رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

روشتة لتصحيح السياسات الاقتصادية

مشروع استثمارى كبير
مشروع استثمارى كبير

مطلوب صناعة قصص نجاح حقيقية للقطاع الخاص فى مجال الاستثمار

 

لا يحتاج المرء لدلائل عديدة للتأكد من وجود أزمة اقتصادية كبيرة قد تكون غير مسبوقة، فمعدلات التضخم خاصة فى السلع الغذائية والأساسية ارتفعت لمعدلات هى الأعلى فى تاريخ مصر منذ ثورة يوليو.

وبعيدا عن الأرقام الرسمية، فإن أحدا لا يُمكن إنكار موجات الغلاء المتسارعة التى تشهدها الأسواق، وهو ما صاحبه بطبيعة الحال تباطؤ شديد فى حركة البيع والشراء للسلع غير الأساسية.

لكن كل هذا لا يعنى أن الأزمة الاقتصادية أكبر من الخروج منها كما يقول روبرت سبرنج بورج الباحث البريطانى الذى يُقدم نفسه دائما باعتباره متخصصا فى الشأن المصرى.

فالواقع يقول إن هناك جوانب مُهمة فى بنية الاقتصاد المصرى تتجاوز المؤشرات المعتادة ربما أهمها أن النسبة الحقيقية للاقتصاد غير الرسمى تزيد عن نسبة الاقتصاد الرسمى. كذلك يتميز الاقتصاد المصرى بديناميكية لافتة تساهم فى التحول من نشاط إلى آخر بسرعة وقت الأزمات.

أزمة الصرف وقتية وقابلة للحل.. ولا بد من ضبط مسار الدين الخارجى

موارد دولارية معقولة

فضلا عن ذلك، فإن وجود أزمة حادة فى النقد الأجنبى، لا يعنى بالضرورة إفلاسا، أو انهيارا اقتصاديا كما يشيع البعض، خاصة إذا علمنا أن موارد النقد الأجنبى الحقيقية فى مصر تقارب المئة مليار دولارا سنويا، وهو رقم كبير بالنسبة للأسواق الناشئة. فالقيمة الفعلية للصادرات تقترب من 40 مليار دولار، كما أن عائدات السياحة تقدر بنحو خمسة عشر مليارا، وتقارب عائدات قناة السويس العشرة مليارات دولارا، بينما تقترب قيمة تحويلات المصريين بالخارج من ثلاثين مليار دولار.

وإذا علمنا أن قيمة الواردات السنوية تتراوح بين 80 و90 مليار دولارا، فإننا ندرك أننا قادرون على استيفاء وارداتنا السنوية بشكل طبيعى. غير أن المشكلة الحقيقية تكمن فى أقساط الديون الخارجية التى يتم سدادها والبالغة على سبيل المثال خلال العام الحالى نحو 25 مليار دولار، وهذا ما يؤدى إلى فجوة فى العملة الأجنبية ينتج عنها قلة معروض منها فى السوق المصرفى.

ضبط ميزان الديون

وما تحتاجه مصر بشكل واضح وسريع وحاسم هو سياسات تصحيح مسار تركز فى البداية على ضبط أسلوب الاستدانة الموسع الذى قفز بالدين الخارجى إلى أكثر من 170 مليار دولار، وتحسين مناخ الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص لتحقيق زيادات كبيرة فى الصادرات، والتى من الممكن ـ دون شعارات دعائية ـ الوصول بها إلى أكثر من ستين مليار دولار خلال عامين على الأكثر.

ويرى خبراء اقتصاد، أغلبهم متعاملون فى المشروعات الصناعية، ضرورة وضع سياسات طمأنة وتشجيع للقطاع الخاص لاستعادة دوره فى الاقتصاد.

ويرى كثيرون أنه يمكن إعادة تصحيح المسار بسياسات مرنة تتضمن تحرير سعر الصرف تحريرا حقيقيا بشرط توافر سيولة دولارية تُمكن البنك المركزى من كبح جماح أى مضاربات مقصودة على العملة الصعبة.

لكن الأهم فى نظر هؤلاء هو تخارج القطاعات العامة من الأنشطة الاقتصادية وجذب استثمارات خاصة كبرى سواء أجنبية أو محلية.

مصطفي مدبولي

لقد كانت وما زالت مشاركة القطاع العام الجديد فى كافة المجالات والقطاعات الاقتصادية تضيف أعباء ثقيلة على كاهل الحكومة إلى جانب الدور المفترض لها من الإشراف والتنظيم والرقابة على الأنشطة الاقتصادية. فضلا عما يمثله ذلك من منافسة تفتقد للعدالة فى ظل إعفاء الجهات المنافسة من الضرائب والجمارك، وهو ما أثر بشكل واضح على نصيب القطاع الخاص من الإئتمان فى مصر حيث بلغ عام 2019 نحو 32% بينما كان فى 2007 نحو 64 فى المئة.

وربما كان من المقبول أن يطغى دور الدولة على القطاع الخاص فى بعض الأحيان نتيجة ظروف بعينها، لكن استمرار الوضع يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادى، خاصة فى ظل احتياج الاقتصاد المصرى لاستثمارات أجنبية ومحلية ضخمة، نظراً لوجود حاجة لتوفير نحو 900 ألف فرصة عمل سنويا وفقاً لتقدير البنك الدولى، وهو ما لا يمكن لأى حكومة توفيرها منفردة. وبنفس القدر يؤكد صندوق النقد أن الحكومات لم تعد مسئولة عن توظيف الراغبين فى العمل، ولا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية اعتمادا على فرص عمل مؤقتة أو دائمة توفرها الحكومة.

إن هناك اتفاقا عاما بين الاقتصاديين بأن خروج مصر من الأزمة الاقتصادية يتطلب إتاحة فرص حقيقية وعادلة للاستثمار دون منافسة من القطاع العام الجديد المتمثل فى كيانات محسوبة على جهات عامة قد تتمتع بإعفاءات بعينها.

استعادة القطاع الخاص

ولا شك أن لاسترداد فاعلية القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى يستلزم تفعيل المحاكم الاقتصادية بما يحد من بطء التقاضى، وتثبيت الضرائب والرسوم والأعباء التى يتحملها المستثمرون وعدم زيادتها لعدة سنوات، والحد من البيروقراطية الحاكمة للجهاز الإدارى، فضلا عن تخارج الجهات الحكومية من القطاعات غير الاستراتيجية فى الاقتصاد.

ومن التوصيات الهامة لتصحيح المسار الاقتصادى أن يتم إعادة النظر فى آلية الاستعلام الأمنى عن المتقدم للاستثمار نظرًا لطول المدة الزمنية والتى قد تستغرق مع بعض المستثمرين الأجانب سبعة شهور، ويقترح الاكتفاء بالإخطار وألا تتجاوز فترة الاستعلام ثلاثين يومًا.

فضلاً عن وضع استراتيجية واضحة لتخصيص الأراضى وتوفيرها وتوحيد إجراءات وشروط التخصيص، ودعم هيئة التنمية الصناعية بالمزيد من المخصصات المالية لزيادة القدرة البشرية والإدارية والتقنية وتمكينها من التوسع والانتشار فى كافة المحافظات.

إلى جانب إلغاء التقدير الجزافى تمامًا فى الضرائب، وعمل رقم قومى للمنشأة يتم التعامل به مع كافة أنواع الضرائب، ووضع نظام ضريبى مبسط خاص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعديل قانون الضريبة العقارية.

كذلك تسهيل إجراءات رد رسوم الأمانات والرسوم الأخرى التى يتم تحصيلها، وتطبيق نظام الإفراج بالمسار الأخضر للمصانع والشركات التى تحتفظ بسمعة طيبة فى الاستيراد.

ومن بين توصيات القطاع الخاص عدم إصدار أى قرارات تخص الاستيراد إلا بالرجوع لوزارة التجارة والصناعة، وخفض فترة الإفراج الجمركى من 16 يومًا إلى 24 ساعة، والعمل بنظام إدارة المخاطر، وتطور المنافذ الجمركية وربطها إلكترونيًا، ودراسة تقسيط تكاليف المرافق لفترة تتناسب مع حجم المشروع وتيسير السداد على المشروعات الصناعية.