كنوز الوطن
لا يمكن أن تبنى دون أن تنظر للمستقبل ولا يمكن أن ترى المستقبل إلا إذا كان للتعليم مساحة كبيرة من فكر ورؤية الدولة، وهذا ما فعلته القيادة السياسية، وضعت التعليم كأولوية وركيزة للانطلاق، وما حدث فى ملف التعليم الجامعى خلال السنوات الماضية خير دليل على هذه الرؤية التى تستهدف المستقبل بما يعنيه من وظائف مختلفة تتطلب خريج مختلف ومؤهل لذلك، وتحديدًا الوظائف الرقمية، فالدراسات تؤكد أن هناك وظائف ستختفى خلال السنوات القادمة بفضل التقدم التكنولوجى وتحل مكانها وظائف أخرى رقمية ترتبط فى اغلبها بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى.
ولهذا فإن التوجه إلى الجامعات التكنولوجية كان خطوة جيدة وتعبير عن قناعة الدولة بأهمية تلك الجامعات، ويصل عدد هذه الجامعات حتى الآن 10 جامعات تكنولوجية، والمستهدف زيادتها خلال السنوات القادمة لتكون فى كل محافظة جامعة على الأقل، ولقد كنت محظوظًا بزيارة عدد من تلك الجامعات ضمن وفد مجمع عمال مصر وهى جامعة سمنود التكنولوجية وجامعة بنى سويف التكنولوجية، الصورة فى هذه الجامعات مبهرة وتؤكد أن هناك رؤية وتخطيطا علميا مدروسا يستشرف المستقبل ويستهدف تقديم خريج قادر على المنافسة فى السوق المحلى والخارجى.
سعدت كثيرًا وأنا أرى فكرا مختلفا وتصميما من إدارة هذه الجامعات المتقدمة والمتخصصة فى سوق العمل الصناعى، أن تخرج أجيال قادرة على قيادة المستقبل بالعلم الحديث والتكنولوجيا المتقدمة والتدريب العملى المستمر، وفى ظل قيادة سياسية تؤمن بأهمية العلم والتعليم الفنى الذى ساهم بشكل كبير فى نهضة العديد من الدول فى أوروبا وفى الدول الآسيوية التى طورت من نفسها من خلال التعليم الفنى فاصبحت صادراتهم التكنولوجية بالمليارات.
ýمما لا شك فيه أن هذه الجامعات ستساهم فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية بتوفير التعليم التكنولوجى بالجودة والكفاءة التى يتطلبها سوق العمل وتحقيق التميز والإبداع والريادة العالمية، بما يكفل الاستقلالية والاكتفاء الذاتى ومواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بفكر علمى وبشباب قادر على التعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة التى ستساهم فى التقدم العلمى، فتحية لكل القائمين على هذا المشروع المهم الذى يحتاج إلى تسليط الضوء عليه إعلاميًا حتى يعرف المواطن كيف تفكر الدولة فى مستقبل ابنائها.