه القمة بمثابة شهادة دولية وعالمية تسهم فى جذب كثير من الاستثمارات الأجنبية لمصر، مما يعزز من موقفها السياسى والدبلوماسى فى أى مواقف تتبناها، إضافة إلى مصر وظفت هذه القمة لصالح خدمة القضية الفلسطينية من توضيح موقفها الثابت بشأن التهجير وبشأن ضرورة التوسع فى إدخال المساعدات الإنسانية ومواصلة الضغط على إسرائيل للتراجع عن خططها بتصفية القضية من خلال حشد الرأى العالمى ضدها. مع التأكيد أن مصر تمثل لاعبًا أساسيًا فى منطقة الشرق الأوسط وهناك مصالح مشتركة بين مصر والاتحاد الأوروبى، حيث أصبحت مصر بديلًا استراتيجيًا لتصدير الطاقة والغاز إلى أوروبا، وهناك مفاوضات لزيادة قدرات مصر على إنتاج وتصدير الطاقة الخضراء والنظيفة مثل الهيدروجين الأخضر لتصديرها إلى أوروبا.
ولكن تبقى مجموعة من التحديات يجب على الحكومة مواجهتها، مثل تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية وتحقيق الإستقرار الاقتصادى على المدى الطويل. وهو ما ستناوله فى المقال القادم إن شاء الله.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام