رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

لا يخفى على أحد أن أحد أبرز أسباب الأزمة الاقتصادية التى تواجهها مصر الآن يتمثل فى ضعف الإنتاجية وعدم كفايتها وتراجع تنافسية المنتج المصرى فى الأسواق الدولية مما يضعنا فى ترتيب متأخر على قائمة الدول المصدرة.

وينقسم الإنتاج السلعى إما لسلع زراعية أو سلع صناعية أى مواد خام تمت عليها عمليات تصنيع تحويلى فاكتسبت قيمة مضافة لتصبح منتجًا قابلًا للاستهلاك، ويباع بأسعار أعلى بكثير من تكلفة المواد الخام الداخلة فى تصنيعه.

ومصر كانت تمتلك قاعدة إنتاجية صناعية وزراعية لابأس بها إلا أن ثمة تدهورا مريعا لحق بهذه القاعدة فى العقود الأخيرة نتيجة بعض السياسات الاقتصادية الخاطئة مما فتح الطريق أمام إغراق السوق المحلية بالمنتجات المستوردة على حساب الإنتاج الوطنى.

ولعبت بعض جماعات الضغط فى مجتمع الأعمال والبرلمان دورا كبيرا فى تسهيل عمليات الاستيراد نظرا للارباح الكبيرة التى يحققها المستورد مقارنة بالجهد الهائل الذى تحتاجه عمليات التصنيع ومن ثم تراجعت ثقافة التصنيع فى المجتمع المصرى إلى مستويات تنذر بالخطر.

وإذا كانت أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية قد كشفت لنا أهمية الإنتاج المحلى والاعتماد على الذات فى توفير الغذاء والسلع الرئيسية فإن عودة ثقافة التصنيع أصبحت فرض عين على الجميع حكومة وشعبا ومنتجين ومستهلكين.

فقد أثبتت التجارب التنموية فى مناطق مختلفة من العالم أن أى خطة تنموية لايمكن أن تنجح بدون أن تقودها قاطرة الصناعة حتى ولو كانت صناعات تقليدية لا تعتمد كثيرا على التكنولجيا المتطورة فما بالنا والصناعة الآن يديرها الذكاء الاصطناعى فى الدول المتقدمة.

ولا يمكن أن تنجح الصناعة فى أى بلد دون أن يؤمن قادتها وشعبها بأهمية التصنيع، وهذا الإيمان هو الذى نقصده بثقافة التصنيع أى أن المجتمع فى مجمله يتحرك باتجاه قيم ومفاهيم المجتمع الصناعى بما يستلزمه ذلك من تطوير هائل للعملية التعليمية والتركيز على التعليم الفنى وتخريج أجيال تؤمن بأهمية الإنتاج وتصنيع ما يحتاجه البلد

وبالمناسبة ثقافة التصنيع المطلوبة هذه ليست غريبة على مجتمعنا فقد كانت مصر وعلى مدار تاريخها الحضارى الطويل تمتلك مخزونا هائلا من العمال المهرة فى كل المجالات لكن المهم هو إيقاظ هذه الروح مرة أخرى.

والدليل على ذلك تجربة التصنيع التى بدأها محمد على فى بدايات القرن التاسع عشر ثم التجربة الرائدة للعظيم طلعت باشا حرب فى الثلث الأول من القرن العشرين ثم جاءت تجربة عبد الناصر فى الستينات لتبرهن جميعها على سرعة اكتساب العامل المصرى مهارات التصنيع والإنتاج الحديث.

ولا أجد أفضل من توقيت الأزمة الاقتصادية الراهنة للدعوة لعودة ثقافة التصنيع وإمكانية نجاح هذه الدعوة على ضوء ما تكشف من حقائق على خريطة الاقتصاد العالمى مؤخرا والتى كان من أبرز دروسها أنك يمكن أن تمتلك المال لكنك قد لا تستطيع شراء السلعة لأسباب مختلفة وهو ما حدث بالفعل فقد كانت سفن القمح محاصرة فى موانئ أوكرانيا وشعوب العالم تبحث عن كسرة خبز.

كما ثبت أيضا أن الحلول المالية للأزمات قد لا تكون هى الحلول المناسبة وغالبا ما يكون تأثيرها قصير المدى ومن ثم لا يمكن الاعتماد على مثل هذه الحلول طوال الوقت وفى كل الأزمات عودة ثقافة التصنيع للشعب المصرى هى الحل.

[email protected]