عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

«محكمة الأسرة يا أسطى»! هى محطة لسيارات السرفيس والأتوبيس غير متعمدة رسمياً، لكنها موجودة فى الواقع الذى فرض الصراع الأسرى، أو أن الأسرة فرضته على نفسها ليكون البقاء للأقوى فى ظل صراع القوة الذى اختفت فيه الإنسانية وتم تغليب «الأنا» وضاع فيه الصغار.. عندما يصل «الباص» إلى المنطقة الشهيرة فى إمبابة.. الكيت كات، أصبح بعض الركاب لا يطلبون، - كما كانوا - النزول أمام الثقافة، أو معهد القلب، أو بنك مصر، أو حتى محطة المترو الجديدة، ولكن نجد نساء وأطفالاً وبعض الرجال يصرخون من آخر الباص محكمة الأسرة يا أسطى! ما جعل الأسطى يضيف محكمة الأسرة التى تقع فى هذا المكان إلى جدول التنبيه على الركاب.

أنشئت محكمة الأسرة عام 2004، للنظر فى جميع قضايا الأحوال الشخصية والتى تشمل الطلاق والنفقة والأجور سواء بالنسبة للزوجة أو الأولاد أو الأقارب، وكذلك حضانة الأطفال.. وكان الهدف الأساسى من تلك المحكمة هو حصر كل قضايا الأسرة فى محكمة واحدة لضمان تحقيق العدالة السريعة وإحباط محاولة أى من الطرفين المتنازعين بزيادة معاناة الآخر عبر إقامة دعاوى فى محاكم متباعدة لاطالة أمد القضية وتشتيت الجهد والمال. وتوجد محكمة الأسرة داخل كل محكمة جزئية فى مصر، كما توجد دوائر استئنافية متخصصة داخل كل محكمة استئناف للنظر فى الطعون على محاكم الأسرة. جاء صدور القانون رقم 10 لعام 2004 بإنشاء محاكم الأسرة تتويجًا لعمل جماعى بدأ بمبادرة من المجلسين القوميين للمرأة والطفولة والأمومة والجمعيات الأهلية، وقامت فلسفة القانون على ضرورة احترام التخصص وتوحيد جهة التقاضى لجميع مسائل الأحوال الشخصية، وكان الاتجاه إلى المحاكم المتخصصة من أهم وسائل تحديث إدارة العدالة ومعالجة بطء التقاضى، ولذا فقد أنشأ القانون محاكم متخصصة للأسرة يتولى القضاء فيها قضاة متخصصون ونيابة متخصصة فى شئون الأسرة، وقد راعى القانون خصوصية طبيعة المنازعات بين الزوجين وهو ما يترتب عليها من آثار يكون الأبناء أول ضحاياها، لذا أكد القانون على ضرورة استعانة المحكمة بخبيرين أحدهما اخصائى اجتماعى والآخر نفسى على أن يكون أحدهما على الأقل من النساء تقديراً لأهمية الاستفادة بخبرة المرأة فى هذا المجال، كما اهتم القانون بتوحيد جهة التقاضى تيسيراً على الأسرة فجعل محكمة الأسرة التى ترفع أمامها أول دعوى هى المحكمة صاحبة الاختصاص فى جميع مسائل الأحوال الشخصية، بحيث لا تحتاج الأم أو الأب أو الأبناء إلى اللجوء لمحاكم متعددة للحصول على حقوقهم.

محاكم الأسرة ليست خاصة بالدفاع عن حقوق المرأة فقط، وهناك الكثير من القضايا التى من حق الزوج أن يرفعها على زوجته وهى قضية الرؤية، قضية تعويض عن عدم تنفيذ الرؤية، قضية اسقاط حضانة إذا توافر أحد أسبابها، قضية إبطال مفروض نفقة لو توافر أحد أسبابها، قضية استرداد ما تم صرفه بدون وجه حق، قضية فسخ عقد زواج، قضية نشوز، قضية تخفيض نفقة، أمر وقتى بمنع الأطفال من السفر. كما يحق للزوجة رفع قضايا على الزوج فى حالة الطلاق: نفقة زوجة، نفقة متعة، نفقة عدة، مؤخراً تمكين مسكن الزوجية، نفقة صغار، استرداد قائمة المنقولات، مصاريف مدرسية للأولاد، نفقة ألعاب أطفال، مصاريف بالتعويض عن الأضرار التى لحقت بالممتلكات المنقولة، مصاريف علاج الزوجة والأولاد، أجر حضانة، أجر مسكن فى حالة عدم وجود مسكن، حضانة ضم الصغار.

أحكام «الأسرة» تعرضت لعملية فرملة بعد صدور حكم جديد يجيز الطعن على أحكام الأحوال الشخصية أمام محكمة النقض.

وأصبحت بهذا الحكم لا تختص محكمة الأسرة ببطلان الحكم الصادر منها، أو تتصدى لمنع الخصوم من الطعن. صدر الحكم من دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة النقض، وأرسى الحكم مبدأ قضائياً جديدًا يلغى حكم المادة «14» من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر عام 2004 وحكم المحكمة الدستورية العليا الذى رفض الطعن على هذه المادة مما يفتح المجال لعودة الطعن بالنقض حال كانت الأسباب والدفوع متعلقة بالنظام العام على أحكام الاستئناف للأحوال الشخصية، وهو حكم يهم ملايين المتقاضين.

كل ذلك وما زال قانون الأحوال الشخصية حائراً، وما زال البحث مستمراً عن قانون متوازن يرضى كل الأطراف ويحقق الاستقرار للأسرة المصرية، وفى المقدمة حقوق الطفل، بعيداً عن اللدد فى الخصومة، والصراع بين المرأة والرجل لتحقيق هدف لمن تكون الغلبة، فلا بد النظر إلى مصلحة الضحايا فى هذا السباق المحموم وهم الأطفال بصرف النظر عن الفائز فالكل سيكون خاسراً أمام دمعة طفل محاصر من نار الصراع!