حكاية وطن
تمتعت المرأة بالعديد من مظاهر الاحترام والتقدير فى الحضارة الفرعونية القديمة، فكانت مساوية للرجل فى الحقوق، وكانت تمارس الكثير من المهن باستثناء المهن الشاقة التى لا تتحملها طبيعتها الأنثوية مثل القتال والزراعة وغيرهما من الأعمال الصعبة، وكانت المرأة المصرية تحظى بالكثير من الحقوق التى تسمح لها التصرف بممتلكاتها الخاصة كما تشاء، بعكس الحضارات الأخرى التى كانت توجب تولى ذكر أمر الوصاية على ممتلكات المرأة.
كما كانت المرأة المصرية تتمتع بحق الزواج بمن تشاء، وتنفصل عن زوجها إذا شاءت، ولا يتطلب ذلك وجود وصى عليها من أسرتها فى أمر الزواج، وإذا تطلق الزوجان فلا حرج عليهما، لكن من الأفضل أن يظل الزوجان مع بعضهما بقية حياتهما.
وكما كان يوجد آلهة ذكور عند المصريين القدماء، فكانت هناك آلهة إناث أيضا، ويظهر ذلك واضحا فى أسطورة إيزيس وأوزوريس أشهر الآلهة المصرية.
لم يبخل المصريون القدماء على المرأة بمناصب رفيعة فى الدولة، فقد تولت المرأة وظيفة كاتبة وكاهنة، ووزيرة بل ومنهن من تربعت على عرش السلطة وصارت حاكمة للبلاد، وهذا لم تقبله العديد من الحضارات القديمة، أما عن الحضارة المصرية فقد سمحت للمرأة تولى الحكم كميراث عن الأب والزوج، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك مثل نفرتيتى، فقد كان المصريون القدماء يفضلون تولى حاكمة امرأة تحمل الدماء النبيلة على تولى حاكم رجل غير حامل للدماء النبيلة، ومثال ذلك حتشبسوت التى تولت الحكم بعد أخيها وزوجها تحتمس الثانى، وفى زواج الأخوة دليل على أن المصريين القدماء كانوا يحرصون على نقاء الدماء النبيلة بزواج الإخوة ببعضهم.
لم يكن الزواج قديما مسألة دينية.. امتلك أى شخص حر الحق فى الزواج سواء كان فقيرا أو غنيا، لم يقع أى احتفال يشمل كاهنا وإنما كان عرفا اجتماعيا يتطلب اتفاقا، بمثابة عقد، يتفاوض بشأنه الخاطب مع عائلة زوجته المحتملة، ويتضمن الاتفاق تبادل أشياء قيمة من قبل الطرفين، كان الخاطب يعرض مبلغاً فى الوقت المناسب تحت مسمى «هدية العذرية»، لتعويض العروس عما ستخسره، كانت عذرية الإناث العرائس ثمينة فى العصور القديمة، لم تقدم هذه الهدية فى حالة الزواج مرة أخرى.
وقام الأزواج المصريون القدماء بعدة اتفاقات قبل الزواج كانت فى مصلحة الزوجة، فإذا صدر الطلاق من الرجل، خسر كل الحق فى المطالبة بهداياه واضطر لدفع كمية معينة من المال كنفقة لمطلقته إلى أن تتزوج مرة أخرى أو تطلب إيقاف دفع النفقة.
كانت حضانة الأطفال من حق الزوجة كذلك ملكية المنزل، ما لم يكن مملوكا من قبل عائلة الزوج. كانت وسائل منع الحمل والإجهاض متاحة للسيدات سواء المتزوجات أو غيرهن.
كانت للمرأة حقوق جليلة فى كل عصور مصر القديمة باستثناء أوقات الاحتلال، فكان بإمكانهن امتلاك الأراضى، وبيع وشراء العقارات، المبادرة بالطلاق، كان ينظر إلى النساء باحترام فى مصر القديمة، وأخذت مكانة المرأة فى مصر القديمة بالتراجع فى القرن الرابع الميلادى نتيجة اعتماد القوانين والثقافة اليونانية الرومانية جنباً إلى جنب مع ظهور المسيحية التى شجعت أعلوية الذكور. واستمرت مكانة المرأة بالتراجع فى القرن السابع الميلادى بعد الغزو العربى الإسلامى لمصر.