عباس العقاد وسى السيد وأبوالعلا البشرى والشاويش طلبة.. شخصيات صنعت نجومية محمود مرسى

يمر اليوم 100 عام على ميلاد النجم القدير محمود مرسى، الذى أثرى الفن العربى بالعديد من الأدوار الهامة، وترك إرثاً فنياً متفرداً، حيث امتاز بأدائه الاستثنائى، ليترك علامة حقيقية فى كل دور يقدمه.

النجم الإسكندرانى ولد فى 7 يونيو عام 1923، وتلون بموج البحر فى أدواره المختلفة، فأتقن دور الشرير والطيب، وساعدته فى ذلك دراسته فى القسم الداخلى التابع للمدرسة الثانوية اﻹيطالية، فأتقن اللغات، وبعدها التحق بقسم الفلسفة فى كلية الآداب بجامعة اﻹسكندرية، ثم سافر إلى فرنسا من أجل دراسة اﻹخراج السينمائى وقضى هناك خمس سنوات كاملة، ثم انتقل إلى بريطانيا ليعمل فى هيئة اﻹذاعة البريطانية حتى وقع العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، فاستقال من عمله وعاد إلى مصر، وعندما حضر إلى مصر قرر يوسف شاهين أن يكتشفه، حيث وجد فيه، القدرة على التعبير، ممزوجة بالإحساس الصادق العميق الذى يملأ صوته، ورغم محاولات شاهين لاقناع مرسى بالتمثيل، إلا انه رفض فى البداية، حتى مارس مهامه كمخرج إذاعى، وقدم العديد من روائع الأدب العالمى، ومع بداية الإرسال التلفزيونى فى مطلع الستينيات سافر إلى إيطاليا فى بعثة قصيرة لدراسة الإخراج التلفزيونى باستوديوهات روما. كما مارس الإخراج المسرحى، وشارك بالتدريس فى معهدى السينما والفنون المسرحية، وكلها كانت تجارب مفيدة له قبل أن تخطفه السينما ممثلاً. حيث ظهر لأول مرة على الشاشة الفضية فى فيلم «أنا الهارب» لنيازى مصطفى عام 1962، وتوالت أفلامه ونجاحاته، حتى قدم عدداً من الأعمال المهمة فى مشواره الفنى وما زالت جميعها فى ذهن الجمهور.

ولكن مشواره الدرامى كان مختلفاً تماماً ومميزًا، حيث أمتعنا بأعماله الدرامية، وكان حريصًا على التواجد بمسلسلات تحكى قصة تتناول رسائل مهمة، بعد مشوار مميز من السينما، اتخذ فى الثمانينات قراره بالاتجاه الى الدراما التلفزيونية، وفيها وضع كل خبرته ورصيده وتجاربه، خاصة مع حسن اختياراته لأدواره وأعماله، التى تكاد جميعها تكون من أنجح ما قدمت الدراما المصرية فى ربع قرن الأخير، فقدم «أبوالعلا البشرى» و«العائلة» و«الثلاثية» و«الرجل والحصان» و«عصفور النار»، و«بنات أفكارى» و«العملاق» وغيرها.

وكانت فى مقدمة الأعمال التى وضح خلالها دور مرسى فى الدراما المصرية مسلسل «العملاق» الذى يحكى قصة وتاريخ الكاتب والأديب الكبير عباس محمود العقاد ويتناول عصره والأدباء والشعراء الذين التقى بهم فى حياته وكفاحه وكما يبرز المسلسل المناخ الفكرى والسياسى فى زمن العقاد ومدى تأثيره على حياته وعلاقته بمى زيادة ومعشوقته سارة التى كتب عنها رواية بأسمها، وعلاقته الطيبة بصديق عمره إبراهيم المازنى. تم عرض المسلسل لأول مرة فى العام 1979 وهو من إخراج يحيى العلمى.

ضمن الأعمال المهمة التى ما زالت تحظى باهتمام كبير فور عرضها مسلسل «الرجل والحصان» فى 1982، والذى يرصد قصة حصان يدعى عنتر وهو حصان مميز فى أحد مراكز الشرطة بالريف استمر فى عهدة الشاويش طلبة وهو ما يلعب شخصيته محمود مرسى سنوات طويلة، وشاخ الحصان ولم يعد قادرا على مطاردة المجرمين فتقرر الشرطة الاستغناء عنه، فيطلب الشاويش شراءه من الحكومة رغم ضيق ذات اليد، وشارك فى بطولته هدى سلطان ومحمد رضا ومديحة سالم.

