رؤية
لا شك أن وجود متحدث رسمى باسم الحكومة يُعد حاجة ماسة تتطلبها مقتضيات التطور والانفتاح الإعلامى، وعنصرًا من عناصر بناء الدولة الحديثة، كما أن عدم قناعة بعض المسؤولين بأهمية ودور وسائل الإعلام (التقليدى – الحديث) يمثل تحديًا واضحًا أمام الإعلاميين.
وقد سرنى أن يتناول «الحوار الوطني» موضوع توفير المعلومات وأهمية الوصول لتشريعات منظمة وحاكمة لآليات تقديمها، وما أثير حول دور المتحدث الرسمى باعتباره الممثل الحكومى وحلقة الوصل فى سياق توفير المعلومات.
ونحن فى انتظار اكتمال وجود منظومة قوانين تنظم الإعلام الإلكترونى وحق الحصول على المعلومة، فإن وجود المتحدث الرسمى يعد ضرورة مهمة، ويحد من انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة، ويوفر مرجعية يمكن أن يعتمد عليها الإعلام للحصول على معلومات، وفض مشاكل متعلقة بآلية حصول الصحفيين على المعلومات بطرق غير مباشرة ودخولهم فى قضايا مساءلة قانونية مع المؤسسات الحكومية.
وتذكر الدراسات التى أجريت فى الفترة الأخيرة أن غياب دور المتحدث الرسمى يؤدى إلى تعدد مصادر الحصول على المعلومة، ويفقدها الدقة والمصداقية، كما دعت تلك الدراسات إلى تقديم تأهيل وتدريب جيد للعاملين فى أقسام العلاقات العامة والإعلام بالمؤسسات الحكومية بما يمكنهم من التعاطى الجيد مع وسائل الإعلام.
يجب أن يتحلى المتحدث الرسمى فى الجهات الحكومية بمواصفات لعل من أبرزها أن يكون هو صاحب المبادرة بالتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة سواء تقليدية أو جديدة، وألا يكون ديدن عمله فقط هو رد الفعل لما قد ينشر عن الجهة التى يمثلها بين الفينة والأخرى، بل يكون تواصلًا مع وسائل الإعلام لتوضيح كل ما يستجد على جهته من أعمال أو مشاريع وتطورات، وهذا من ثمرته بناء ثقة متبادلة بين الجهة التى يمثلها ووسائل الإعلام والجماهير المعنية بخدماتها.
ولا ريب أن من شأن تعزيز هذا التواصل تحقيق المصداقية لدى الرأى العام فى ما تقدمه الجهة التى يمثلها المتحدث، ومن الأهمية بمكان أن يكون المتحدث الرسمى مُلمًا إلمامًا كاملًا بالمهام وبهيكلة الجهة التى يمثلها وبعلاقتها بالمشاريع والخدمات التى تقدم للمواطن، وهذا الإلمام سيجعل المتحدث الرسمى قادرًا على الرد باحترافية ومن خلال الحقائق والأرقام على كل ما يصدر عن وسائل الإعلام.
أذكر بالمناسبة أن سبق وتقدم أحد من قاموا بدور المستشار الإعلامى لوزارة التربية والتعليم فى عهد الوزير الرائع د. طارق شوقى باستقالته، وقال المتحدث فى بيان رسمى إن الدكتور طارق شوقى لديه أفكار جادة لتطوير التعليم والنهوض بالعملية التعليمية بجميع أطرافها، مشيرا إلى أن هذه الأفكار تحتاج إلى الاستعانة بخبراء من خارج الوزارة يكونون قادرين على تطبيقها والعمل على إنجازها، بعيدا عن الشللية والبيروقراطية التى تسيطر على ديوان الوزارة. وطالب المتحدث الوزير بإعادة النظر فى جميع قيادات وزارة التربية والتعليم والاستعانة بقيادات تفكر خارج الصندوق.
ولعل ما جاء فى نص الاستقالة يشير إلى حالة التورط فى مهمة لن ينجح فيها لصعوبة تفهم فكر واستراتيجية وزارة تستحدث آليات عمل يتعذر توصيل أسسها، فقرر الفرار والمطالبة بتغيير قيادات الوزارة التى اتهمها بالبيروقراطية والشللية!
وعليه، تجدر الإشارة لأهمية إعداد المتحدث الرسمى وتأهيله بما يتماشى مع أهداف وخطط ورؤى المؤسسة التى يمثلها، ومسؤولية من يقوم باختيار المتحدث بداية.. للمقال تكملة فى أعداد قادمة.