رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

«للبيت رب يحميه».. كنت كلما سمعت تلك المقولة انتابتنى حالة من الدهشة والاستنكار على ذات النحو الذى بدا على أبرهة الحبشى مع اختلاف الأسباب طبعا. من الصحيح بل والواجب استلهام الأمل من مساندة الله لكل ما هو حق، إلا أن فكرة إلقاء التبعة عن الذات وترحيلها إلى الغير، أيا كان هذا الغير، بدت لى تحمل نوعا من التواكل. كانت الفكرة تعيدنى، مع بعض الفوارق، إلى التراث اليهودى فى التعامل مع النبى موسى، وإن بشكل مختلف «اذهب وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون».

استعدت تلك الخواطر على وقع الحرب الإسرائيلية على غزة، والتى أوحت لى بصدق المقولة التى قال بها عبدالمطلب جد النبى (ص)، وأنها عبرت عن إيمان فطرى ربما تجاوزه من يحاولون عقلنة الأمور من أمثالى. لا أريد الدخول فى مزيد من فلسفة الموقف، ولكنه فى تصورى، يعبر عن أهمية فكرة الإيمان بقوة غيبية – الله فى الأديان السماوية–تدير الكون وهى الفكرة التى لازمت الإنسان منذ بدء وجوده على الارض. نظرية «للبيت رب يحميه» اذا صح تصورها كذلك هى تعبير عن حالة ضعف إنسانى قاهرة عبر عنها القرآن بقوله: «أمن يجيب المضطر اذا دعاه»، وقد زادها الكتاب الكريم توضيحا حينما راح يكشف جانبا من الطبيعة البشرية الهشة التى تلوذ بالله فى الملمات فى قوله :»حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت...».

كل التطورات والمؤشرات فى الحرب على غزة تفرض علينا، من منظور مقارن، فكرة التعاطى معها بمنطق عبدالمطلب والإيمان بأن الله سيحميها. صحيح أنه قد يبدو لك منطق متواكل، بالشكل الذى بدا به منطق عبدالمطلب لشخص مثلى، ولكنه مع التفكير سيبدو لك أنه المنطق الواجب إزاء تباين القوة بين العجز الشديد لطرف فى المواجهة والقوة القاهرة لدى الطرف الآخر، كلنا عبدالمطلب – أنا وأنت– وإسرائيل أبرهة!!

إذا بدا كلامى غريبا أرجو منك أن ترسم لى خارطة طريق لما يمكن أن تفعله كمواطن عربى – وليس نظامًا فتلك قصة أخرى؟. تقاطع المنتجات الغربية.. قاطع! تتظاهر وتشجب! صعب لكن افعل ليس من بأس! كل ذلك ليس سوى قطرة فى محيط وليس بحرًا!  ليس مبالغة أن أقول لك إن غزة تواجه حربا عالمية من نوع جديد يشارك فيها الصديق قبل العدو، فإذا كانت الحرب العالمية عبارة عن أطراف فى مواجهة أطراف أخرى على شاكلة الحربين الأولى والثانية، فإن حرب غزة تضيف تصورا جديدا لمفهوم الحرب العالمية وهو أنها حرب طرف واحد ليس دولة فى مواجهة أطراف بالغة الفعالية فى النظام الدولى، والتراجيديا إنه طرف بالغ الضعف، بالغ الهزال فى مواجهة أطراف تملك كل أنواع القوى التى يمكن لك تخيلها!

المفارقة أن هذا الطرف الضعيف يقدم ملحمة أسطورية فى المواجهة أتصور أنه يجب أن يتم نسج خيوط حكايتها لتضاف إلى سلسلة الملاحم الإنسانية الخالدة مثل حرب وحصار طروادة!

على أمل أن تسامحنى على تلك الحالة من الشطط فى التفكير والخيال، أتساءل: هل يجوز لنا أن نتصور أن ذلك الشعب الأعزل المقاوم فى غزة هو جند الله؟. صحيح أن القرآن ذكر أنه «وما يعلم جنود ربك إلا هو».. لكن التخمين والاجتهاد فى تحديدهم وارد. بهذا المنطق ربما يجب أن نكون على يقين بانتصارهم مصداقا لقوله تعالى» وإن جندنا لهم الغالبون».. بعيدا عن التصور القاصر لديك أو لدىّ بشكل تلك الغلبة أو ذاك النصر.. فذلك أمر آخر.

اللهم انصر إخواننا فى فلسطين.

Mostafa1962@yahoocom