قائد الدفاع الجوي يكشف للوفد كواليس تحطيم أسطورة الذراع الطولى لإسرائيل في حرب 1973

تستكمل بوابة الوفد الإلكترونية حوارها مع الفريق محمد حجازى، قائد قوات الدفاع الجوي، على هامش احتفال قوات الدفاع الجوى بالذكرى الثالثة والخمسين لبناء حائط الصواريخ فى الثلاثين من يونيو عام 1970م.
الحديث عن حرب أكتوبر لا ينقطع.. نرجو من سيادتكم إلقاء الضوء كيف قام الدفاع الجوي المصري بتحطيم أسطورة الذراع الطولى لإسرائيل في حرب أكتوبر 1973.
︎إن الحديث عن حرب أكتوبر 73 لا ينتهي.. وإذا أردنا أن نسرد ونسجل الأحداث كلها فسوف يتطلب ذلك الكثير من الكتب.. وسوف نكتفى بذكر نبذة عن دور قوات الدفاع الجوى فى هذه الحرب.. ولكى نبرز أهمية هذا الدور.. فإنه يجب أولًا معرفة موقف القوات الجوية الإسرائيلية وما وصلت إليه من كفاءة قتالية عالية وتسليح حديث متطور فى ذلك الوقت.. إذ بدأ مبكرًا التخطيط لتنظيم وتسليح القوات الجوية الإسرائيلية بأحدث ما وصلت إليه الترسانة الجوية فى ذلك الوقت بشراء طائرات ميراج من فرنسا.. والتعاقد مع الولايات المتحدة على شراء الطائرات الفانتوم وسكاى هوك حتى وصل عدد الطائرات قبل عام 1973 إلى (600) طائرة أنواع مختلفة.
لقد بدأ رجال الدفاع الجوى الإعداد والتجهيز لحرب التحرير واستعادة الأرض والكرامة
فى أكتوبر 1973 من خلال استكمال التسليح لأنظمة جديدة لرفع مستوى الاستعداد القتالى واكتساب الخبرات القتالية العالية خلال فترة وقف إطلاق النار وتم وصول عدد من وحدات الصواريخ الحديثة سام - 3 (البتشورا) وانضمامها لمنظومات الدفاع الجوى بنهاية عام 1970.. وإدخال منظومات حديثة من الصواريخ ( سام -6) فى عام 1973.
وخلال فترة وقف إطلاق النار نجحت قوات الدفاع الجوى فى حرمان العدو الجوى من استطلاع قواتنا غرب القناة بإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى (الإستراتوكروزار ) صباح يوم 17 سبتمبر 1971.
وكانت مهمة قوات الدفاع الجوى بالغة الصعوبة لأن مسرح العمليات لا يقتصر فقط على جبهة قناة السويس بل يشمل مساحة مصر كلها بما فيها من أهداف حيوية سياسية واقتصادية وقواعد جوية ومطارات وقواعد بحرية وموانئ استراتيجية وفى اليوم الأول للقتال يوم السادس من أكتوبر 1973 هاجم العدو الإسرائيلى القوات المصرية القائمة بالعبور حتى آخر ضوء بعدد من الطائرات كرد فعل فورى توالت بعدها الهجمات الجوية بأعداد صغيرة من الطائرات خلال ليلة 6/7 أكتوبر وتصدت لها وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات حتى نجحت فى إسقاط أكثر من (25) طائرة بالإضافة إلى إصابة أعداد أخرى وأسر عددًا من الطيارين.
وعلى ضوء ذلك، أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة لا تقل عن 15 كم.. وفى صباح يوم 7 أكتوبر 1973 قام العدو بتنفيذ هجمات جوية على القواعد الجوية والمطارات المتقدمة وكتائب الرادار ولكنها لم تجنى سوى الفشل والمزيد من الخسائر فى الطائرات والطيارين.. وخلال الثلاثة أيام الأولى من الحرب فقد العدو الجوى الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذى كان يتباهى بهم وكانت الملحمة الكبرى لقوات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر مما جعل (موشى ديان) يعلن فى رابع أيام القتال عن أنه عاجز عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية وذكر فى أحد الأحاديث التلفزيونية يوم 14 أكتوبر 73 (أن القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها.. ثقيلة بدمائها).
