رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شاهدت مؤخرا فيلم «كيرة والجن»، بعد عرضه على إحدى المنصات التلفزيونية، والذى يحكى جانبا هاما من تاريخ مصر خلال الاحتلال البريطانى، وكيف غيرت ثورة 1919 حياة الناس، وكيف طورت أفكارهم، وتصوراتهم بشأن الحياة.

وفى الحقيقة، فإننى لم أكن أتصور أن هناك عملًا سينمائيًا يمكن أن يقدم بعض أحداث ثورة 1919 الخالدة بهذه الحيوية والإثارة، حتى شاهدت الفيلم الذى عمل جميع المشاركين فيه بشكل احترافى.

بالطبع أعجبنى الفيلم، قصة، وأداءً، وإخراجًا، وديكورًا، وموسيقى، وشعرت بألفة حقيقية مع الأحداث التى سبق وقرأت الكثير عنها فى كتب التاريخ.

غير أن أفضل ما شعرت به بعد المشاهدة هو أن هذا العمل يقيم جسرًا قويًا بين الأجيال الجديدة المنبعثة فى حقبة ما بعد العولمة، والتطور التكنولوجى، ومواقع التواصل الاجتماعى، وبين ماض عظيم تعرض لتشويه وتهميش متعمد طال عدة سنوات حتى توارى ذكر كثير من العظماء والأبطال الذين قدموا تضحيات عظيمة من أجل مصر.

لقد كنت أشعر بالأسف الشديد من نفور كثير من الشبان من التاريخ المصرى الحديث، وشيوع حالة من اللامبالاة تجاهه، تحت تصور ذائع يقول إن دراسة التاريخ ومعرفته لا تفيد ولا تضر. وقطعًا فإن الأمم العظيمة تتعلم من دروس التاريخ ما ينير لها حاضرها ومستقبلها.

ولا شك أن الفيلم أعادنى روحا وعقلا إلى استذكار سير مناضلين عظماء كافحوا وضحوا فى سبيل الوفد، ووصلتنا سيرهم بدءا بالزعيم سعد زغلول، ومذكراته الرائعة والماتعة، ومرورا بسير ومذكرات عبدالرحمن فهمى، وعريان سعد يوسف، وأمين فخرى عبدالنور، وغيرهم.

تذكرت أيضا أن تاريخنا يُمكن أن يقدم بصورة جذابة ورائعة إن تخلى مدونوه عن أغراضهم وتوجهاتهم المسبقة، وكتبوا باستقلالية وتجرد مُنحين الجوانب العاطفية جانبا. لقد كان من المؤسف أن التدوينات الأولى لتاريخ ثورة 1919 تمت فيما بعد ثورة يوليو 1952، وكان واضحا أن هناك رغبة قوية لدى صناع القرار فى تشويه الثورة ووصفها دائما بالفشل، وإنكار آثارها على الإنسان جيلا بعد آخر. وربما كان ذلك دافعا لتوليد حالة نفور شديدة سادت لدى قطاع كبير من المثقفين تجاه التاريخ المدون والذى وصفه البعض بالتاريخ المدرسى.

لقد كان الفيلم بمثابة رسالة قوية دالة على عمق الوحدة الوطنية، وإيمان الناس بضرورة التحرر من أى احتلال أو هيمنة أجنبية. إن أبناء البلد الواحد يتكاتفون دوما صفا واحدا أمام كل خطر خارجى، وينبذون صراعاتهم وينحون خلافاتهم جانبا.

وبعيدا عن التاريخ فإن الفيلم يؤكد لنا أن الفن هو أقوى أداة تأثير فى الناس، وأن فنونًا عظيمة مثل الموسيقى، السينما، والدراما يُمكن أن تُغير عقول وسلوكيات البشر، وتعيد بناء تصوراتهم بشأن القضايا الكبرى.

ومادامت مصر تمتلك كوادر فنية وإبداعية عظيمة تشكل طيفا من أطياف القوى الناعمة للبلاد وقدراتها  فى التأثير الحضارى فيما حولها من مجتمعات وشعوب، فإن توظيف القوى الناعمة واستغلالها بالشكل الأمثل ضرورة من ضرورات التأثير الإقليمى.

وسلامٌ على الأمة المصرية.