رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

مخاوف من كارثة اقتصادية عالمية.. هل يدفع العالم ثمن الديون الأمريكية؟

مع ازدياد حدة المخاوف من كارثة اقتصادية عالمية تحدق بالعالم ستكون الولايات المتحدة مركز انفجارها وانتشارها فى حال لم يتم تسوية الخلاف الجمهورى -الديمقراطى، يبقى العالم بين سيناريوهين: إما أن يصدر الكونجرس بقيادة الجمهورى مكارثى قراره برفع سقف الدين العام الأمريكى لتتمكن الحكومة الأمريكية من دفع فواتيرها وسداد التزاماتها أو أن يعترض الكونجرس فتعجز الولايات المتحدة للمرة الأولى عن سداد ديونها، وهو مايعنى اختناق العالم اقتصاديًّا.

تريليونات الحرب فى العراق وأفغانستان:

 مع الانتقادات الداخلية والخارجية المستمرة لدعم الولايات المتحدة و أوروبا لأوكرانيا فى ظل الأزمة الإقتصادية الناجمة عن تلك الحرب، وهو الأمر المعتاد بالنسبة للحكومات الأمريكية المتعاقبة، إذ تواجه سياسات الاقتصاد الأمريكية انتقادات محلية بشكل مستمر حول ميزانية الدفاع وتكلفة الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة.

 قدرت وزارة الدفاع الأمريكية  فى مارس عام 2019 إجمالى قيم الإنفاق على العمليات العسكرية فى أفغانستان  بنحو 737.592 مليار دولار خلال السنوات المالية 2001 إلى 2018، بالإضافة للمطالبة ب46,3 مليار دولار إضافيين من أجل العملية العسكرية فى أفغانستان، والبعثات المرتبطة بمهامها فيما قدرت جامعة براون فى عام 2021 التكاليف الفعلية للحرب فى أفغانستان بـ2.261 تريليون دولار، منها 530 مليار دولار تم إنفاقها على مدفوعات الفوائد، و 296 مليار دولار على رعاية المحاربين القدامى.

فيما بلغت تكلفة الحرب على العراق 2,6 تريليون دولار، إذْ أشارت ليندا بيلمز كبيرة محاضرى السياسة العامة فى كلية هارفارد كينيدى، فى عام 2013 أن إجمالى تكاليف الحرب الأمريكية فى أفغانستان والعراق يتراوح بين 4 إلى 6 تريليونات دولار أمريكي، واحتسبت  تكلفة الحربين معًا  نظرًا لوقوعهما فى وقتٍ متقارب كما تم الدفع بالكثير من القوات الأمريكية بشكل جماعي، وتعد حروب العراق وأفغانستان ضمن الحروب الأعلى تكلفةً فى تاريخ الولايات المتحدة.


الصين إحدى أشرس منافسى الولايات المتحدة: 

فى البداية علينا توضيح الموقف الأمريكى الحالى وهو ببساطة أن نفقات و التزامات الحكومة الأمريكية أعلى بكثير من وارداتها مما يجعل الإستدانة أمر لا مفر منه، إذْ إنه بالنسبة للولايات المتحدة أمر طبيعى ومعتاد منذ تأسيسها فى عام١٧٧٦، فيما يمثل سقف الدين الحد الذى عند الوصول إليه لايمكن للحكومة الفيدرالية الاقتراض الإضافى إلا بعد سداد مديونياتها، مما يعنى أن تتعثر الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها وبالتالى يلجأ الرئيس إلى مطالبة الكونجرس برفع سقف الدين، أى زيادة حجم المسموح به من الاستدانة للوفاء بالتزامات الدولة وهو ماحدث، إذْ من المفترض التوصل إلى قرار بحلول يونيو المقبل أى بعد أيام عدة قلائل، ولكن مايدور على المسرح الأمريكى يوحى بأن المسألة قد تتطلب وقتًا أكبر للوصول إلى حل، إذْ يرى الجمهوريون بقيادة رئيس الكونجرس كيڤن مكارثى أنه لا مانع من رفع سقف الدين ولكن على الحكومة الأمريكية ترشيد وخفض نفقاتها بواقع ٤ تريليون دولار مما يؤثر على سياسات إدارة بايدن، فيما يرى الديمقراطيون أن على الحكومة الاستمرار على نهج الإنفاق المتبع دون تغيير لتبقى محاولات التسوية عالقة مع تعرض كل من بايدن ومكارثى للضغوط الحزبية.

فيما يؤكد مكارثى أن الجمهوريين لن يقبلوا بأى حال أن تتعثر الولايات المتحدة فى سداد ديونها و تتمثل الديون الأمريكية فى سندات الضمان الداخلية المملوكة لجهات و أشخاص داخل الأراضى الأمريكية، وهى ورقة مالية تثبت ملكية حصص فى مؤسسات كالشركات أو المتاجر وما شبه ذلك فى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى سندات ضمان خارجية وتعد الصين إحدى أبرز ملاكها مما يجعلها ليست فقط الغريم التقليدى للولايات المتحدة إلى جانب روسيا، ولكن هى كذلك إحدى أبرز الدول الدائنة للولايات المتحدة  وعلى الرغم من محاولات البلدين بتحسين العلاقات بحسب تصريحات السفير الصينى فى واشنطن أمس الثلاثاء، إلا أن الخلافات المتجذرة بين البلدين فى مختلف القضايا وأبرزها ملف شبه جزيرة تايوان، تجعل التساؤل الذى يتبادر إلى الأذهان ما موقف الصين كدائن حيال تعثر الولايات المتحدة، فى سداد ديونها وهل يمكن استغلال ذلك لتسيد المشهد الاقتصادى العالمى الإجابة هى لا، إذْ إن الصين تعتمد على نظام مالى مغلق يعتمد على المدخر المحلى وفرض الضوابط على رؤوس أموال المشروعات المختلفة.

 كما أن نسبة ديون الاقتصاد الصينى قد بلغت 300 %؜ مايجعل موقفها ليس بأفضل من موقف الولايات المتحدة بل تعد أبرز المتضررين فى حال حدوث كارثة اقتصادية على إثر تعثر الولايات المتحدة، وعلى الرغم من  المخاوف جميعها إلا أن الولايات المتحدة لن تتعثر فى السداد، إذْ هناك عدد من الإجراءات التى تجنب الحكومة الفيدرالية ذلك الموقف الخطير، أهمها تجاهل سقف الدين من الأساس، إذْ يمنع الدستور الأمريكى امتناع الحكومة الفيدرالية عن سداد مديونيتها وفى حال عدم تعاون الكونجرس من أجل وفاء الدولة بالتزاماتها فإن الدستور يعطى الحق للرئيس فى الاقتراض لسداد الدين العام، دون الأخذ برأى الكونجرس مما يعنى أن الأزمة التى أثارت مخاوف العالم حلولها ليست بعيدة.