رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

الأسعار تتراوح بين 300 و400 جنيه.. والقائم بـ 150:

عيد «الأضحى» بدون «لحمة»!!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

«اللحمة» زينة عيد الأضحى المبارك، شعيرة ومناسك دينية وعادات اجتماعية يحرص عليها المصريون، فالقادرون يقومون بنحر الذبائح فى أجواء يسودها الفرح والبهجة، وغير القادرين يشترون اللحوم من الجزارين، بالإضافة إلى ما يقدَّم لهم كهدايا من الأهل والأصدقاء، المهم أن يتناول الجميع اللحوم فى «عيد اللحمة» 

ولكن الوضع تغير هذا العام، فقد شهدت أسعار اللحوم الحية والمذبوحة ارتفاعاً كبيراً فى الأسعار بما يفوق طاقة ملايين المصريين، بمن فى ذلك القادرون الذين وجدوا أن ارتفاع أسعار الأضاحى فاق كل التوقعات ليكسر سعر الأضحية حاجز الـ80 ألف جنيه، وهو ما يهدد أدى إلى حدوث حالة من الركود فى سوق المواشى ومع ذلك فما زالت الأسعار مرتفعة.

وكعادة المصريين تناولوا الأمر بمزاح، وانتشرت التعليقات الساخرة والنكات والكوميكسات والفيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعى حول أسعار اللحوم فى العيد وكذلك أسعار المواشى، معلقين: «شكلها كده أول عيد أضحى هناكل فيه كحك».

وعلى الرغم من جهود الدولة فى محاربة غلاء الأسعار، وجشع التجار فى ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار، فإن مصر شهدت ارتفاعاً غير مسبوق لأسعار اللحوم، واستغلال بعض التجار لرفع الأسعار ما أدى إلى حالة من الركود بالأسواق، بعدما تراوح سعر الكيلو من بين 300 إلى 400 جنيه، واللحم السودانى بالمجمعات الاستهلاكية يتراوح بين 200 و270 للكيلو.

 وقد صرح على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية فى تصريحات سابقة، بأنه مع اندلاع الحرب السودانية حدث اضطراب فى خط الإمداد من اللحوم الحية من السودان، ولذلك تعمل الدولة على توفير مصادر أخرى للاستيراد من أجل تنويع مصادر الماشية بالسوق بالقرب من عيد الأضحى، وأضاف أنه تم استقبال أكثر من 25 ألف رأس ماشية من السودان وجيبوتى وأوغندا وتنزانيا وضخها بالمجمعات الاستهلاكية استعداداً لاستقبال عيد الاضحى، كما تحرص الدولة أيضاً على توافر السلع الغذائية التى تهم شريحة كبيرة من المواطنين.

أسباب الارتفاع 

 

ورغم هذه الجهود، فقد ارتفعت أسعار اللحوم فى الأسواق المحلية بشكل غير مسبوق، وتوقع الخبراء أن ترتفع أكثر وأكثر مع اقتراب عيد الأضحى المشهور فى مصر بأنه «عيد اللحمة» وبالإضافة إلى هذا ارتفعت أيضاً أسعار الماشية الحية لتفوق قدرات كثير من المضحين حيث يتراوح سعر كيلو القائم بين 130 إلى 150 جنيهاً، هذا الارتفاع الرهيب فى الأسواق أرجعه محمد وهبة، رئيس شعبة القصابيين، إلى مشكلة الاستيراد، فمصر دولة غير منتجة للحوم وتعتمد على الاستيراد، كما أن اللحوم الموجودة لا تكفى استهلاك المواطنين، موضحاً أن متوسط سعر كيلو اللحم حالياً يتراوح بين 300 و400 جنيه.

وتوقع رئيس شعبة القصابيين أن تشهد أسعار اللحوم ارتفاعاً جديداً مع قدوم عيد الأضحى بسبب الزيادة المعتادة فى استهلاك اللحوم خلال العيد، قائلًا: «سعر اللحمة هيزيد لكن كام دى حاجة بتاعة ربنا.. يمكن ربنا يبعت لنا خير والأسعار متزيدش.. لازم نتعشم فى ربنا ومناخدش كل حاجة بسلبية». 

تجدر الإشارة إلى أن هيثم عبدالباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة، تحدث مؤخراً عن أن ارتفاع أسعار اللحوم وقال فى تصريحات تلفزيونية إن الأسعار الحالية غير مُرضية للجزارين لأنها لا تتناسب مع تكلفة الإنتاج، وأشار إلى أن هناك الكثير من محال الجزارة أغلقت أبوابها نظراً للارتفاع الشديد فى الأسعار، مؤكداً أن الجزارين يعانون بشدة، وأنهم اقترحوا أن تصدر الدولة قراراً بغلق إلزامى لمدة شهرين لحين استقرار سوق اللحوم.

