رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أثار الصراع الدائر فى أوكرانيا، والذى نشأ بسبب العملية العسكرية الروسية فى فبراير 2022، أصداء اقتصادية غائرة فى جميع أنحاء العالم، وأدى إلى تعميق الأزمات القائمة، وربما وعلى الأرجح شق الطريق نحو نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب. التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الحرب، والمدفوعة بالعقوبات الأمريكية الصارمة على روسيا تسببت فى ركود عالمى قد يستمر لسنوات عديدة، ويكشف عن تيار خفى من القضايا العميقة الجذور داخل النظام العالمى الرأسمالى.

تفكك النظام العالمى الرأسمالى

الصراع العسكرى الروسى فى أوكرانيا دفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى فرض عقوبات اقتصادية صارمة هدفت إلى شل الاقتصاد الروسى، وأدت هذه العقوبات بشكل ملحوظ إلى تقييد واردات النفط والغاز والفحم من روسيا، والذى ألحق بالتتابع أضرارًا بالغة بسلاسل التوريد العالمية، وأدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية بشكل جامح. كما كشفت هذه الأحداث عن افتقاد العالم الرأسمالى للاستقرار الاقتصادى ووجود أزمة اقتصادية كامنة بداخله، والتى كما يبدو أنها نتاج تفاقمات تدريجية على مدار السنوات الماضية، وقد تكون الآن على وتيرة الانفجار وتؤدى إلى موجة جديدة من الإفلاسات والبطالة والفقر والجريمة فى كافة أنحاء العالم.

*تداعيات الصراع

الآثار الاقتصادية لهذا الصراع متعددة الجوانب وواسعة النطاق، وتمتد إلى ما وراء الأطراف الأساسية المعنية. فالاضطرابات فى إمدادات الطاقة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والأزمات المصرفية تعتبر نتاجًا بارزًا لهذا الصراع الجيوسياسى. علاوة على ذلك، أدت الحرب وتصاعد التوترات الدولية إلى تعميق جروح الاقتصاد العالمى وفى زيادة غير مسبوقة فى تكاليف النقل ورسوم الخدمات، وبالتبعية انعدام اليقين والتوازن الاقتصادى وتفاقم الأوضاع المتأزمة على المستوى العالمى.

*ظهور نموذج عالمى جديد

تكشف الأحداث عن علامات تحول محتملة فى النموذج السياسى العالمى، مما يشير إلى ظهور نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب. يتجلى ذلك من خلال ما نراه من تعاون متزايد بين روسيا والصين، والسعى وراء الأدوار القيادية داخل الاتحاد الأوروبى من قبل فرنسا وألمانيا وإيطاليا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، والاتجاه الملاحظ فى الدول الإفريقية والعربية الغنية لتطوير سياسات مستقلة بالطاقة. وتعززت هذه التغييرات من خلال صعود الصندوق الآسيوى للبنية التحتية بقيادة روسيا والصين، والذى ينافس نفوذ البنك الدولى.

*الفرص المتاحة لمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية

وبينما يشير الصراع العالمى الحاد إلى مستقبل اقتصادى غير مستقر، إلا أنه يوفر للشرق الأوسط والمنطقة العربية فرصًا فريدة. ففى عالم متعدد الأقطاب، يمكن لدول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وإيران أن تكتسب نفوذًا كبيرًا من خلال المواقع الاستراتيجية واحتياطيات الطاقة والممرات البحرية العالمية. وقد يؤدى هذا الانتقال–من نظام أحادى القطب إلى نظام متعدد الأقطاب–إلى تقليل التدخل الدولى فى الشؤون الإقليمية، وهو ما سيسمح لهذه الدول بممارسة قدر أكبر من الاستقلال السياسى والاقتصادى.*تشكيل المستقبل وسط الصراع العالمي

الصراع الأوكرانى والأزمات الاقتصادية العالمية من شأنها أن تعيد تشكيل العالم بالفعل من نواحٍ كثيرة. فبينما نستعد لظهور نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب، يجب على صانعى السياسات التركيز على تخفيف التداعيات الاقتصادية من خلال رؤى استراتيجية وطنية واضحة فى هذا المشهد المتغير.

وعلى الرغم من التوقعات الاقتصادية القاتمة الناتجة عن تصاعد التوترات بين القوى العظمى، يمكن للشرق الأوسط والمنطقة العربية الاستفادة من أى تحول محتمل نحو نظام عالمى متعدد الأقطاب. وسيكون مفتاح ذلك هو قدرة المنطقة على الحفاظ على علاقة متوازنة مع القوى العظمى، وإعطاء الأولوية للمنفعة المتبادلة، والاستقلال السياسى والاقتصادى، واستراتيجيات التنمية ذات التفكير المستقبلى.