رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

من الإعدادية لفرص العمل:

التعليم الفنى يكسب

بوابة الوفد الإلكترونية

أيام قليلة ويبدأ التقديم للالتحاق بالمدارس الثانوية، وخلال هذه الفترة يجد الكثير من الطلاب الحاصلين على الشهادة الإعدادية وأسرهم أنفسهم فى حيرة شديدة، فالثانوية العامة ما زالت كما هى «بعبع» لكل الأسر المصرية، دروس خصوصية بالآلاف ونتيجة غير مضمونة العواقب، وهنا يطرح التعليم الفنى نفسه كبديل مناسب وجيد خاصة بعد أن أولته الدولة اهتماما خاصا خلال السنوات الماضية، وافتتاح العديد من المدارس الفنية المتخصصة سواء فى التكنولوجيا أو الذهب أو البترول أو التمريض أوغيرها، وهو ما يجعل هذا النوع من التعليم منافسا جيدا للتعليم الثانوى العام، حتى أن بعض هذه المدارس تشترط الحصول على مجموع بالشهادة الإعدادية يفوق ما يشترطه التعليم الثانوي

ولكن تبقى المشكلة الأبدية وهى النظرة الدونية للتعليم الفنى والتى جعلته «تعليم درجة تانية» فى الماضى وهو ما يجب أن يتم تغييره الآن

فى البداية شرحت الدكتورة بثينة عبدالرؤوف الخبير التربوى بالتعليم الفنى أنواعه مؤكدة أن هذا النوع من التعليم قادرعلى خلق أشخاص مؤهلين لسوق العمل كل فى تخصصه، حيث أوضحت أن التعليم الفنى يشمل العديد من الأنواع منها الصناعى والتجارى والفندقى فضلا عن مدارس جديدة دخلت الخدمة كمدرسة الذهب وأخريات خاصة بالتكنولوجيا والمصانع تساعد فى تخريج شخص قادر على مواكبة التطور وسوق العمل.

وأضافت عبدالرؤوف أن التعليم الفنى ينقسم إلى نوعين قديم وحديث: القديم واجه العديد من المشاكل أبرزها عدم وجود ورش ومعامل فنية متخصصة للتدريب العملى الجاد، وغياب المعلمين المتخصصين، أما النوع الحديث فهو قائم على التكنولوجيا وتتوفر فيه الإمكانات المادية والتكنولوجيا القادرة على إكساب الطالب القدرة على الابتكار وإتقان المهارة الفنية المطلوبة.

وتابعت أما المدارس الحديثة، فيوجد عدة أنواع منها: كمدرسة الذهب ودون بوسكو الإيطالية المتواجدة بالإسكندرية والقاهرة، والقادرة على تخريج طالب يواكب سوق العمل فضلا عن مميزاتها فى إلحاق طلابها بكليات الهندسة وفقًا للمجموع الذى يحدده التنسيق.

ولهذه المدرسة نظامان: الأول 3 سنوات والثانى تكون فيه مدة الدراسة 5 سنوات، ويضم نظام الثلاث سنوات أقسام الكهرباء وفيه يتعلم الطالب كيفية اختبار وعلاج وصيانة الخطوط واللوحات الكهربائية، هذا إلى جانب المعدات الآلية الخاصة بعمليات التحكم، ويكون الطالب فيما بعد قادرًا على تطبيق وصيانة الشبكات الكهربائية ويكون مؤهلًا لسوق العمل.

وهناك أقسام أخرى منها ميكانيكا الخراطة وتهتم بتصميم القطع الميكانيكية بالاعتماد على التحكم الرقمى، حيث يتعلم الطالب كيفية العمل على الماكينات المبرمجة منها وغير المبرمجة، بالإضافة إلى تعليمه كيفية صيانة وتركيب أجهزة التشغيل، والتعرف إلى العناصر العامة للإلكترونيات والحاسوب.

وهناك قسم ميكانيكا السيارات الذى يتعلم فيه الطالب كيف يكون قادرًا على فك وتركيب الأجزاء الميكانيكية الخاصة بالسيارة، والتعامل مع جهاز الكشف عن الأعطال، بحيث يكون ذا قدرة على التعامل مع أعطال السيارات بأنواعها وإتقان الرسم الفنى.

أما قسم ميكانيكا خراطة ولحام ففيه يتعلم الطالب كيف يجيد التعامل مع كل أنواع اللحام مثل الأكسجين والكهرباء ولحام ثانى أكسيد الكربون، ولحام أنابيب البترول والأرجون، كما يتعلم كيف يجيد الرسم الفنى وطرق تجهيز وتركيب معدات اللحام بأنواعها، بالإضافة إلى تعلم كيفية تصنيع الأثاث المعدنى والعناصر العامة للحاسب الآلى.

