عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا يمكن تقييم الأداء الاقتصادى لمصر بمعزل عن أداء الدول المجاورة أو الدول الشبيهة فى مختلف أنحاء العالم، ذلك لأن التقييم الحقيقى للسياسات المنفذة فى أى دولة يستلزم بالضرورة النظر إلى هذه السياسات بالمقارنة مع مثيلاتها فى الدول الأخرى.

من هُنا تتجلى لنا أهمية متابعة ترتيب مصر فى المؤشرات الدولية المختلفة. فتحسين الأداء وتطوير السياسات لا يُمكن القيام به إلا إذا نظرنا بإمعان فيما يقوله لنا الآخرون ممثلا فى المؤشرات الدولية.

ولست ممن يعتقدون أن كل تصنيف أجنبى أو مؤشر خارجى هو بالضرورة موجه أو مُسيس، لأن هناك بالفعل أدوات ووسائل موضوعية لقياس معظم المؤشرات المعمول بها. ولا تستطيع جهات الاصدار ومعظمها مؤسسات ومراكز دولية أن تغامر بمكانتها وسمعتها للتشهير ببلد ما أو تشويهه.

وحسبنا أن نُمعن النظر فى مؤشر الحرية الاقتصادية لسنة 2022 الصادر مؤخرا عن مؤسسة التراث الأمريكية والذى يضم 184 حيث جاءت مصر فيه فى المركز الـ 152 عالميا، والمركز الحادى عشر على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فمن المؤسف هنا أن تسبقنا فى هذا المؤشر دول عربية نامية مثل الأردن، العراق، الجزائر، وموريتانيا. ولا شك أن ورود مصر فى مركز متأخر فيه يثير انتباهنا إلى ضرورة مراجعة بيئة الأعمال، وما تزدحم به من معوقات وحواجز.

وأتصور أنه لا خلاف بين أحد من المتابعين لبيئة الاستثمار فى مصر على أن مناخ الأعمال فى حاجة ماسة للمزيد من العمل والاصلاح والتعديلات التشريعية لعبور تحدى البيروقراطية، تلك الكلمة الكبيرة فى وقعها والتى نرى الجحيم كلما أوغلنا فى تفاصيلها الصغيرة.

إن البعض يستسهل وصم كل مؤشر دولى بالانحياز واللاموضوعية كلما نبش هذا المؤشر جرحا غائرا فى جسد الوطن، تحت تصور الاستهداف وتآمر الدول الكبرى والمؤسسات الدولية ضد بلادنا، رغم أن هؤلاء أنفسهم هم مَن يحتفون بأى تقدم يُحرز فى مؤشرات دولية أخرى مثل مؤشر التنافسية أو الاستقرار وسيادة القانون. وإذا كان موقع مصر فى مؤشر الحرية الاقتصادية غير مُرضٍ، فإن مصر تقدمت خلال 2022 فى مؤشرات أخرى مثل المساءلة، الاستقرار السياسى وغياب العنف، الجودة التنظيمية، مكافحة الفساد، وغيرها. ولا شك أن ذلك نتاج جهود حثيثة للدولة تؤكد أن هناك مسارات جادة للإصلاح الحقيقى.

إن مصر تتطلع بجدية لجذب رؤوس أموال كبيرة فى مختلف مجالات الاستثمار وفقا لخطة الدولة، وأبرز دليل على ذلك تفعيل المجلس الأعلى للاستثمار والذى اجتمع قبل يومين برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، واتخذ 22 قرارًا تاريخيا مهمًا فى مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية لتحسين أوضاع الاستثمار. وتستهدف هذه القرارات خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس، وتسهيل تملك الأراضى، والتوسع فى إصدار الرخصة الذهبية، وتعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسى فى السوق، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلى والأجنبى، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم حزمة متكاملة، وتنافسية، من الحوافز والتسهيلات فى القطاع الزراعى، والصناعى، والطاقة فيما يخص إنتاج الهيدروجين الأخضر، وقطاع الإسكان وما يخص المطورين العقاريين والمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة، وكذا قطاع النقل فيما يتعلق برسوم الصادرات والجمارك، وتوحيد استراتيجية التسعير.

لقد كنت دائما أرى أن المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية هو الصخرة التى تنكسر عليها كافة حواجز البيروقراطية، وكل هذا يدفعنا أن نهتم بكل ما يصدر، ويطرح ويقال هنا وهناك عن الاستثمار وأى مشكلات تواجهه، سعيا إلى علاجها. وأرى ضرورة تشكيل لجنة رسمية لدراسة المؤشرات الدولية ومتابعتها. فلا يجب أن ندفن رؤوسنا فى الرمال، وإنما يجب أن نعمل بإخلاص.

وسلامٌ على الأمة المصرية.