رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

خلال شهرين -كما أكدت لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد- سيكون هناك مشروع قانون موحد، متكامل، شامل، جامع، لكل القوانين السابقة فى الأحول الشخصية «5 قوانين» وإضافة مواد جديدة تناسب العصر وتواجه مشاكل الأسرة والطفل، وبعد إجازته من مجلس الوزراء سيحال مشروع القانون إلى مجلس النواب ومنه إلى مجلس الشيوخ لاتخاذ إجراءات إصداره، وقبل ذلك قد يخضع المشروع لحوار مجتمعى، ونطالب فى هذا الشأن بضرورة توزيع المشروع على كافة منظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان والأحزاب السياسية لإبداء الرأى فيه، ونرجو أن يكون مشروع القانون مطابقا للدستور وللشريعة الإسلامية، مراعيا القيم والتقاليد المصرية فى أمور الزواج والطلاق، وألا يكون منحازا لطرف على حساب آخر، حتى لا نلقى مزيدا من المواد الملتهبة على النيران التى ما تكاد تخمد حتى تشتعل من جديد فى العلاقات الأسرية التى أصبحت هذه الأيام تحمل شعار اللى ما يشترى يتفرج!!

نريد قانونا للأحوال الشخصية يحافظ على أن الزواج مودة ورحمة، وأن الطلاق تسريح بإحسان يترتب عليه حقوق، إن لم يستمر الزواج إمساك بمعروف، كما نريد أن يرتفع الوعى المجتمعى بقدسية الزواج الذى نسميه بـ«استكمال نصف الدين»، وأن تتوقف فتاوى الفتنة من الجانبين، والتى كانت وراء «شيطنة» معظم الأسر المصرية بعد بدعة حق الزوجة فى المبيت خارج المنزل دون إذن الزوج، وأن تضربه كما يضربها، ولا ترضع أطفالها إلا بأجر ولا تقوم بواجباتها المنزلية!!

نريد قانونا يمسح دموع «أطفال الطلاق» خاصة أطفال الأسر المفككة الذين يحترفون التسول، ويقعون ضحايا لعصابات تجارة الأعضاء البشرية وتجار المخدرات، نريد قانونا يعيد الاتزان الذهنى للزوج والزوجة، للحد من جرائم القتل البشع الذى يقع لأسباب تافهة أحيانا، كما نريد قانونا يلتزم بما جاء فى القرآن والسنة ويطبق الدستور الذى أعلى من شأن الأسرة وجعلها أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وألزم الدولة بالحرص على تماسك الأسرة واستقرارها وترسيخ قيمها، كما كلف الدستور الدولة بحماية المرأة ضد أشكال العنف، وتمكينها من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، وتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا.

نريد قانونا يوقف كل أنواع العنف ضد المرأة والطفل لا ينحاز إلى طبقة ضد طبقة، لا نريد قانونا يحقق مصالح الهوانم التى تنطق بـ«الاغ» ولا يبخس حق «هنادى» بنت الأرياف، لا نريد لأب أن ينتظر بالساعات فى الحديقة العامة لإلقاء نظرة على ابنه عندما تتعطف عليه مطلقته، ولا نحب أن نرى سيدة من الطبقة المغلوبة على أمرها تلف على المحاكم بأطفال شبه عرايا تتسول النفقة من أبيهم!

آمال كبيرة معلقة على هذا القانون بعد الهرى الذى تسبب فيه مفتو الفضائيات من المحسوبين على الإعلام أو المحسوبين على الدين، لكن القانون وحده لا يكفى لإرساء علاقة أسرية سوية، أو إنهاء علاقة متوترة، هناك الوعى الذى يجب أن يسود، ويجعل من الأسرة شركة، ليست لإنتاج الأطفال فقط، ولكن تتسم بمكارم الأخلاق، والاعتراف بالحقوق المتبادلة، وأن يكون الرجل رجلا فى الأسرة، والزوجة زوجة وحبيبة، لا نريد أن نحشى فى ثقافتنا أفكارا لا تليق بنا ولا بديننا ولا بتقاليدنا، نأخذ ما يناسبنا من أجل الرقى، ونلفظ ما لا يتناسب مع ثقافتنا الشرقية التى نباهى بها الأمم، هناك تقاليد غريبة يريد الغرب جرنا إليها عن طريق العبث فى عقول طبقة تدّعى التحضر، فلا يجب أن ننجر إليها، وأن نظل نفخر بالأسرة المصرية المطلية بلون النيل ووضوح الشمس.

القانون الذى أعدته الحكومة للأحوال الشخصية، والذى ما زال تحت المراجعة ملامحه مبشرة، هدفه الأساسى رعاية الطفل، قوامه إنشاء صندوق لرعاية الأسرة لدعمها ماديا فى مواجهة النفقات، ويمنح القانون صلاحيات جديدة للقاضى للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة، ويضع نظاما جديدا يجمع كل منازعات الأسرة أمام محكمة واحدة، واستحدث إجراءات جديدة للحد من الطلاق، كما يعيد صياغة وثيقتى الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتى الزواج والطلاق، كما يؤكد على توثيق الطلاق كما هو الحال فى توثيق الزواج، وعدم ترتيب أى التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها بالطلاق.

كما يمهل القانون الفرصة للمتزوجين عرفيا، لتقنين أوضاع الزواج، وبعدها لن يعترف بالزواج العرفى قانونا.

الصيغة المبدئية للقانون جيدة، ولكن فى حاجة إلى تدقيق وتمحيص لأهمية الأحوال الشخصية وقدر الأسرة، ولمواجهة حالة الخلل التى أصابت العلاقات الأسرية وجعلتها على صفيح ساخن منذ بدء العلاقة مما أدى إلى ارتفاع حالات الطلاق، والتى بلغت طبقا للإحصائية التى أعلنتها لجنة إعداد القانون بحوالى 5 ملايين حالة طلاق منذ عام 1965 ووقوع 32٪ من الحالات بين 18 إلى 20 عاما، مما يؤكد الحاجة إلى تدخل القانون، وتدخل الوعى المجتمعى، بعيدا عن الهرى الذى يشعل النار فى البيوت المصرية.

التفكير فى إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية مهم ومطلوب، لكن لا داعى من العجلة فى إصداره، لابد أن يأخذ حقه من الدراسة والمراجعة والتعديل.