عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القضية الفلسطينية لا تحتاج إلى قضاة أو محاكم دولية، لا تحتاج إلى أسانيد وحجج وبراهين لإثبات مَن صاحب الأرض، القضية الفلسطينية ليست صراعًا بين طرفين لمعرفة أيهما صاحب الحق ومن المغتصب ومن المعتدى، القضية الفلسطينية هى صراع لاستراد حق مسروق وكرامة تُنَتهك وأرض تُغتصب على يد قوى عالمية، ولن يتم استرداد هذه الحقوق بدبلوماسية الابتسامات العريضة أو سياسات التفاهمات المشتركة.

وبعيدًا عن متاهات الساسة ودهاليز السياسة، يمكن تجسيد القضية الفلسطينية فى رحلة على ضفاف الأنهار العذبة المرسومة على وجه الشهيدة الحاجة «هادية نصار»، ثم الذهاب فى جولة إلى عالم المستنقعات ورائحتها الكريهة المطبوعة على وجه الرئيس الصهيونى «الأمريكى سابقًا» جو بايدن، كما وصف نفسه.   

التشابه الوحيد بين الحاجة «هادية نصار» و«جو بايدن» هو تاريخ الميلاد الذى يؤكد أن عمر كل منهما أكبر وأقدم من وجود الكيان المحتل، فالرئيس الصهيونى «بايدن» تجاوز الثمانين عامًا، أما الحاجة «هادية» فمن مواليد 1944 أى قبل الإعلان الرسمى للعصابات الدولية بزرع عصابة لهم فى منطقة الشرق الأوسط باسم إسرائيل، ولتقبل الحاجة «هادية» اعتذارى الشديد أنى قد ذكرتها هنا مع من دعّمَ وشجّعَ الكيان الصهيونى على قتلها.

الرحلة إلى تلك الأنهار المرسومة على وجه «هادية نصار» قبل استشهادها على يد قناص إسرائيلى، وتلك التجاعيد والممرات التى حفرها الزمن على ملامح وجهها المبتسم، تشير إلى أصالة الأرض التى نبتت منها وفيها، وتشير فى الوقت ذاته إلى غشاوة العدوان الدولى وقوته الغاشمة الذى تعرضت له.

كل خط محفور على وجه تلك السيدة يصرخ أمام العالم ويؤكد أنه صاحب الأرض وصاحب الحق، فتلك السيدة رغم سنوات عمرها التى تجاوزت بداية النكبة مرورًا بعمليات الإبادة الجماعية وصولًا إلى محاولات التهجير الوحشية لأهل غزة، تقول بعد إصابتها نتيجة العدوان الإسرائيلى الذى تعرضت له منطقتها فى أكتوبر الماضى: «إن فلسطين أرضنا، أنا متمسكة بالأرض، بلدى لو شحت عليا مريا وأهلى لو قسيوا عليا حناين».

تلك السيدة الشاهدة والشهيدة لم تحمل سلاحًا، ولم تبنِ نفقًا، ولم تخطط لاختراق القبة الحديدية، تلك السيدة لم تصنع طائرة مُسيَّرة تحمل صواريخ «القسام»، ولم تكن تلك السيدة قيادة «حمساوية»  فى عملية طوفان الأقصى، تلك السيدة كانت تحمل معها صورة لفرن خبزت فيه عيشها أكثر من ربع قرن، لذلك كانت رغم شيخوختها خطرًا على الكيان المحتل، لأنها شاهد حى على عدالة القضية وبطش المجتمع الدولى، وكانت أشد خطرًا لأنها أعلنت رغم ضعفها وإصابتها أنها متمسكة بأرضها وطينها وزيتونها الذى أحرقته إسرائيل.

على الضفة الأخرى من تلك الأنهار العذبة التى أشرنا إليها، توجد مستنقعات، تظهر الجانب المظلم والظالم لتلك القضية، يعبر عنها وجه الرئيس الصهيونى «جو بايدن»، فوجه هذا الرجل ممسوح رغم شيخوخته، ربما يشبه تأثير انفجار القنبلة الذرية التى ألقتها الولايات المتحدة على «هيروشيما» وأتبعتها بأخرى على «ناجازاكى»، والذى مسح الأرض من أحيائها.

هذا الوجه يعرف جيدًا لهجات القوة ويجيد لغة المصالح، أما لغة الإنسانية فأصبحت طلاسم مركونة على الهامش، لذلك ستجد الكلمات التى تخرج من هذا الفم المرسوم على هذا القناع المتغطرس، تدور حول التأكيد دائمًا والتباهى أبدًا بأنه صهيونى، وأنه مؤيد قوي جدًا لإسرائيل منذ أن دخل مجلس الشيوخ الأمريكى عام 1973، وأن اباه قال له ليس شرطًا أن تكون يهوديًا لكى تكون صهيونيًا، وأن ابنه متزوج من يهودية وأنه يحتفل بعيد الفصح، مع تكرار تلك المعانى السابقة من وقت لآخر إذا لزم الأمر خوفًا وطمعًا من وفى اللوبى الصهيونى..  تلك هى العجينة التى نشأ فيها والمصنوع منها هذا القناع!

هذا الوجه الممسوح من تضاريس التاريخ الإنسانى لن يشغل باله قتل أطفال رُضَّع ونساء عُزَّل، ولن يؤرق ضميره الميت أن تُهدم بيوت فوق رؤوس أصحابها، ولن يشغل باله اتهامه بكونه شريكًا وداعمًا فى عمليات إبادة لشعب بأكمله.

الخلاصة.. إن فشل نداءات الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بوقف هذا العدوان الغاشم على غزة بأى ثمن لاعتبارات إنسانية، تقول لنا إن استرداد الحقوق المسلوبة لا يأتي  بدبلوماسية الابتسامات العريضة و«التكشيرات» المزيفة أو سياسة التفاهمات المشتركة، وتؤكد لنا أن تلك المستنقعات وهذه الوجوه قد نفد اقتصادها الأخلاقى، ولم تعد تعرف ماهية الشرف أو معنى الإنسانية، كى نطالبها بوقف عدوان تدعمه سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا!!

[email protected]