رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساء، معلنة موعد إرسال الطبعة الثانية لجريدة الوفد.. عندما لاحظت إشارة عاجلة على وكالات الأنباء بانفجار ضخم بأحد مواقع جيش الاحتلال.. ولم تضف الوكالات كلمة واحدة بعد ذلك.. أخبرت دكتور وجدى زين الدين.. وكان المسئول عن الطبعة وقتها «فى بدايات الألفية الثانية».. فأجابنى بأنه ليس هناك وقت للانتظار.. ومع ذلك لا يمكن تجاهل الخبر!.

فتوجهت على الفور لقسم الاستماع.. وأعدت ضبط طبق الاستقبال لالتقاط بث القنوات الإسرائيلية.. فإذا بمراسل القناة الثانية العبرية من الموقع يخبر المذيع بغلق المنطقة.. ومنع جميع وسائل الإعلام من الاقتراب.. ولا أحد يعلم ما حدث بالضبط هناك عند معبر «محفوظة».. فإذا بالمذيع يجرى اتصالا هاتفيا على الهواء بمدير هيئة الإسعاف «مدا».. فيخبره بأنه تم نقل جثث 40 جنديا بعدما فجرت المقاومة مبنى داخل معسكر عبر الأنفاق.. وأكد مدير الإسعاف أن عدد المصابين وربما القتلى تحت الأنقاض يقدر بالمئات.. أعدت الخبر سريعا.. فالتقطه على الفور د وجدى رغم علمه بتجاهلى لوكالات الأنباء والبيانات الرسمية.. وكان مانشيت جريدة الوفد.. «مصرع 40 جنديا وإصابة المئات فى عملية نوعية للمقاومة عند معبر محفوظة».. وفى اليوم التالى ومنذ أول لحظة لدخولى الجريدة.. أخبرنى كل من رآنى أن أستاذ عباس الطرابيلى «رحمة الله عليه» يسأل عنى بإلحاح منذ الصباح الباكر.. شعرت بكارثة ما حدثت.. توجهت مباشرة إلى جهاز الكمبيوتر لمراجعة وكالات الأنباء.. فإذا بها جميعا قد بثت خبرا واحدا فى السادسة صباحا.. عبارة عن بيان مقتضب لمكتب رئيس الوزراء «فى حينه» ارييل شارون.. يفيد بمقتل جندى واحد وإصابة 6 آخرين فى الهجوم.. وكان هذا هو العنوان الأوحد الذى تصدر جميع الصحف المصرية والأجنبية.. باستثناء جريدة «الوفد».. والتى انفردت أيضا بشرح كيفية تدمير الموقع.. دخلت إلى مكتب الأستاذ عباس.. فإذا به يشتاط غضبا.. وبحدة سألنى.. «إيه يا أستاذ العنوان إللى نازل عندنا النهاردة».. قلت «ده إللى حصل بالفعل».. فإذا به يضع أمامى كل الصحف وتقارير وكالات الأنباء.. قائلا «عايز تقول إن انت اللى صح وكل دول غلط؟».. فابتسمت قائلا «نعم نحن أصحاب السبق».. وما إن شرحت له ما حدث، حتى تحولت ملامح وجهه إلى علامات السرور والتقدير لما انفردت به الوفد.. انتهى الموقف مع رئيس التحرير.. لكنه لم ينته بالنسبة لى أبدا.. تتبعت آلية نشر الأخبار فى الكيان المحتل طويلا.. ووصلت إلى نتيجة مفادها.. إذا كان القتلى والمصابون عسكريين كانت الأرقام أقل ما يكون إن لم يستطيعوا إخفاء الخبر من أساسه.. أما إن كانوا من المدنيين فيتم تضخيم القتلى إلى أقصى حد ممكن لتسول التعاطف الدولى.. أما تصريح مدير الإسعاف فتم منع إعادة بثه أو نقله عبر أى وسيلة إعلام أخرى.. هذا بخلاف بث الأخبار الكاذبة.. أو حذف أخرى بعد نشرها.

ومع انطلاق عملية «طوفان الأقصى» ازدادت هذه السياسة حدة وعنفا.. فبدأ الاحتلال فى ممارسة الإرهاب ضد الصحفيين دون تمييز.. حتى استشهد 40 صحفيا بنيران جنوده فى عدة أيام.. كما فرض رقابة عسكرية مشددة على جميع وسائل الإعلام.. واقتحامات وإغلاقات غير مسبوقة لمكاتبها، وهو ما يؤكد حالة الضعف والهلع والفشل التى يعيشها الاحتلال الآن.. بجانب عجزه التام عن فرض أكاذيبه على العالم كالمعتاد.. أما أنا فأدرك جيدا أن حصيلة قتلى جنود الاحتلال وهزائمهم أكبر بكثير مما يعلن عنه.. ومن أجل ذلك قتلوا الصحفيين، لتموت معهم الحقيقة.