︎
︎تعتبر منظومة الدفاع الجوي المصرى من أعقد مظومات الدفاع الجوي فى العالم، إذ تشتمل على الكثير من الأنظمة المتنوعة.. نرجو من سيادتكم إلقاء الضوء على عناصر بناء المنظومة.
︎هناك صراع دائم ومستمر بين منظومات الدفاع الجوى وأسلحة الجو المتمثلة فى العدائيات الجوية الحديثة التى أصبحت لا تقتصر على الطائرات المقاتلة بل شملت أسلحة الهجوم الجوى الحديثة المسلحة بها الطائرات وبرز حاليًا التحدى الأكبر وهى الطائرات الموجهة من دون طيار بتعدد استخداماتها وأساليبها وإمكاناتها وأضيف عليها الصواريخ البالستية والطوافة وأنواع الأسلحة الذكية ذات الأبعاد المتعددة والمزودة بإمكانات تكنولوجية وفضائية والتطور فى العدائيات مستمرًا بظهور الصواريخ الفرط صوتية.
مما يستوجب تواجد منظومة دفاع جوى متكاملة مزودة بأنظمة من مصادر تسليح متنوعة من دول مختلفة سواء الشرقية أو الغربية بتقنيات حديثة وتكنولوجيا معقدة يجعلها من أعقد المنظومات فى العالم وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا ليتوافق عمل هذه الأنظمة مع بعضها للتكامل وتكون قادرة على التعامل مع تلك العدائيات ويتم بناء المنظومة من عناصر استطلاع وإنذار باستخدام أجهزة رادار ذات مدايات مختلفة تقوم بأعمال الكشف والإنذار وعناصر مراقبة جوية بالنظر بالإضافة إلى عناصر إيجابية من المقاتلات والصواريخ والمدفعية م ط والصواريخ المحمولة على الكتف
لتوفير الدفاع الجوى عن الأهداف الحيوية للدولة وعن التشكيلات التعبوية على الاتجاهات الاستراتيجية كافة.
ووصولًا إلى مستوى الحماية الذاتية تتم السيطرة على المنظومة بواسطة نظام متكامل للقيادة والسيطرة على مختلف المستويات تعمل فى تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الإلكترونية بهدف الضغط المستمر على العدو الجوى ومنعه من تنفيذ مهامه وإفشال هدفه وتكبيده أكبر خسائر ممكنة.
وتولى القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة اهتمامًا كبيرًا فى دعم قوات الدفاع الجوى بتوفير أحدث الأنظمة من عناصر الاستطلاع والإنذار والعناصر الإيجابية وكذا تطوير مراكز القيادة والسيطرة لتتمكن قوات الدفاع الجوى من التعامل مع التهديدات
والتحديات الحديثة كافة.
︎لو راجعنا سيناريو الحروب الحديثة سواء السابقة أو الحالية (الحرب الروسية الأوكرانية) بنجد أن تحييد سلاح الدفاع الجوى يأتى كأسبقية أولى فى أى حرب.. ممكن سيادتك توضح لنا ما يمثله ذلك من عبء على قوات الدفاع الجوى؟
︎نتيجة المتغيرات الحادة التى تشهدها الساحة الدولية اليوم والتطور السريع والحاد فى تكنولوجيا التسليح.. فإن امتلاك قوة الردع وأساليب مجابهتها أصبح أكثر طلبًا وأشد إلحاحًا وأصبحت القوة العسكرية لأية دولة من المتطلبات الأساسية.. للدفاع عن الحقوق ولحماية المصالح ولدرء المعتدين صونًا لأمنها القومى وأصبحت الحروب وتطورها مبنية على العلم والتكنولوجيا.
وتظهر أهمية دور الدفاع الجوى والتركيز على تحييده دائمًا فى بداية العمليات العسكرية من خلال طبيعة المهمة الملقاة على عاتقه.. من تأمين المجال الجوى وتأمين التجميعات الرئيسية للقوات المسلحة والأهداف الحيوية المهمة على الاتجاهات الاستراتيجية كافة.