أمام نظام الخمس سنوات فيضم أقسامًا أكثر تعمقًا فى التكنولوجيا وتؤهل الخريج أن يكون فنيًا أو مساعد مهندس على درجة عالية من الخبرة والكفاءة، ويشمل أقسام الكهرباء والإلكترونيات وفيه يتعلم الطالب كيف يكون قادرًا على فهم كل كتيبات الاستخدام الخاصة بأنواع متعددة من الآلات، كما يتعلم كيف يعد تقارير مختصرة بلغات متنوعة كالعربية والإنجليزية والإيطالية، ويكون ذا قدرة على اختبار وإدارة ومراقبة كل أنواع النظم الكهربائية المعروفة بتعقيدها.

أما القسم الثانى فهو قسم ميكانيكا وميكاترونيكس: وفى هذا التخصص يتعلم الطالب كيف يكون قادرا على قراءة أنواع مختلفة من التصاميم الفنية، وكذلك الرسوم الهندسية الخاصة بالمنشآت الصناعية، كما يتعلم كيفية تركيب وصيانة المعدات وكيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات حتى يشارك فى إدارة التحكم فى العملية الصناعية برمتها، ثم يكتسب القدرة على تحليل وتفسير المشاكل الإنتاجية والإدارية والتجارية فى مكان العمل.

وهناك أيضا قسم تكنولوجيا المعلومات والحاسب الآلي: وفيه يتعلم الطالب كافة لغات البرمجة وطريق إدارة الشبكات، كما يتعلم حيثيات إنتاج وإدارة أنواع البرمجيات، وكذلك تشغيل أنظمة معالجة البيانات ونقل المعلومات، ثم يتدرب على تصميم وتنفيذ الاستراتيجيات الخاصة بحل مشاكل شركة العمل.

وأكدت الخبيرة التربوية أن مصر مليئة بالمدارس الفنية المتميزة مطالبة الأسر بفحص وفهم طبيعة كل مدرسة قبل إلحاق أبنائهم بها، وأضافت أن العديد من تلك المدارس يكون لديها ورش ومصانع خاصة بها تلحق الطلاب بالتدريب العملى وتوفر لهم فرص عمل بعد التخرج.

وقالت بثينة إنها لا تؤيد التعليم الفنى التجارى واصفة إياه بأنه لا يوجد له أى مستقبل, إلا إذا كان الهدف من دراسته هو الالتحاق بكليات التجارة.

وأضافت أن عددا كبيرا من الطلبة الملتحقين بالتعليم الفنى، حصلوا على درجات كبيرة فى الشهادة الإعدادية ولكنهم فضلوا هذا النوع من التعليم، لكونهم غير قادرين على التعامل مع الثانوية العامة ومناهجها ومصرفاتها الباهظة، مشيرة إلى عدم وجود كليات تتناسب مع كل أعداد المدارس الفنية فى مصر.

وفى هذا الصدد قالت إنه فى حالة رغبة الطالب فى الالتحاق بكليات الهندسة من التعليم الصناعى فإنه لا بد أن يكون حاصلا على درجات كبيرة تتجاوز 90 % فضلا عن القيام بمعادلة للقبول بالكلية، موضحة أن فكرة المعادلة ليست سهلة على طالب الدبلوم الفنى لذلك لابد من تسهيل شروط الالتحاق بالكليات وإكساب الطالب الخبرة مع الدراسة.

وبرأيها قالت بأن نقاط الضعف فى التعليم الفنى تتمثل فى النظرة الدونية لدارسيه وخريجيه من قبل المجتمع، وخاصة أصحاب الشهادات العليا.

خارج الصندوق

حديث الدكتور بثينة وجد صدى كبيرا لدى العديد من أولياء الأمور الذين فضلوا إلحاق أبنائهم الحاصلين على الإعدادية بهذه المدارس بدلا من الفكر التقليدى بالالتحاق بمدرسة ثانوى عامة وبعدها تبدأ المشاكل، وكان مصطفى عبدالرحمن ولى أمر واحد من هؤلاء الذين فكروا خارج الصندوق وفضلوا التعليم الفنى، مشيرا إلى أنه يرى أن التعليم الفنى أفضل من الثانوى العام لأنه غير مكلف وليس به دروس خصوصية بآلاف الجنيهات شهريًا، فضلا عن أن خرجيه يكونون متخصصين فى مجال دراستهم وتكون الوظيفة فى انتظارهم حسب قوله.

وأضاف ولى أمر آخر، أنه ألحق نجله بالتعليم الصناعى لعدم قدرته على مصاريف التعليم الثانوى العام، لما به من نفقات كبيرة وباهظة، كما أن خريجى الجامعات لن يكونوا قادرين على إيجاد فرصة عمل بسهولة بعكس خريجى التعليم الفنى.

المستقبل هنا للى معاه صنعة وبيعرف يسافر ويجيب قرش.. قالها جمال فتحى موظف، مشيرا إلى أنه مثل الكثير من أولياء الأمور يفضلون عمل أبنائهم فى سوق العمل بالحرفة دون الانتظار للوظيفة الميرى التى لن تأتى.

