رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قليلة هى الكُتب التى تنفع القارئ وتُمتعه فى آن واحد، ولعل أحدث ما قرأته فى هذا التوجه كتاب حديث لرجل العدالة والأدب المخضرم، المستشار بهاء الُمرِّي، يحمل عنوانًا لافتًا هو «القتل باسم الوطن والدين»، والذى تناول فيه وقائع لمحاكمات ومرافعات شهيرة فى قضايا سياسية شهيرة، اعتبر البعض المتهمين فيها أبطالا وفدائيين.

كان الملمح الأهم فى الكتاب هو ما عبّر عنه المؤلف فى مقدمته بقوله بأن القتل قتل حتى لو مورس من أدعياء الوطنية وتجار الدين تحت دعوى استحقاق خصمهم للموت. ويرى المؤلف أن القتلة باسم الوطن والدين يقترفون جريمتين فى آن واحد، الأولى هى القتل تحت وهم تحقيق بطولة زائفة، والثانية هى الكذب والتضليل عندما يزعمون أن قتلهم كان لأهداف مجيدة وأنهم خدموا المجتمع والناس بما فعلوه.

إننا بحسب تصوره إن تركنا للأفراد سلطة الحكم على الناس وكأنهم قضاة ثم تسامحنا فى تحولهم إلى جلادين لتنفيذ ما يصدرونه من أحكام إعدام ضد البعض لصارت الأوطان فوضى.

ويبدأ الكتاب بقضية اغتيال بطرس غالى رئيس الوزراء فى فبراير سنة 1910 على يد شاب عمره 24 عاما، هو إبراهيم الوردانى. فقد تصور القاتل أنه يقتص من رجل خائن لأنه اعتبر قيامه بالتصديق على أحكام محكمة دنشواى وهو وزير للحقانية بمثابة خيانة توجب القتل. والجديد هنا فى نص مرافعة الادعاء بالقضية أننا نكتشف أن الوردانى الذى قيل إنه صيدلى درس فى أوروبا، لم يكمل تعليمه وعاد دون شهادة، واتسم بالهوس والحدة. وقد أطلق ست رصاصات على رئيس الوزراء المصرى بسبب اختلاف فى الرؤية السياسية ليبدأ سلسلة الاغتيالات السياسية فى مصر.

ويستعرض الكاتب تفاصيل قضية اغتيال السير لى ستاك سردار الجيش البريطانى فى السودان سنة 1924 بأيدى خلية متطرفة يتزعمها محامٍ شهير هو شفيق منصور ومعه الشقيقان عنايت وآخرون، وكيف كانت هذه القضية وبالًا على القضية الوطنية وخسارة لحكومة الشعب برئاسة سعد زغلول ودفعت إلى استقالتها اعتراضًا على الإنذار البريطانى. وسمحت للاحتلال البريطانى بفرض شروط مجحفة وتعويضات باهظة على مصر.

وفيما بعد لجأ كل مخالف لآخر إلى السلاح تعبيرًا عن رأيه وادعاء لبطولة كاذبة، فقتل حسين توفيق، ومعه مجموعة من الشباب، أمين عثمان بادعاء أنه صديق للمحتل. وحاول الأشقياء اغتيال النحاس باشا عدة مرات، لكن عناية الله أنقذته. وقتل محمود العيسوي، أحمد باشا ماهر رئيس الوزراء بسبب موقفه السياسي، ثم قتل الإخوان المسلمون القاضى أحمد الخازندار لإرهاب القضاة كى يتعاملوا برأفة مع الإرهابيين فى الجماعة، ووصل الأمر إلى اغتيال محمود فهمى النقراشي، رئيس الوزراء نفسه بعد ذلك لأنه أصدر قرارًا بحل الجماعة.

كما يقدم لنا المؤلف نصوص مرافعات النيابة والدفاع فى قضايا أخرى مثل اغتيال الرئيس أنور السادات، واغتيال الكاتب فرج فوده، مستعرضًا كيف عرض الدفاع تبريرات مختلفة للجناة، وكيف اتسع صدر المحكمة لكل ما يورده الدفاع، وهو ما يؤكد سمو ورفعة ومكانة القضاء المصرى بما يشعر المتحاكمين أمامه بالطمأنينة لتحقيق العدالة المرجوة.

ويخلص المستشار بهاء المرِّى إلى أن العمل السياسى الوطنى لا يكون سريًّا ولا يندرج أبدا تحت ألوية جماعات غير معلنة. ومن هنا فإن مجال العمل الحزبى هو المجال الطبيعى لممارسة السياسة والسعى للتغيير السلمى.

ولا شك أن ما يطرحه الكاتب والكتاب يؤكدان بما لا يدع مجالًا للشك حتمية الإصلاح السياسي، كمسار رئيسى ومهم لاقتلاع كافة الأفكار الهدامة، وتهيئة الشباب للعمل السياسى الحقيقي، وهو ما يليق بالجمهورية الجديدة.

وسلامٌ على الأمة المصرية.