وفى أواسط الثمانينات عاد مرسى للعمل حيث قدم فى هذا العام 4 أعمال فنية مسلسلين وفيلمين: مسلسل(أبوالعلا البشرى) الذى يعتبر علامه فارقة فى تاريخ الدراما العربية، والذى يروى تفاصيل حياة رجل نزح على القاهرة بعد تبنيه لابنة أحد أصدقائه الذى توفى، التى لعبت دورها الفنانة صابرين، ويحاول تغيير المفاهيم الخاطئة لمن حوله ويحاول زرع القيم والمبادئ فيهم، المسلسل عرض عام 1986، وهو أحد إبداعات الراحل أسامة أنور عكاشة ومن إخراج محمد فاضل، وفى نفس العام تم تصوير مسلسل (المحروسة)، الذى حقق أيضاً نجاح كبير ويعتبر أول رواية درامية عن القرية المصرية بما تحمله من متغيرات اجتماعية وسياسية، والمسلسل الذى يشارك فيه سميحة أيوب، يشهد تمثيل مشهد «أول حريق من نوعه» فى بلاتوهات التليفزيون.

وفى عام 1987 م قدم مرسى مسلسلين جيدين هما: (عصفور النار)، و(بين القصرين) قدم مرسى (بين القصرين) المسلسل، النسخة التلفزيونية من الجزء الأول من الثلاثية ويلعب محمود مرسى فيه، شخصية «سى السيد»، ويتناول الفترة قبل 1919، والذى يلقى الضوء على أسرة السيد أحمد عبدالجواد وشدته بين أفراد أسرته ومع أبنائه ومن ناحية أخرى حياته الليلية مع الراقصات، وتم إنتاجه عام 1987.

وأكمل نجاح ثلاثية محفوظ بتقديم مسلسل «قصر الشوق،» وهى استكمال لـ بين القصرين، التى ترصد حياة العائلة بعد وفاة نجلهم الأوسط «فهمى»، لكن مازال «سى السيد» يلهث خلف نزواته ويرغب فى الارتباط بابنة الراقصة التى لعبت دورها معالى زايد.

وانقطع مرسى بعد هذه الاعمال عدة سنوات ليعود بمسلسل «العائلة»، وهذا المسلسل كتبه وحيد حامد، وقدم عام 1994، وألقى فيه الضوء على بدايات ظهور الجماعات الإسلامية والانجراف خلف التيارات المتطرفة، ويلعب محمود مرسى دور أب فقد ابنه فى الحرب، ويحاول تحذير من حوله من التطرف الدينى.

وتلاه (أبوالعلا البشرى ج2) عام 1998م، و(لما التعلب فات) عام 1999م، وبعدما قدم مسلسل «بنات أفكار»عام 2001، ولعب فيه محمود مرسى دور كاتب روائى يعيش مع زوجته وابنتيه، ولكن يقع فى غرام امرأة أخرى وهى إلهام شاهين، وهذا يؤثر بالسلب على ابنتيه.

ونجح بعدما بمسلسل عصفور النيل، والذى يجسد فيه شخصيتين وهما صقر الحلوانى، الذى يطمع فى منصب أخيه صادق وهى الشخصية الثانية والذى يجسد دور العمدة لقرية الحلوانية، وذلك لحبه الشديد للمال والسلطة، فيموت (صادق) نتيجة رصاصة طائشة، فيتولى (صقر) العمودية من بعد مقتل أخيه، ويبدأ فى ظلمه، واستبداده الذى يجوب الناحية كلها.

وفى عام 2000 م حصل محمود مرسى على جائزة الدولة التقديرية تتويجا لمشواره الفنى الطويل، وفى مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة يقدم: مسلسله الشهير (بنات أفكارى) عام 2001 م مع الهام شاهين, ومسلسله (وهج الصيف) عام 2004 مع جميل راتب، وهـو آخر أعماله، توفى فى 24 نيسان عام 2004م بعد نحو 50 سنة من العطاء.

وعلى الرغم من نجاح الفنان محمود مرسى وسطوع نجمه فى مجال التمثيل إلا أنه كان له عدد من التجارب فى الإخراج المسرحى بدأها بمسرحية «بيت برنارد ألبا» للمؤلف الإسبانى جارسيا لوركا، وقد أخرج محمود مرسى المسرحية تلفزيونياً، التى شارك فى بطولتها أمينة رزق، سهير البابلى، رجاء حسين، إحسان شريف ونادية رشاد وأخرجها للمسرح فتوح نشاطى.

كما أخرج محمود مرسى للتلفزيون مسرحية «القضية» من تأليف لطفى الخولى وبطولة «حسن البارودى، عبدالرحمن أبوزهرة، عبدالله غيث، شفيق نور الدين وسهير البابلى وأخرجها للمسرح عبدالرحيم الزرقانى.

وفى عام 1961 أخرج «مرسى» مسرحية المحروسة للكاتب الكبير سعد الدين وهبة، وشارك فى بطولتها «توفيق الدقن، محمد السبع، شفيق نور الدين، رجاء حسين، محمد الدفراوى وعبدالله غيث». 

وفى عام 1963 كانت آخر التجارب الإخراجية للفنان محمود مرسى مع المسرح بمسرحية قصر الأحلام والتى شاركت فى بطولتها الفنانة فاتن أنور.