عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

مازلت عند رأيى الذى كتبته وأعلنته عدة مرات.. مصر ليست فى حاجة إلى مشروعات صغيرة، ولكنها فى حاجة إلى تدقيق الهدف وتخصيصه، ويجب أن نؤمن بأننا فى حاجة إلى «الصناعات الصغيرة»!! قد تقول لي: وما الفارق؟ سأقول لك إن الفرق كبير جداً.. لأننا نحتاج إلى تنظيم عمل الصناعات الصغيرة لتحقيق عائد على الاقتصاد المصرى يتناسب مع ما تصبو إليه الدولة المصرية.

المساواة بين المشروعات الصغيرة والصناعات الصغيرة فيما يتعلق بالتشريعات، والميزانيات، والخطط والأهداف، هى مساواة ليست فى محلها لأننا لانستطيع معاملة من يقوم بإنتاج مُنتج صناعى قابل لتغطية السوق المحلى وتوفير العملة الصعبة التى يتم انفاقها مقابل الاستيراد، ومن ثم تصدير هذا المنتج للخارج بعد تغطية السوق المحلى، لا يمكن معاملته دون تمييزه عن صاحب المشروع الصغير الذى يستهدف شغل السوق فى إطار دائرة تداول الأموال فقط، ودون جلبها من الخارج أو توفيرها بالإنتاج الذى يمنحنا الاستغناء عن منتجات خارجية.. وبالتالى فإن المساواة بين المصطلحين (المشروعات الصغيرة والصناعات الصغيرة) هى مساواة ليست فى محلها، لأننا فى حاجة إلى الصناعات الصغيرة للنهوض بالاقتصاد المصرى.

وما أقوله هنا ليس معناه تقليل الامتيازات الخاصة بالمشروعات الصغيرة، أو المنح التى يحصل عليها صاحب المشروع الصغير، وخاصة الشباب منهم، ولكن فقط أطلب زيادة المنح والامتيازات الخاصة بأصحاب الصناعات الصغيرة، مهما كانت أعمارهم، ومهما كان تصنيفهم الإقليمى أو المهنى.

إذا أردنا اتخاذ خطوات صناعية مهمة، فيجب علينا الاهتمام بعدد من الحرف والصناعات التى تتركز فى قرية أو محافظة بعينها، دون غيرها، وهى ذاتها الطريقة التى تمكنت من خلالها دولة الصين، من تحقيق نهضة صناعية عظيمة، فتحولت قراها ومدنها، إلى مراكز صناعية متخصصة، وهو ما نحتاجه لنتمكن من الاكتفاء الذاتى، وحتى نعبر إلى التصدير الدائم المستقر، لصناعات وحرف، نمتلك أدواتها.

هذا البلد، يمتلك إمكانيات ضخمة، لم يتم استغلالها فعليًا حتى الآن، ونستطيع إنشاء مُجمعات ضخمة للصناعات الصغيرة التى تسهم فى الناتج القومى، وتؤدى إلى زيادة الإيرادات الحقيقية، لمنظومة الاقتصاد، ولكن يكفى أن تتجه أنظار رجال الصناعة المصريين لها، وأن تساعدهم مؤسسات الدولة فى تحقيق المستهدف الاقتصادى من هذه المشروعات!

مثلًا.. محافظ الدقهلية، لماذا لا يقوم بزيارة قرية «الجراح» بمركز أجا، لسؤال الناس هناك عن احتياجاتهم، ومشكلاتهم، والمعوقات المتعلقة بالإنتاج؟! قرية الجراح لمن لا يعرفها، هى القرية النموذجية الأهم فى محافظة الدقهلية، لأنها نجحت فى القضاء على البطالة تمامًا، فجميع أبناء القرية يعملون فى صناعة الزجاج، وتعمل النساء فى زخرفتها، وتخصصت القرية فى هذه المهنة، حتى تمكنت الورش الموجودة بها، من تشغيل الكبار والصغار، فى مراحل التصنيع المختلفة، بل إنها نجحت فى تشغيل بعض أبناء القرى المجاورة، فى هذه المهنة، ونجحت أيضًا بعض الورش فى تصدير المنتجات للخارج، وأسهمت فى جلب عملة صعبة للبلاد، ونحن هنا نتكلم عن قرية كاملة تسهم فى الناتج القومى، وحتى الآن لم تتدخل الجهة المسئولة عن رعايتهم لتطوير عمل الورش هناك، وتحويلها إلى مصانع كبيرة، صحيح التكلفة تتجاوز المليار جنيه، ولكنها ميزانية لن تضيع فى الهواء، ولكنها ستحقق ملايين الدولارات خلال سنتين على الأكثر، لتتحول إلى صناعة عملاقة تحقق دخلًا ثابتًا، للقرية، والمحافظة، والدولة!

وبمناسبة الزجاج.. هل تعرف أن منطقة البحر الأحمر، ووسط وجنوب سيناء، وبعض مناطق الصحراء الغربية، يوجد فيها «كنز»؟ نعم كنز طبيعى اسمه رمال الصحراء!! لأن مصر واحدة من أهم دول العالم، فى امتلاك الرمال البيضاء وبكثافة عالية، وهذا النوع من الرمال يتم استعماله فى تصنيع الزجاج والكريستال، وكنا نقوم، منذ سنوات، بتصدير هذه الرمال البيضاء إلى عدد من البلدان الصناعية فى أوروبا وآسيا، خاصة، إيطاليا والصين، بسعر 30 دولارًا للطن، وتقوم هذه الدول بتصنيعه، وإعادته لنا زجاجًا فاخرًا، بسعر يتراوح بين ألف وعشرة آلاف دولار للطن الواحد! بل يتزايد السعر إذا تم تحويله إلى رقائق إلكترونية! ولا أعرف.. هل مازالت عمليات تصدير الرمال قائمة أم لا.. ولكن بأى حال لماذا لا نسعى بأى صورة، لتحويل الرمال إلى ذهب، من خلال إنشاء مصانع عملاقة، تقوم بتحويل هذا الكنز المجانى المتواجد منذ آلاف السنين فى صحرائنا إلى زجاج مصرى فاخر ونقوم فى نفس الوقت بتوريد الرمال لمصانع زجاج صغيرة فى المحافظات؟ ألا تستحق هذه الفكرة رعاية الدولة؟! ألا تستحق مصانع الزجاج الكبيرة، البحث فى أسباب تراجعها وفشلها إداريًا وإنتاجيًا؟ ألا يستحق أصحاب ورش صناعة الزجاج الصغيرة، فى الدقهلية وغيرها، تسليط الضوء على مشكلاتهم، واستماع المحافظين لهم، مثلما يستمعون، لأصحاب المشروعات الفردية ضعيفة الناتج؟!

النماذج التى تستحق الاهتمام والرعاية كثيرة، ولكن تحتاج إلى إرادة من المحافظين والمسئولين المحليين، والوزراء المعنيين، ويجب أن تكون لديهم مبادرة اقتحام المشكلات الاقتصادية بطرق غير تقليدية!