واستكمل قائلا: أن سوق العمل يحتاج لكفاءات من الحرفيين، ولكن نريد أن تكون المدارس الفنية بها الإمكانيات التى تساعد على تخريج دفعات متطورة قادرة على العمل تحت أى ظرف وأى مستوى تكنولوجى.

تحديات

هذا ويواجه التعليم الفنى فى مصر تحديات كبيرة فرغم كل الجهود التى تبذلها الدولة لتطويره خلال السنوات الماضية، خاصة بعد توجيهات الرئيس فى عام 2018 خلال مؤتمر الشباب بضرورة تغير ثقافة المجتمع تجاه التعليم الفنى لتخريج أجيال قادرة على مواكبة سوق العمل، إلا أن هذا النوع من التعليم ما زال يعانى من العديد من المشكلات بحسب ما أكده عدد من الخبراء للوفد، بداية من ضعف الإمكانيات المادية وحتى عدم توافر الكفاءات البشرية التى تواكب تطورات العصر.

حيث أكدت الدكتورة ولاء شبانة، استشارى علم النفس والخبيرة التربوية، إن الدولة تسعى خلال السنوات الماضية لدعم التعليم الفنى لتوفير فرص عمل لشباب بعدما زادت أعداد العاطلين.

وأضافت أن هناك العديد من التحديات التى تواجه التعليم الفنى ليصل إلى مرحلة تقديم شباب مؤهلين لسوق العمل: منها ضرورة الربط بين المناهج التعليمية وما يتطلبه سوق العمل من تخصصات وإمكانيات فنية، وغيرها من ضرورة رضى أصحاب المصالح بالمناهج التعليمية، خاصة فى ظل غياب الدور الرقابى على المناهج التعليمية وإلزامية تطويرها.

وأشارت الخبيرة التربوية إلى أن السنوات الماضية كانت تشهد غياب الآلية التى تربط التخصصات والمناهج فى التعليم الفنى والتوزيع الجغرافى والنوعى للصناعات، واحتياجات سوق العمل.

كما نوهت الخبيرة التربوية إلى أن أسلوب التدريس معتمد على التلقين دون تطوير، أو توفير معامل ووسائل تعليمية مناسبة للتطبيق العملى، وساهم فى ذلك إغفال قانون إلزام الاعتماد فى فترة محددة، مما أضعف من أهمية الحصول على الاعتماد فى نظام مدارس التعليم الفنى. خاصة فى ظل ضعف الجدوى الاقتصادية والتربوية من الحصول على الاعتماد، وذلك لقلة الحوافز المقدمة للمدارس للحصول على الاعتماد، كذلك عدم وجود عائد مادى من الحصول على هذا الاعتماد.

ومن ضمن التحديات التى تواجه التعليم الفنى بحسب ما قالته الدكتورة ولاء: محدودية قدرة هيئة ضمان الجود للقيام بدورها فى الاعتماد، حيث تحتاج الهيئة إلى موارد بشرية ذات كفاءة عالية وموارد مادية حتى تكون قادرة على أداء دورها فى اعتماد مدارس التعليم الفنى والتدريب بناء على معايير مستحدثة.

كما نوهت إلى أن هناك العديد من المدرسين فى التعليم الفنى غير مؤهلين تعليميا وتربويا وفنيا بالشكل الصحيح ولا يسعون لتطوير أنفسهم.

تطوير التعليم

من جانبه قال الدكتور محمد عبدالعزيز، الخبير التربوى والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، إن توجيه الرئيس السيسى للحكومة بتسليم مشروع قانون تطوير التعليم للحوار الوطنى يعد خطوة هامة نحو تعزيز الشفافية والشراكة فى صناعة القرارات التعليمية، وتأكيد أن الحكومة تعمل على استيعاب آراء ومقترحات مختلف الأطراف المعنية لضمان إقامة نظام تعليمى شامل ومتميز فى مصر.

وأشار الخبير التربوى، إلى أن خطة تطوير التعليم فى مصر تهدف إلى تطوير المنظومة التعليمية بشكل شامل، وتسعى لتحويل العملية التعليمية من مجرد نقل المعلومات إلى تعزيز عملية التعلم الفعال، ليهدف النظام الجديد إلى تمكين الطلاب من الحصول على المعلومات وتنمية مهارات الحياة التى تكون أساسا لتطويرهم الفكرى والسلوكى، وذلك بهدف تحقيق رؤية مصر 2030 وبناء مستقبل مشرق للوطن.

وأوضح الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، أن الدولة المصرية ووزارة التربية والتعليم تسعى دائمًا إلى الارتقاء بمنظومة التعليم الفنى من خلال توفير الموارد اللازمة لتحسين جودة التعليم وتطويره، وتشجع على الاتفاقيات والتعاون بين الدول فى هذا المجال، لكى تواكب أحدث المعايير الدولية وتلبى احتياجات سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية، وذلك من خلال تطوير المناهج والبرامج الدراسية وتوفير الأجهزة والمعدات التقنية الحديثة، وكذلك تدريب المعلمين على استخدام هذه التقنيات وتطبيقها فى التعليم الفنى.