رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

مع مرور الوقت تزداد الأزمة السودانية تعقيدًا ليس بسبب استمرار الحرب فى حد ذاتها، ولكن بسبب الاصرار على التدخل الخارجى فى الشأن السودانى وأطماع بعض القوى الاقليمية والدولية فى ثروات السودان، وقبل أيام زار مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السودانى مصر، والتقى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى بالتأكيد زيارة لها مغزى وأهمية، حتى وإن كانت التصريحات الرسمية تشير إلى بحث قضية العالقين بالمعابر الحدودية والبالغ عددهم حوالى نصف مليون سودانى هربوا من جحيم المعارك فى الخرطوم إلى مصر، وحذر "عقار" خلال هذه الزيارة من التدخلات الخارجية فى الشأن السودانى، وأشار إلى أن المساعدات التى تقدمها بعض الدول إلى ميليشيا الدعم السريع هى السبب وراء استمرار الأزمة، وأكد ترحيب السودان بكل المبادرات الدولية بشأن ايقاف هذه الحرب، ولكن شريطة أن تحترم المبادرات سيادة الدولة السودانية ومؤسساتها، وأعلن أن لقاء عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة مع محمد حمدان دقلو مرهون بالاتفاق على ثلاث قضايا، هى ايقاف الحرب والجانب الإنسانى والعملية السياسية، وشدد "عقار" على أهمية الدور المصرى فى معالجة الأزمة السودانية.

< الحقيقة أن أزمة السودان قد كشفت وبعمق عن أهمية المؤسسات فى الحفاظ على تماسك الدول وحمايتها من الصراعات والانهيار والسقوط فى مستنقع الصراعات العرقية والطائفية المسلحة، التى عادة ما تنتهى بتقسيم الدول، وهو سيناريو قد حدث سابقا فى جنوب السودان، وللأسف يمكن أن يتكرر من جديد فى منطقة دارفور التى تضم عددًا من الحركات المسلحة، وتتحين مثل هذه الفرصة لزيادة نشاطها والضغط على الدولة السودانية، كلنا يعلم أن كثيرا من مشاكل السودان هو نتاج لفترة حكم الإخوان بقيادة عمر البشير الذى سمح بتشكيل ميليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو- حميدتى- ومنحه رتبة لواء رغم عدم حصوله على مؤهلات عسكرية أو تدرجه فى مناصب عسكرية، كما منح هذه الميليشيا الأسلحة والمعدات العسكرية والدعم المالى واللوجستى لتواجه الحركات المسلحة فى دار فور، وهو خطأ تاريخى يدفع ثمنه الآن الشعب السودانى والجيش السودانى الذى فوجئ بجيش موازٍ يمتلك الأسلحة الثقيلة والعتاد العسكرى فى مواجهته، ومنح الفرصة لبعض الدول الطامعة فى السودان أن تساعد هذه الميليشيا بالسلاح والمال والتكنولوجيا الحديثة لإرهاق واستنزاف الجيش السودانى، وكلنا يعلم أن أصعب الحروب التى تواجهها الجيوش النظامية هى حروب المدن، التى تعجز أمامها الطائرات الحربية والدبابات وغيرها من الأسلحة الثقيلة عن حسم المعارك.

< صحيح أن مصر قامت بدور إنسانى كبير تجاه الشعب السودانى الشقيق سواء من خلال فتح المعابر أمام آلاف النازحين السودانيين وتقديم المساعدات الغذائية والدوائية وأيضا اجلاء كثير من الرعايا من شتى الجنسيات.. ولكن يجب أن يكون الدور المصرى أكبر من الجانب الإنسانى على اعتبار أن مصر أكبر المضارين من الحرب السودانية على شتى المستويات، وكلما تأخر حل هذه الأزمة، زادت المخاطر على مصر أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا، خاصة وأن هناك عدم اكتراث دولى وتحركات مريبة لعدد من الدول الفاعلة فى هذه الأزمة، وعندما تدخل إثيوبيا بفاعلية فى الأزمة وتتحرك على الأرض السودانية تحت مزاعم اجراء مباحثات مع طرفى النزاع لتقريب وجهات النظر ومحاولة المصالحة بين الأطراف المتصارعة، فهو أمر مقلق ومريب فى ظل الخلاف الإثيوبى العميق مع الجيش السودانى بسبب احتلال إثيوبيا لأراضٍ سودانية ووقوع اشتباكات سابقة بين الجانبين، إضافة إلى الخلاف الجوهرى حول أزمة سد النهضة.. وفى اعتقادى أن الأزمة السودانية لن تنتهى إلا بدور مصرى أكثر فاعلية على شتى المستويات للحفاظ على وحدة السودان، وعدم انزلاقه إلى حرب أهلية وحروب عرقية، يكون لها سلبيات وتأثير بالغ على الأمن القومى.

حفظ الله مصر