وأوضح عبدالباسط أن أصحاب محال الجزارة دائماً ما يكونون فى مرمى الاتهامات والانتقادات، فى ظل ارتفاع الأسعار بهذا الشكل، رغم أنهم ليسوا مسؤولين عن هذه الارتفاعات القياسية بالأسعار، والمسؤولية تقع على عاتق مستوردى الأعلاف والأبقار الذين يبالغون فى هامش الربح».

‏حل الأزمة 

ولأن اللحوم أصبحت أزمة مصر فى العيد وفى غيره، سألنا الدكتور على إبراهيم أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة الزقازيق عن حل هذه المشكلة فقال إن هناك عدة أسباب وراء ارتفاع أسعار اللحوم، أولها وأهمها ارتفاع سعر الصرف، حيث إن تراجع سعر الجنيه المصرى أمام الدولار أدى إلى زيادة أسعار اللحوم داخل مصر لأن معظم مكونات الأعلاف مستوردة من الخارج.

وأوضح أن الارتفاع القياسى فى أسعار مستلزمات الإنتاج من الذرة الصفرة والفول الصويا، أدى إلى ارتفاع أسعار الأعلاف من 6000 جنيه إلى 20000 جنيه أى بزيادة أكثر من 300% مع ارتفاع سعر طن الذرة من 6000 جنيه إلى 14 ألف جنيه وفول الصويا من 8000 إلى 25 ألف جنيه مما أدى لارتفاع أسعار البيض والدواجن واللحوم وغيرها.

 ‏وأشار إلى أن الحرب فى السودان أثرت على أسعار اللحوم فى مصر، لأننا نعتمد على السوق السودانى كمصدر أساسى للوفاء باحتياجات السوق المصرى، فالتبادل التجارى فى اللحوم يمثل 60% من التبادل التجارى الكلى بين البلدين، ويمثل إجمالى حجم واردات مصر من اللحوم الحمراء ١,٤مليار دولار عام ٢٠٢٢ منها ٢٠٠ مليون دولار واردات لحوم من السودان، ورغم أن الحكومة اتخذت إجراءات عديدة لضبط أسعار اللحوم ومنها استيراد اللحوم من البرازيل والسودان وتشاد إلا إنها لم تحقق الهدف المطلوب.

لا يتوفر وصف.

وأوضح استاذ الاقتصاد ان قطاع الثروة الحيوانية يواجه مشكلة تتمثل فى السلالات التى يتم تربيتها وتسمينها من قبل الشريحة الأكبر من صغار المزارعين، وخروج شريحة كبيرة من صغار المربين من منظومة الإنتاج، أما كبار المربين فلديهم إمكانياتهم وآلياتهم الحديثة التى تمكنهم من الاستمرار فى الإنتاج وتحقيق هوامش ربح مناسبة.

وأضاف أن استخدام المخلفات الزراعية فى صناعة الأعلاف الحيوانية «المواشى الكبيرة والماعز والأغنام»، تعد خطوة غاية فى الأهمية لتخفيف الضغط عن الذرة الشامية وفول الصويا المُستخدمة بشكل رئيسى فى صناعة أعلاف، وأضاف أن الأعلاف التقليدية المستخدمة لتسمين الثروة الحيوانية يتم إنتاجها من الذرة الشامية وفول الصويا والنخالة وبعض الإضافات. 

وأشار الدكتور على ابراهيم إلى إمكانية الاستفادة من مخلفات التصنيع الزراعى من خلال قسم المخلفات الزراعية بمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى، فمثلاً مخلفات الطماطم والفلفل والأرز والسمسم والفول السودانى تدخل كلها فى صناعة الأعلاف بنسب معينة، وهناك أيضًا مخلفات التمور فى سيوة والوادى الجديد ويمكن لمخلفات التمور أن تدخل فى صناعة الأعلاف بدلاً من الذرة الشامية، وهناك أيضًا كُسْب السمسم والجاتروفا والجوجوبا والتى يمكن الاستفادة منها كبديل لفول الصويا، ويمكن خلط هذه المواد بنسبة تصل إلى 50% من الأعلاف للمواشى الكبيرة.

لا يتوفر وصف.

