رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

الاستقرار الحزبى هو استقرار سياسى للدولة لخدمة مشروعات التنمية ودفع عجلة الإنتاج وتعظيم الاقتصاد، وتأسيس مشهد سياسى قائم على المؤسسات المنتجة والفاعلة للمساهمة فى تطوير الحياة السياسية والمساعدة فى إيجاد حلول لما تعانيه الدولة من أزمات وفى مقدمتها الأزمة الاقتصادية العالمية.

بعض الأحزاب حوّل العمل الحزبى إلى وجاهة اجتماعية زائفة وليست وسيلة لتمكين الديمقراطية، وتفرغ قياداتها للبحث عن مناصب شرفية لخدمة مصالحهم الشخصية، ولا تقدم شيئاً للوطن والمواطن.

الهشاشة المالية لمعظم الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة دفع أحد نواب البرلمان، النائب عبدالمنعم إمام، رئيس حزب العدل، إلى تقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب أحاله رئيس المجلس الدكتور المستشار حنفى جبالى منذ أيام إلى اللجنة التشريعية ولجنة الخطة والموازنة لدراسته وإعداد تقرير عنه، أهم ما فيه أنه يقترح عودة تمويل الدولة للأحزاب السياسية، كما كان يحدث فى السابق، مشروع القانون حصل على توقيع عُشر أعضاء المجلس، ما يعنى أنه سيتنافس فى لجنة الموضوع فقط وفى حالة الموافقة عليه، سينزل من خلال تقرير إلى الجلسة العامة.

وإن كنت فى رأيى أرى أن يتأنى مجلس النواب فى مناقشة هذا المشروع المهم للأحزاب السياسة المصرية ما يعنى أنه تعديل لقانون الأحزاب السياسية الصادر عام 1977، ولم تجر عليه إلا تعديلات طفيفة، لحين طرحه أمام الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى جميع المصريين بدون استثناء ما عدا الجماعة الخارجة على الاصطفاف الوطنى، ليتشكل من جميع المناقشات رغبة حقيقية من الأحزاب السياسية فى تعديل مسارها.

المسار الذى يجب أن تسلكه الأحزاب السياسية هو التخلى عن «التخمة» التى تسمى بالإسهال الحزبى الذى ترتب على حرية إصدار الأحزاب بمجرد الإخطار، ولا نريد العدول عن هذه الطريق فى إنشاء الأحزاب ولكن الذى يجب أن تلجأ إليه الأحزاب هو فكرة الاندماج لتقوية العمل الحزبى الجاد الذى يخدم الدولة بشكل عام، ويجعل الأحزاب مؤهلة لتفعيل المادة الخامسة من الدستور والتى تؤكد قيام النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها. إذ تعد الانتخابات هى أهم الوسائل التى يمكن من خلالها تداول السلطة سلمياً، فى النظم الديمقراطية النيابية ويكون بموجب تلك الوسيلة الشعب مصدر السلطات.

فلا يجوز حالياً الحديث على دعم مالى للأحزاب السياسية من الدولة دون إجراء عملية تنظيم للأحزاب السياسية من خلال القانون أيضاً. وأن تعود الأحزاب السياسية للاقتراح الذى قدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال كلمته بالمؤتمر الوطنى الخامس للشباب عام 2018 عندما دعا فى كلمته إلى فكرة اندماج الأحزاب السياسية للوصول إلى حزبين أو أكثر أقوياء لتنشيط الحياة الحزبية.

دعوة الرئيس اهتمت بها الأحزاب السياسية فى حينها، ودعا عدد من رؤساء الأحزاب إلى اجتماع بينها لمناقشة إعداد وثيقة وطنية وحزبية متكاملة تجتمع حولها الأحزاب والقوى السياسية لا ثراء الحياة الحزبية فى مصر، واقترح بعضهم أن تكون عملية الدمج تابعة من حوار مجتمعى والقوى الفاعلة على الأرض، وأن يظهر من خلال الدمج أربعة أو خمسة أحزاب قادرة على المنافسة ليخرج منها الحزب الحاكم من خلال الانتخابات التشريعية وكذلك حزب وسط وحزب معارض، لأن ضخامة عدد الأحزاب الذى وصل إلى 104 أحزاب حالياً تعوق العمل الحزبى.

واجهت عملية الدمج تعثراً شديداً بسبب غياب التنسيق بين الأحزاب، وبحث بعض رؤساء الأحزاب عن الزعامة، وضعف التمويل، غياب البرامج، والتضارب بينها، وزيادة عدد الأحزاب الذى وقف عائقاً أمام عملية الدمج.

فشل الاندماج لم ينجح ولا مرة لا فى الماضى كما فى حالة حزب الأحرار الدستوريين والكتلة المصرى، ولا فى الحاضر فى حالة أحزاب كثيرة.

الاندماج الحزبى يحتاج إلى قناعة حزبية وسياسية لأن بعض الأحزاب الحالية تختزل فى رئيسها فقط، وكل حزب يرى أنه الأقوى، ومعظمها أحزاب بدون برامج أو مجرد مقر، أو أحزاب عائلية إذا نجحت الأحزاب فى الاندماج تظهر أحزاب قوية تشارك فى الانتخابات البرلمانية والمحلية، وكافة الاستحقاقات الديمقراطية وتكون قادرة على تكوين كوادر حقيقية، ويحقق لها الاندماج هدف تدعيم الحياة السياسية، وتدعيم الأحزاب جماهيرياً مما ينعكس على التمثيل فى المجالس النيابية.

تزايد عدد الأحزاب، فى وصفها الحالى ليس مؤشراً على نضوج الحياة الحزبية لأنه لن تكون أكثر من رقم، وديكور أحزاب بدون جماهير مثل فرق كرة القدم بدون مشجعين. فغالبية المواطنين لا يعرفون عدد الأحزاب السياسية ولا رؤسائها باستثناء أحزاب رئيسية تعد على أصابع اليد منها «الوفد» و«مستقبل وطن»، و«حزب التجمع» الذى يمثل اليسار.

مطلوب من الأحزاب تطوير أدواتها ونظامها الداخلى وبرامجها وأهدافها واتصالها بالجماهير حتى تتمكن من أداء دورها الوطنى.

تبقى قضية التمويل وهى مهمة جداً، فلا بد من حلها بالطريق القانونى لمنع سيطرة المصالح الاقتصادية على الأحزاب ولكن ليس قبل إجراء عملية رجيم قاسية لتخفيض عدد الأحزاب على الساحة عن طريق الاندماج.