لبنان طريح الأزمات والمعالج لم يصل بعد

مازالت جروح المعاناة اللبنانية المتفاقمة تنزف ومازال لبنان الطريح بعد تفاقم الحالة و إنتشار مرض الأزمة السياسية والإقتصادية وتداعياته يئن بين المعاناة من شدة الألم وبين أملاً فى الشفاء لا يتحقق ودون أن يقدم المعنين بالمعالجة حلاً ناجعاً يريح لبنان وشعبه من تلك الحالة المزمنة .

حالة تخلص من الحياة كل يوم  بسبب سوء الأحوال الإقتصادية

أوضح تلفزيون صوت ألمانيا "دويتش فيله" فى تقرير مصور لها أن معدل حالات التخلص من الحياة فى لبنان يشهد ارتفاعا حادا إذ بلغت حالات إنهاء الحياة فى الربع الأول من العام الجارى 38 حالة، 3 حالات منهم وقعت فى إسبوع واحد مشيرة إلى أن تقريرا محليا أكد أن كل 6 ساعات تشهد حالة إنتحار جديدة لسوء الأحوال المعيشية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الضغوط فيما شهد عام 2022 وقوع 138 حالة إنتحار دون تسجيل الحالات التى فضل أهلها عدم الإبلاغ عنها فيما كانت وتيرة إرتفاع حالات الإنتحار أشد فى عام 2021 بحسب العربية.

وكانت الأزمة اللبنانية علقت داخل النفق المظلم منذ عام 2019 بعد تظاهرات أكتوبر ثم الغرق فى طوفان جائحة كورونا ثم كارثة إنفجار مرفأ بيروت بالإضافة إلى عدة عوامل شكلت أحجارا أساسية فى الأزمة الهائلة التى تعيشها لبنان

أزمة المودعيين فى انتظار الرئيس

بعد انخفاض إجمالى الناتج المحلى بنحو 23.1 مليار دولار فى 2021 وهو ما أدى إلى استمرار حلقات مسلسل الانكماش الاقتصادى وكذلك التراجع الحاد فى الدخل المخصص للإنفاق ماترتب عليه الإنخفاض فى نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلى بنسبة 36.5% بين أعوام 2019 و2021، وفى يوليو 2022، هبطت لبنان من قائمة الشريحة العليا إلى شريحة البلدان متوسطة الدخل وأعاد البنك الدولى تصنيف لبنان ضمن الشريحة المتدنية من البلدان متوسطة الدخل وأشار تقرير البنك الدولى إلى أن هذا الانكماش الحاد عادة مايكون مصاحبا للصراعات أو الحروب وقد أدى التخفيض الرسمى الأول منذ ربع قرن لزيادة هائلة فى سعر البيع للمستهلك وبلغ إرتفاع أسعار المواد الغذائية 350؜ % فيما بلغت أسعار الإتصال 620%؜ سنويا.

كما دفع الانهيار الإقتصادى الحكومة إلى رفع الدعم عن كافة السلع فيما عدا القمح كما عجزت لبنان عن دفع قيمة ديون خارجية بقيمة 30 مليار دولار فيما بلغ التضخم إلى 264% وهو الأضخم منذ سنوات الحرب الأهلية وفى مايو من عام 2022 أقرت الحكومة اللبنانية خطة للتعافى المالى والإقتصادى أسمتها خطة النهوض بالقطاع المالى وهى الخطة التى لم تحظى بالتأييد المطلوب.

ورأى البعض أنها ليست على مستوى الأزمة التى صنفها البنك الدولى ضمن أسوء ثلاث أزمات فى التاريخ الحديث وتشمل الخطة إعادة رسملة جزئية لمصرف لبنان وتجزئة الخسائر لتتحمل الدولة الجزء الضئيل منها فيما يتحمل مصرف لبنان وجمعية مصارف لبنان والمودعيين نصيب الأسد مع تأكيد نائب رئيس الوزراء سعادة شامى والذى يعد مهندس عملية خطة التعافى على عدم قدرة الحكومة على إعادة أموال المودعيين بالكامل بل سيتم إعادة ودائع الحسابات التى تحتوى على أكثر من 100 ألف دولار عبر صندوق يمول من خلال أصول البنك المركزى والبنوك التجارية مما دفع المودعيين للخروج فى تظاهرات أمام مجلس النواب وقصر بعلبك عدة مرات، كان آخرها أمس الثلاثاء وسط احتجاج شعبى على تحمل الشعب أعباء الدولة والمطالبة بإقرار قانون الكابيتال كنترول الذى يهدف إلى وضع ضوابط على التحويلات البنكية.

كما شهدت لبنان عدة حوادث لاقتحام المودعيين للبنوك وطلب سحب أموالهم تحت تهديد السلاح فى سابقة غريبة على لبنان وشعبها الذى عرف بعشق الحياة واليوم يصارع من أجل البقاء فيما يعد حل تلك الأزمة رهينا بإختيار الرئيس وتشكيل الحكومة وهى فى حد ذاتها أزمة إذ لن تستقيم الأمور دون وجود رئيس حسبما صرح وزير الإعلام فى حكومة تسيير الأعمال زياد المكارى، فيما لازالت أزمة انتخاب الرئيس فى طور محاولات الحل.

وبحسب وسائل إعلام لبنانية شهد الأسبوع الماضى اتصالات مكثفة بين كل أطراف وتيارات العملية السياسية فى لبنان من أجل بحث سبل التوصل إلى توافق حقيقى حول الإستحقاق الرئاسى المقبل، مشيرة إلى أن سليمان فرنجيه مازال الأسم الأكثر ترددا والمرشح الأوفر حظا.

والتقى رئيس مجلس النواب نبيه برى السفيرة الأمريكية بلبنان دورثى شيا بالتزامن مع دعوة الولايات المتحدة البرلمان اللبنانى لانتخاب رئيس البلاد.

كما التقى الكاردينال المارونى مار بشارة بطرس الراعى نائب رئيس مجلس النواب اللبنانى إلياس بو صعب والذى يعد المشرف على عملية الإتصالات والتوافق بين أطراف العملية السياسية من بداياتها، فيما تشير توقعات إلى أن قادة حزب التغيير قد يتقدموا بطرح اسم مرشح أخر، وقد يستغرق الأمر شهرين ليتم طرح اسم الرئيس المنتخب وتشكيل حكومة جديدة.

وأعلن الأمين العام لحزب الله أن الأزمة فى طريقها نحو الحل ولكن هناك حاجة لبعض الوقت جاء ذلك خلال حفل التكليف السنوى الذى نظمته ثانوية المصطفى فى النبطية جنوب لبنان أول أمس الثلاثاء.

وأشار إلى أن فرصة انتخاب الرئيس هى اليوم أكثر وضوحا لكنها غير ناجزة بعد، ونحتاج إلى بعض الوقت وآمل أن لا يكون طويلا" فيما دعا رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى خلال لقاؤه بوفد من أعضاء "تجمع مستقلون من أجل لبنان" فى مقر الرئاسة الثانية فى عين التينة ببيروت أمس الأربعاء إلى إنتخاب الرئيس قبل منتصف يونيو كحد أقصى المقبل حيث تنتهى ولاية حاكم مصرف لبنان فى شهر يوليو وتقتضى عملية اختيار من يخلفه مشاركة رئاسية فهل يصمد لبنان حتى يصل الطبيب أم ستقضى عليه جراحه.