عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

مصر تمتلك دبلوماسية عريقة تستطيع من خلالها مواجهة الأزمات الكبرى بحكمة وخبرة واتزان، وعدم الانزلاق فى مواجهات أو فخاخ الاستدراج والمواقف المتهورة، وربما تكون المعارك والحروب الكثيرة التى خاضتها مصر على مدار تاريخها هى أهم أسباب تراكم خبرات المصريين والدبلوماسية المصرية بشكل خاص، ومنذ اندلاع الأزمة السودانية، وهناك سؤال يطرح نفسه فى الشارع المصرى عن تأثير هذه الأزمة على مصر وأمنها القومى بسبب الحدود الممتدة بين البلدين لأكثر من ألف كيلو متر أو أعداد الهاربين من هذه الحرب إلى مصر، وكذلك نتائجها على مياه النيل ومستقبل السودان وغيرها من التساؤلات، خاصة وأن معظم المصريين يرتبطون تاريخيا وعاطفيا بأشقائهم السودانيين، كما يعيش فى مصر حوالى 5 أو 6 ملايين سودانى يندمجون فى المجتمع المصرى ومن المؤكد أنهم منشغلون بكل ما يحدث فى وطنهم الأم وأهلهم فى السودان، وهناك عوامل كثيرة تجعل بين مصر والسودان علاقة ذات طبيعة خاصة جدا على شتى المستويات الشعبية والسياسية والأمنية والاقتصادية، وتؤكد أن مصر الرسمية والشعبية لن تترك السودان ساحة للعبث أو التدخلات الخارجية.

< قبل أيام عقدت مصر اجتماعًا هاما لدول جوار السودان بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى. وحضره قادة ليبيا وتشاد وجنوب السودان وأريتريا وأفريقيا الوسطى وأثيوبيا، كما حضر الاجتماع الأمين العام لجامعة الدول العربية ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقى، وهذا الاجتماع يشير بوضوح إلى التحرك المدروس من الدولة المصرية للحفاظ على وحدة السودان ومؤسساته وأيضا وضع دول الجوار أمام مسئولياتها والتزامها من خلال هذه القمة أمام المنظمات الدولية والعالم بعدم التدخل فى الشأن السودانى، والتأكيد على أن هذه الحرب يمكن أن تمتد إلى بعض هذه الدول أو الطامعين فى ثروات السودان.. وجاء البيان الختامى للقمة مؤكدا على الاحترام الكامل لسيادة السودان والتعامل مع النزاع القائم على أنه شأن داخلي، والتأكيد على الحفاظ على مقدرات الدولة السودانية ومؤسساتها ومنع تفككها أو تشرذمها وانتشار عناصر الفوضى والجريمة فى محيطها، وكذلك التعامل مع الأزمة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل والأخذ فى الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين لدول الجوار والضغط على مواردها. وطالب الاجتماع المجتمع الدولى والدول المانحة الوفاء بمسئوليتها فى تخصيص مبالغ مناسبة لدعم السودان بعد تدهور الأوضاع الإنسانية والنقص الحاد فى الأدوية والغذاء، والتأكيد على الحل السياسى لوقف هذا الصراع والانتقال لعملية سياسية شاملة تحقق طموحات الشعب السودانى.

< يخطئ من يعتقد أن مصر يمكن أن تتخلى عن السودان أو عن دورها الحيوى مع الأشقاء فى الجنوب، وإذا كان البعض قد اعتقد خطأ مع بداية الأزمة أن مصر تتراجع عن دورها أو أنها غائبة عن المشهد فهو واهم.. وإذا كانت بعض الدول قد اعتمدت على الشو الإعلامى فى بداية الأزمة بهدف التأثير على الدور المصرى، إلا أن مصر قد تعاملت بهدوء وحكمة ودبلوماسية عميقة، وبعيدة عن الشو الإعلامى لأسباب كثيرة يأتى على رأسها ترتيب أولوياتها تجاه هذه الأزمة، وأهمها عودة القوات الرمزية الموجودة فى السودان بهدف التدريب، وإجلاء الرعايا المصريين من الأراضى السودانية فى رسالة واضحة وتأكيد على أن ما يحدث فى السودان شأن داخلى، وهو أمر يقطع الطريق على كل من يبحث عن مبرر أو ذريعة للتدخل فى الشأن السودانى، ولأن من أولويات مصر الحفاظ على وحدة السودان ومؤسساته وعلى رأسها الجيش السودانى، تعاملت مصر بشفافية واحترام للسيادة السودانية بهدف إجبار الجميع على احترام سيادة السودان، وجاءت دعوة مصر لدول الجوار بهدف التأكيد وترسيخ هذا المعنى، وهى رسالة واضحة من مصر بعدم السماح بالتدخل فى السودان والعبث بمؤسساته ومقدراته، وكما وضعت مصر خطوطًا حمراء فى ليبيا، فقد حددت التعامل مع الأزمة السودانية وخارطة الطريق لإنهاء هذا الصراع.

حفظ الله مصر