عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

دافع عن الإسلام وحاول أن يدحض الكثير من الافتراءات التى كتبها بعض الكتاب عن تعدد الزوجات، كما دافع عن حجاب المرأة المسلمة فذكر: «أن العلامة المميزة للمرأة المسلمة والسيدة المسلمة هى المحافظة على الفضائل».

حرص على تعلم اللغة العربية ما مكنه من الاطلاع على التراث الإسلامى وأعجب بتسامحه مع الأديان الأخرى وأكد على تسامح المصريين وإنسانيتهم والوفاق السائد فى مصر بين المسلمين والأقباط واشتراك الجميع فى جميع الاحتفالات الإسلامية والوطنية.

قبل أن يصل الرحالة الفرنسى جيرار دى نرفال، أو جيرار لابرونى إلى القاهرة قام بالاطلاع على العديد من الكتب والوثائق، ولما وصل إلى القاهرة كان يتردد بانتظام على مكتبة أنشأها الفرنسيان بريس دافن والدكتور أبوت، وكان بالمكتبة كتب تتحدث عن مصر، وكانت تلك المكتبة ملتقى المثقفين الأوروبيين فى القاهرة.

كانت رحلته ضرورية لنقاهته الروحية وسعيه لإشباع رغبته القديمة والدفينة للهروب من فرنسا، وكانت مصر وقتها محطة للرحالة والمغامرين والجواسيس الأجانب والذين بدأوا فى التوافد على مصر من الدول الأوروبية وعلى الأخص فرنسا وبريطانيا بعد النهضة التى أحدثها محمد على.

بدأ «لابرونى» رحلته من باريس إلى مصر بالباخرة، وقبل أن ترسو الباخرة فى الميناء يستقبل التراجمة القوارب، ويحاولون الصعود إلى الباخرة لالتقاط الأجانب الراغبين فى اصطحاب تراجمه لمرافقتهم فى رحلتهم داخل البلاد، ومساعدتهم فى التعامل مع رجال الحكومة والأهالى.

وكان «الترجمان» فى ذلك الوقت بمثابة المرشد السياحى للأجنبى، ومن هؤلاء التراجمة صعد الترجمان عبد الله الذى رافق «لابروني» أثناء رحلته فى مصر.

صعد الترجمان عبد الله للباخرة بمجرد وصولها إلى مياه الإسكندرية، ولم يكن من بين القادمين على متن الباخرة ركاب من الإنجليز، وهو ما جعل عبد الله يقبل على مضض مصاحبة الفرنسى «لابرونى»، فقد كانت نظرة التراجمة الى الفرنسيين باعتبارهم أقل شأنا من الإنجليز.

تجول «لابرونى»، مع عبد الله فى الحى اليونانى وحى الأقباط، ولكنه لم يسترح إلى السكن فى قصور الحى اليونانى وانتهى به الأمر إلى بيت تمتلكه قبطية تسكن فى حى الأقباط، كان المنزل يسكنه إنجليزى ورحل عنه، وتم استدعاء شيخ الحى لكتابة العقد، وتسلم مفتاح بيته الخشبى، والذى كان عليه أن يعلقه فى رقبته، وقام بتأثيث بيته بقفص كبير من الجريد، وتم صنع وسائد وأرائك للجلوس، على أن تتحول الوسائد فى الليل الى مراتب للنوم.

بات «لابرونى»، فى منزله الجديد ليلة واحدة، وفى صباح اليوم التالى،جاء شيخ الحى ومعه كاتبه وزنجى يحمل له الغليون، وطلبا منه أن يغادر البيت، ويأخذ نقوده التى دفعها.

ويعد كتاب  «الرحلة إلى الشرق» الذى يحوى مجموعة حكايات، أعدها»لابروني» ببراعة فائقة بعد عودته إلى فرنسا، هو نتاج زيارته لمصر التى استهوته مساجدها أكثر من قبور الفراعنة، وكان يرى أن هناك سرا غامضا وراء نقاب النساء اللائى لا ترى منهن إلا أقراط الأذن ونظرة خفية من عيون سوداء.

يقول «لابروني» إنه فى ليلته الأولى فى القاهرة كاد الحزن أن يقتله، وأن القاهرة أحبطته، عندما بدا يغوص فى الأزقة المعقدة للشوارع الضيقة المتربة عبر زحام المارة بملابسهم المتواضعة، وتكاثر الكلاب والجمال مع اقتراب المساء الذى تهبط ظلاله سريعا بفضل الغبار الذى ينعقد فى السماء وفى أعالى البيوت.

كان لديه شعور بالإهمال والوحدة والسجن، وبأنه مقيد الخطى، ولكن مرور موكب من مواكب الأفراح الصاخبة المضيئة أمامه، فتح له منظورا آخر أنعش روحه.

وأثناء رحلته إلى الشرق ازدادت قناعته بأنّ الحياة الحقيقيّة توجد فى آفاق بعيدة أخرى، ولم تكن رحتله سفرا عاديّا، فطوال مدتها، حاول البحث عن لغة العالم المخفيّة.

حفظ الله مصر وأهلها. 

 

[email protected]