رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التحولات الاقتصادية وإعادة البناء على نحو أفضل

 

 

 

لا تزال أصداء رفض القيادة السياسية عملية التحريك الكامل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار مستمرة حتى الآن، والتى أدت إلى تراجع الدولار فى السوق الموازية بنحو10%، هذه السياسة الاقتصادية الجديدة قامت على التعلم من الأزمة الاقتصادية التى تسببت فى نقص النقد الأجنبى منذ مارس الماضى سواء بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية أو بسبب التضخم العالمى غير المسبوق أو بسبب التوترات الجيوسياسيية وخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من مصر بما لا يقل عن 22 مليار دولار، مما عجل بعملية التوجه نحوصندوق النقد الدولى الذى يشترط ضرورة استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى، وضمان تحرير كامل لسعر صرف الجنيه وبيع أصول حكومية، تأكيد القيادة السياسية لرفض التحريك الكامل لسعر صرف الجنيه لن تحقق المطلوب منها إلا بالقضاء بشكل كامل على السوق السوداء، والوصول لسعر صرف عادل للجنيه أمام الدولار مع توفير سيولة دولارية فى الأسواق بما يتناسب مع حجم الطلب لتغطية طلبات الاستيراد، والتركيز على الأنشطة الإنتاجية لتعظيم موارد مصر من النقد الأجنبى، وتنظيم فاتورة الاستيراد مستقبلًا، مع العمل على تعظيم الموارد الرئيسية لمصر من العملة الصعبة وهى عائدات المصريين العاملين بالخارج وعائدات قناة السويس، وحصيلة الصادرات، والاستثمار الأجنبى المباشر، وعوائد قطاع السياحة، نحن نحتاج من هذه المصادر الخمسة أن تتجاوز 125 مليار دولار سنويًا حتى نضمن تغطية احتياجات مصر الدولارية، قرار القيادة السياسية بعدم التحريك الكامل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، ما هى إلا دلالة قوية على اتجاه البنك المركزى لتدبير احتياجات السوق من العملة، وقربه التوصل لحل مع صندوق النقد الدولى للحصول على الشريحة الثانية بعد مراجعة للشريحة الأولى والتى كان من المفترض أن تكون فى مارس الماضى، كذلك فإن رفض التحريك الكامل لسعر صرف الجنيه ما هو إلا استئناف حقيقى لعودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة وزيادة الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية التى زادت على مدار الأشهر السابقة ووصلت إلى 34.66 مليار دولار مع نجاح الحصول على إيداع قطرى وليبى يقترب من 2 مليار دولار. ورغم ارتفاع الاحتياجات التمويلية لمصر إلى 9 مليارات دولار شهرياً هذا العام مقابل 6,5 مليار دولار العام الماضى بسبب ارتفاع فاتورة الاستيراد، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وبرغم نجاح مصر فى سداد حوالى 30 مليار دولار النصف الأول من هذا العام مع الحاجة فقط إلى 15 مليار دولار التزامات خاصة بالفترة المتبقية من العام، فإن قرار الإبقاء على سعر الصرف عند المستوى الحالى هو الأفضل لتحقيق الإستقرار الاجتماعى بالدرجة الأولى، وهو ما يجب أن يراعيه صندوق النقد الدولى، فهل يجعل الانتقال الدائم إلى سعر صرف مرن مطلبًا حاسمًا للحصول على الشريحة الثانية من القرض، أما على المستوى الاقتصادى فالمطلوب الوقوف أمام بعض المستثمرين والشركات الأجنبية التى تقوم بتحويل سيولتها الدولارية أو تنتظر السعر الرسمى ليعكس مزيدًا من الضغوط على ميزان المدفوعات، وهو ما يجب أن تتحوط منه السياسة الاقتصادية فى مصر عند المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى مع الصندوق، الذى يشترط تطبيق سعر صرف مرن لإفساح المجال للقطاع الخاص. وبالتالى فإن إعادة البناء نحو الأفضل ستركز على ضرورة استكمال جهود السيطرة على التضخم الذى بدأ فى عام 2022، مع تفادى أن تؤدى هذه الجهود إلى إحداث تباطؤ فى معدلات النمو الاقتصادى، وارتفاع معدلات البطالة، لذا فإن التركيز على التحولات الهيكلية التى يشهدها النظام الاقتصادى العالمى، وما يمكن أن تتيحه من فرص حقيقية لمصر للانتقال بمشروعها التنموى إلى مرحلة أكثر قدرة وفعالية تعوض ما فاتها من فرص كبرى، فالاقتصاد العالمى يمر الآن بتحولات كبرى تتشابه إلى حد كبير مع ما حدث فى الثمانينيات من القرن الماضى، والتى ساهمت فى ظهور نظام العولمة وسماته الرئيسية القائمة على النمو المتواصل والسريع اعتمادًا على حركة التجارة، واستثمار عبر الحدود، والصعود الكبير للصين واندماجها فى الاقتصاد العالم, مع غلبة الحسابات الاقتصادية على الاعتبارات السياسية فى العلاقات الاقتصادية الدولية، هذا النظام العالمى بدأت دعائمه تهتز الآن مع تراجع العوامل الدافعة نحو العولمة وتصاعد أسباب الانقسام والتفكيك لما نشأ عنها من روابط سابقة، والانتقال نحو الطاقة النظيفة سواء للحد من التغيرات المناخية أو لأسباب تتعلق بالصراع الدولى خاصة مع روسيا التى تعتمد على تصدير الغاز إلى أوروبا، وبالتالى فإن الحاجة إلى ضروره تبنى برنامج إصلاح اقتصادى شامل يتخطى برامج الإصلاح المالى والنقدى التى لم تفلح فى إحداث نقلة فى قدرات مصر الإنتاجية، والصناعية أصبحت ضرورة ملحة الآن، مع ضرورة ارتباطها بوجود إدارة حكومية وإطار قانونى مؤسسى قائم على نظام عدالة، ومناخ تنافسى، هذه التوجهات السابقة تعكس أمام القيادة السياسية، ضرورة تضافر كل الأفكار، وتجميع كل الآراء، وشحذ كل الطاقات والهمم، لصياغة بناء اقتصادى نحو الأفضل لمواجهة التحولات الاقتصادية الدولية والإقليمية الحالية والمرتقبة.