رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

كان اللقاء الأول مع الزعيم ياسرعرفات فى القاهرة حين أجريت معه حواراً لمجلة الشباب التى كانت تصدرها آنذاك أمانة الإعلام بالاتحاد الاشتراكى، بعد نحو عامين من رحيل الرئيس جمال عبدالناصر. وكان اللقاء الثانى معه حين اجتمع مع وفد الأحزاب المصرية على هامش انعقاد الدورة السابعة عشرة للمجلس الوطنى الفلسطينى فى الجزائر. أما اللقاء الثالث فكان فى طرابلس اللبنانية حين حاصرت القوات الفلسطينية الموالية لسوريا حافظ الأسد، قوات ياسر عرفات، وأجبرته على الرحيل منها، بعد معارك دامية بين الطرفين. أما المرة الأخيرة، فكانت فى تونس بعد أن استقر بها عقب خروجه مع بقية قوات المقاومة الفلسطينية من بيروت، التى تشتت فصائلها المنضوية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية للإقامة فى سوريا واليمن والسودان وتونس والجزائر، وبعد أسابيع قليلة من إعلان زواجه بالسيدة سها عرفات.
فى كل تلك اللقاءات بدا «أبوعمار» شخصاً شديد التواضع، لا تبدو على حياته وممارساته أى مظهر من مظاهر الرفاهية أو علامات الترف، بخلاف بعض من كانوا حوله ومن هم غيره، من قادة الفصائل المؤيدة أو المعارضة له. وكان الهاجس الكبير الذى يؤرقه مع كل حديث، هو كيف تظل منظمة التحرير الفلسطينية هى الناطق الوحيد باسم القضية الفلسطينية، وألا يؤثرتعدد فصائلها والخلافات السياسية والأيديولوجية بين قادتها على التوحد خلف تلك الحقيقة، لكى تحتفظ المنظمة بقرارها المستقل بقدر الإمكان، وكيف تنجو قيادته للمنظمة من ضغوط الأنظمة العربية، المناصرة له بشروطها والمعادية له بلا أفق للتوقف عن العداء، حتى لو أطاح ذلك بمصالح القضية الفلسطينية، وأسهم فى تهميشها.
ظن نظاما البعث فى كل من العراق وسوريا أنهما قد باتا مؤهلين لقيادة المنطقة العربية، بعد أن غاب الزعيم جمال عبدالناصر عن مشهدها. ولم تكن القضية الفلسطينية، سوى ألعوبة وأداة من أدوات الصراع الأخرى بين البعثين للوصول إلى ذلك الهدف، الذى مر بالتصفية الجسدية لقادة المقاومة ممن يحسبهم كل طرف بالعمل لحساب الطرف الآخر، أو بحجب المساعدات المالية التى كانت تمنح لمنظمة التحرير، لكى يحصر القرار الفلسطينى بين سياسات بغداد ودمشق وطرابلس القذافى فى أحيان أخرى. لكن ذلك هدف لم يتحقق فحسب، بل أضاع البلدين كذلك، بالاحتلال والصراع على السلطة عبر أنظمة المحاصصة الطائفية للمواقع السياسية والحروب الأهلية التى ما أن تتوقف، حتى تعاود الاشتعال من جديد، ليصبح مصير البلدين مرهوناً بقوى خارجية إقليمية ودولية لأجل غير منظور!
وفى الحوار الذى أجرته صحيفة الشرق الأوسط ونشرته على ثلاث حلقات الأسبوع الماضى مع «ياسر عبدربه» أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمستشار السابق لياسر عرفات ما يعزز ما سبق. ووفقاً لشهادة عبدربه، فإن صدام حسين رفض رجاء «أبوعمار» بالانسحاب من الكويت تجنباً لنكبة عراقية بعد الفلسطينية، ورد الرجاء بأنه غزا الكويت لتحرير القدس، فانتهى الأمر باحتلال العراق. وكشف عن كارثة عربية شائعة كفيلة بهدم دول وإسقاط أنظمة تتجلى فى نفاق المسئولين المحيطين بصدام الذين يؤيدون دون مناقشة كل قراراته فى حضوره، ولا يتروعون عن نقدها فى غيابه. وفى نفس السياق فإن حافظ الأسد يغتال كمال جنبلاط، وربما سار ممثلوه فى جنازته، لكنه يستمتع بسؤال عرفات عمن هم قتلته. ومعمر القذافى يوظف أبونضال لاغتيال الرجل الثانى فى حركة فتح صلاح خلف «أبوإياد» لأنه لا يحبه، ولم يكن يبدى إعجاباً بشخصية القذافى، فضلاً عن أنه الساعد الأيمن لعرفات، الذى كانت شعبيته الكاسحة فى العالم العربى، تثير غيرة الزعيم الليبى. لعب واستهانة بمصير القضية الفلسطينية لتصفية حسابات صغيرة والتنفيس عن عقد مكبوتة والتماهى مع أوهام، لا يبشر الواقع العربى والدولى بها قيد أنملة. لكن أهم ما انطوى عليه حوار «عبد ربه» هو أن عدم الإلمام الكافى بالتعقيدات التى تحيط بالقضية الفلسطينية، وربما بالعقيدة الصهيونية، وبينها الاستخفاف بقضية الاستيطان من أجل تركيز السلطة السياسية والنفوذ السياسى، قد سهلت التنازلات أمام الطرف الإسرائيلى لتكريس تلك السلطة، وضعيت فرصاً كان يمكن البناء عليها لصالح التسوية السلمية سواء أثناء سلطة ياسر عرفات أو من خلفوه فى السلطة الوطنية الفلسطينية.
لكن يبقى من المؤكد ما صرح به «ياسر عبد ربه» أن حركة المقاومة الفلسطينية حماس، ما كان لها أن تقدم على ما جرى فى السابع من أكتوبر بشكل منفرد، لو أنها كانت جزءاً من منظمة التحرير الفلسطينية غير المنقسمة، والمهمشة بسبب أخطاء للسلطة الوطنية وللفصائل المتمردة عليها. وهو ما يحتاج من حماس إلى مراجعة حقيقية لجدوى انقسامها عن السلطة ومنظمة التحرير، كما بات عليها أن تبدأ التعامل بواقعية مع الحقائق السياسية الدولية والعربية الراهنة، وأن يكون التضامن الشعبى العالمى مع القضية الفلسطنية هو المدخل لخطوة طال غيابها نحو وحدة الصف الوطنى الفلسطينى بكل فصائله بما فيها حماس والجهاد، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ككمثل وحيد للشعب الفلسطينى. فتلك هى الخطوة الأولى فى الألف ميل الأولى نحو نيل حقوق الشعب الفلسطينى.