وعند تحييد الدفاع الجوى يصبح لدى العدو الفرصة للحصول على السيطرة الجوية وامتلاك مسرح العمليات وتحقيق التأثير على الأهداف كافة خصوصًا فى ظل التوسع، فى استخدام الهجمات السيبرانية والعدائيات الجوية الحديثة من أسلحة ذكية وصواريخ طوافة
وطائرات بأنظمة غير مأهولة وأنظمة حرب إلكترونية بصورها ومداياتها المختلفة، كل ذلك لتحييد عناصر الدفاع الجوى، وذلك يتطلب استعداد قتالى وكفاءة قتالية عالية فى السلم والحرب لاستيعاب التكنولوجيا المتقدمة (فرجال الدفاع الجوى هم عيون مصر الساهرة).
تهتم القوات المسلحة بالتعاون العسكرى مع الكثير من الدول العربية والأجنبية.. والذى يعتبر أحد ركائز التطوير فكيف يتم تنفيذ ذلك فى قوات الدفاع الجوى؟
︎فى البداية هناك اهتمام دائم من قوات الدفاع الجوى على امتلاك القدرات
والإمكانات القتالية التى تمكنها من أداء مهامها بكفاءة عالية من خلال تطوير وتحديث أنظمة الدفاع الجوى مع مراعاة تنوع مصادر السلاح طبقًا لأسس علمية ونتيجة للخبرات والمستوى التدريبى العالى لقوات الدفاع الجوى تسعى الدول الصديقة والشقيقة للتعاون العسكرى بمجالاته المختلفة وذلك فى ظل العلاقات السياسية المتنوعة وأهميتها بالمحيط الإقليمى والدولى وذلك يتم تنفيذه فى قوات الدفاع الجوى من خلال ثلاثة مسارات:
المسار الأول:
تنفيذ التدريبات المشتركة مثل [التدريب المصرى / الأمريكى المشترك ( النجم الساطع ) ، التدريب المصرى / اليونانى / القبرصى المشترك ( ميدوزا) ، التدريب البحرى المصرى / الفرنسى المشترك ( كليوباترا) ، التدريب المصرى / الأردنى المشترك (العقبة) ، التدريب المصرى / الكويتى المشترك ( اليرموك ) ، التدريب العربى المشترك ( درع العرب ) لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب التخطيط وإدارة العمليات فى هذه الدول.
وهناك تدريبات ذات طبيعة خاصة بقوات الدفاع الجوى تتميز بالتخصصية مثل ] التدريبات مع الجانب الأمريكى لمجابهة الطائرات الموجهة بدون طيار ، التدريب المصرى / الروسى المشترك (سهم الصداقة) ، التدريب المصرى / الباكستانى المشترك ( حماة السماء ) التدريبات الخاصة بقوات الدفاع الجوى بحضور المراقبيين من اليونان وقبرص والبحرين وباكستان والسعودية [.
ونخطط لتدريبات مشتركة مع دول أخرى فى المستقبل القريب بما يزيد من الروابط مع الدول الصديقة ويساعد على تبادل الخبرات والمهارات.
ونظرًا للدور الرائد لقوات الدفاع الجوى المصرى على المستوى الإقليمى والعالمى
تسعى عدد من الدول لزيادة محاور التعاون فى المجالات كافة (التدريب ، التطوير ، التحديث)
معنا مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، الصين ، جمهورية باكستان ، الهند ، اليونان ، قبرص.
المسار الثانى:
تأهيل مقاتلى قوات الدفاع الجوى من القادة والضباط من خلال إيفاد عدد من ضباط الدفاع الجوى المتميزين للتأهيل بالدول الشقيقة والصديقة لدراسة العلوم العسكرية الحديثة بالكليات العسكرية المتميزة.
وكذلك التأهيل العلمى بالدراسات العليا الدكتوراه والماجستير من الخارج لمواكبة التطور التكنولوجى للمعدات.
المسار الثالث:
تطوير وتحديث الأسلحة والمعدات بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات
والمحافظة على حالة الاستعداد القتالى لمنظومة الدفاع الجوى طبقًا لعقيدة القتال المصرية، بالإضافة إلى أعمال العمرات وإطالة أعمار المعدات الموجودة بالخدمة حاليًا وتقديم الدعم الفنى فى إطار التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة من خلال خطة محددة ومستمرة والاشتراك بالمعارض الدولية للاطلاع على أحدث ما وصلت إليه ترسانة التسليح العالمية كما نشترك بمعرض EDEX والذى يعتبر لبنة أساسية فى المنافسة والتطوير لأنظمة التسليح.