مشاركة فى الأضحية

والأضحية، من السنن المؤكدة يوم العيد، ومن السنة أيضًا أن يأكل الإنسان من أضحيته ويطعم منها أهله وأقاربه ويتصدق منها على الفقراء والمحتاجين، ولذلك كان الكثير من المصريين يحرصون على إقامة هذه الشعيرة حتى أصبحت تقليدًا سنويًا، ونظراً لارتفاع أسعار المواشى الحية كان البعض يحرص على التشارك وذبح أضحية واحدة، إلا أن ارتفاع الأسعار أصبح يهدد هذه العادة أيضاً فمن كان يدفع 10 آلاف جنيه فى الأعوام الماضية للمشاركة مع مجموعة تضاعف هذا الرقم فى العام الحالى، وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون عن إخراج المال بدلاً ذبح الأضحية، أو شراء لحوم وتوزيعها على المحتاجين بدلاً من الامتناع التام.

توجهنا بهذه التساؤلات للدكتور أحمد متولى، الأستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر فأجاب قائلاً: شرع الله الأُضْحِيَّة توسعة على الناس فى يوم العيد، وقد أمر الله أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه إسماعيل فاستجاب لأمر الله، ولم يتردد فأنزل الله فداءً له من السماء، قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم}ٍ، ولذا فالأُضْحِيَّة شعيرة من شعائر الله واجب تعظيمها كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وسنة من سُنن رسول الله ينبغى الالتزام بها؛ لأنها من أفضل وأجلّ الطاعات.

واستكمل حديثه عن الحكمة من مشروعية الأُضْحِيَّة؛ قائلا: لقد شُرعت الأضحية لِحِكَم كثيرة منها: إحياء سنة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه السلام فى يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد، كان ذلك كله هو سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما فى الصبر على طاعة الله وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها، كما شرعت الأُضْحِيَّة شكرًا لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة؛ فهى وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهل البَيت، وإكرام الجار والضَّيف، والتصَدُّق على الفقير، وهذه كلُّها مظاهِر للفَرَح والسُّرور والشكر بما أنعَمَ الله به على الإنسان.

وأوضح الاستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر أن جمهور الفقهاء اتفق على أن الأضحية سنة مؤكدة -أى أنه لا إثم فى تركها- يفوت المسلمَ خير كبير بتركها إذا كان قادرًا على القيام بها، فعن عائشة رضى الله عنها أن النبى قال: «مَا عَمِلَ آدَمِى مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أى: بثوابها الجزيل. وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها، ومنهم أبوحنيفة ومالك.

أما عن حُكم الاشتراك فى الأُضْحِيَّة؛ فقال إنه يجوز الاشتراك فى الأُضْحِيَّة بشرطين، الأول: أن تكون الذبيحة من جنس الإبل أو البقر، ولا يجوز الاشتراك فى الشياه، أما الشرط الثانى فهو أن البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة بشرط ألا يقل نصيب كل مشترك عن سُبع الذبيحة، ويجوز أن تتعدد نيات السبعة، لحديث جابر بن عبدالله رضى الله عنهما: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَامَ الـحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ»، والمرادُ بالبَدَنة: الإبل، وفى الحَديث: مَشروعيَّة الاشتراك فى الهدْى.

أما عن حُكم إخراج المال كبديل عن الأُضْحِيَّة؛ فيرى جمهور الفقهاء أنه لا يجوز استبدال أو إخراج قيمة الأُضْحِيَّة أو جزء منها نقدًا للفقراء؛ لأن ذلك يُفضِى إلى تَرْكِ سُنَّةٍ سَنَّها رسولُ اللهِ، كما أن الأصل فى مشروعية الأُضْحِيَّة هو إراقةِ الدَّمِ، وإطعام الفقراء باللحم، فقال تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}، وأن فتح باب التصدق بالمال بديلاً عن الأضاحى سوف يؤدى حتمًا على توالى الأيام إلى ترك الناس هذه الشعيرة الدينية، والإخلال بالتعبد بها، والإخلال بحكمة مشروعيتها. وأضاف أن من أخرج قيمة الأُضْحِيَّة أو جزءًا من ثمنها نقدًا إلى الفقراء، كانت صدقة، ولا تُعد أُضحية ولا يُعد من فعل ذلك مُضحيًا، أما عن حُكم من قدَّم ثمن الأضحية لجهة أو جمعية أو مؤسسة خيرية، لتكون وكيلة عنه فى ذبح الأضحية فى بلده أو فى أى بلد آخر من بلدان المسلمين يصيب منها الفقراء والمساكين، ففى هذه الصورة فقط، وبنية الأُضْحِيَّة يكون مُضحيًا، وإن لم يباشر الذبح بنفسه.