إن الشعب يومها أعلن أن مصر للمصريين مستقلة فى قرارها ولا تتبع إلا إرادة شعبها، ومصالحه العليا وكان الثلاثون من يونيو عنوانا لإعادة تأكيد وحدة الوطن تحت هويته المصرية الجامعة التى لا تفرق والشاملة للشعب كله دون تمييز أو انقسام، أجدد العهد على أن تكون المصلحة الوطنية والهوية الوطنية هما دائمًا علامات الطريق التى تهدى المسيرة والمسار.
هكذا عبرت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو بكل اقتدار عن أسباب وأهداف ثورة 30 يونيو، وفى كلمات ذلك المقال سنتجول سويًا داخل ما تحقق من أهداف وما ننتظر تحقيقه.
أولًا- الهوية المصرية، كان أول أهداف ثورة 30 يونيو هو استعادة الهوية الوطنية المصرية، وقد عبر ذلك بقوة المؤرخ الكبير جمال حمدان فى كتاب «شخصية مصر» حيث قال إن ما تحتاجه مصر أساسًا إنما هى ثورة نفسية، بمعنى ثورة على نفسها أولًا، وعلى نفسيتها ثانيًا، أى تغيير جذرى فى العقلية والمُثل وأيدلوجية الحياة قبل أى تغيير حقيقى فى حياتها وكيانها ومصيرها. ثورة فى الشخصية المصرية وعلى الشخصية المصرية، ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية وكيان ومستقبل مصر، كلمات جمال حمدان تتوافق تمامًا مع كلمات السيد الرئيس عن أهداف ثورة 30 يونيو، وبالنظر إلى ما تحقق من ذلك الهدف نجد أننا لم نخط خطواتنا الأولى بعد وهى استعادة مكونات الشخصية المصرية قبل ما تعرضت له من حملة تهجين وتغريب ممنهجة نجحت نجاحا كبيرا في تدمير مكونات الهوية بداخلها.
ثانيا – استقلال القرار المصرى، لقد كان الهدف الثانى الأهم من أهداف الثورة، وبالفعل نجحت القيادة السياسية فى قطع خطوات كبيرة فى ذلك الاتجاه، ففى ذلك السياق ذكر الرئيس الأمريكى جيمى كارتر فى رسالته بحلقة النقاش التى ينظمها منتدى الجامعة الأمريكية فى الذكرى الأربعين لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل «عندما قابلت أنور السادات للمرة الأولى كان مغرما بتكرار اعتقاده أن الولايات المتحدة تملك 99% من أوراق تسوية مشكلة الشرق الأوسط، لقد كان بالتأكيد مبالغا،». هكذا تم الرمى بالقرار المصرى داخل أحضان الإدارة الأمريكية طبقا لرؤية شخصية لحاكم مصر حينذاك، وخلال السنوات العشر الماضية تخلصت القيادة السياسية المصرية من رؤية السادات وما جاء بعده من أنظمة حكم، والآن تنوعت علاقات مصر طبقًا لأهداف المصلحة الوطنية، وأصبح القرار المصرى مستقلًا لا يخضع لأى مؤثرات خارجية من أى نوع.
ثالثا – التنمية المستدامة، كان الهدف الثالث من أهداف الثورة هو الحلم باسترجاع مجد إمبراطورية مصر المفقود منذ 3500 سنة، ولما لا ولدى مصر كل مقومات تحقيق واقع ذلك الحلم من موارد وثروات ومكانة جغرافية وارث حضارى وكثافة سكانية، وبالفعل لقد خطت القيادة السياسية خطوات كبيرة فى ذلك الاتجاه وقد عبر عن ذلك السيد الرئيس فى كلمته،» أن ذلك الجيل قادر على إتمام تجربته التنموية الشاملة التى تشهد تقدمًا سريعًا يطول كل شبر من أنحاء الوطن من البنية التحتية، والطرق، والنقل والتجارة التى تشهد ثورة حقيقية تؤهل مصر لمصاف الدول المتقدمة إلى الطاقة الكهربائية والغاز والبترول، والطاقة المتجددة والخضراء إلى استصلاح الأراضى، بمساحات ليس لها مثيل فى تاريخ مصر».
رابعا – أخيرًا، لقد قطعنا شوطا كبيرا فى طريق أهداف ثورة 30 يونيو وكان الشعب هو البطل، وما نحتاجه لاستكمال مشور أهداف الثورة هو تسخير الكثير من إمكانيات مصر من اجل بناء تعليم حقيقى بكل مشتقاته البحثية والفنية مع سرعة نسف مناهج التهجين والتغريب والتى ما زالت قائمة ولقد ساهمت بشكل كبير فيما وصلت له الهوية المصرية من حالة اغتراب، مع غلق كل المنافذ الثقافية والمالية لتغذية جماعة الإخوان الإرهابية وكل تشابكاتها الايدلوجية الأخرى التى تعمل ضد الهوية الوطنية.