رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

أدى التطور العلمى والتكنولوجى إلى أن يكون العالم قرية كونية واحدة، كما أن العولمة بأفكارها ونظرياتها أدت إلى ربط العالم فى إطار اقتصادى ومالى واحد، عبَّر عنه الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش فى مدينة فاليتا عام ١٩٩١ عقب انهيار الاتحاد السوفيتى قائلاً الآن أصبح العالم واحداً وباقتصاد واحد، وهو ما أثر على مجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية على مستوى العالم منذ ذلك التاريخ وحتى بداية عام ٢٠١٩، ولكن مع ظهور كوفيد 19 واندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، والأزمة الصينية الأمريكية التايوانية، وجفاف الأنهار الأوروبية الكبرى، أمور ساعدت فى مجملها على زيادة حدة الأزمات العالمية، خاصة على الأنظمة الاقتصادية والمصرفية والمالية. وكل ما سبق كان بمثابة الأرض الخصبة لتطور أنماط جديدة من الجرائم والمجرمين والمحتالين تستغل الظروف السابقة وتنتهز زيادة حالة الخوف لدى الأفراد والشك فى القنوات الرسمية فى الدولة والمطلعة على إتاحة الخدمات المالية لهم، كما أنهم ذهبوا إلى استعمال مظاهر خادعة لجذب أكبر عدد ممكن من المواطنين إليهم مثل ادعاء امتلاك مشروعات وهمية مغلفة ببعض المشروعية مثل وجود كيان أو مقر فى مناطق معلومة ومشهورة، وأيضاً عبر دخولهم فى تلابيب المجتمع مستغلين بعض رؤساء الجامعات للوصول إلى غايتهم عبر حصول هذا المحتال على درع الجامعة التى يستخدمها للإيحاء بمشروعيته، ولا مانع من التلامس مع قيادات ومسئولين لإضفاء الشرعية على ما يقوم به من جرائم واحتيال. وقد أوضحت إحدى الدراسات على المجتمع المصرى بعد عام 2011 أن 52% من العينة الإجمالية تعرضت لجرائم نصب واحتيال عبر ظهور ما يعرف «بالمستريح» وأن هذه النسبة العالية تعود إلى أسباب منها زيادة حالة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، والأخطر أن ارتفاع هذه النسبة يعود إلى أن المواطن العادى رأى أن مجموعة كبيرة للأسف من المثقفين وكبار المسئولين كانوا هم بداية التعامل مع احتيال المستريح ما أضفى الثقة فى التعامل من جانب هؤلاء المواطنين. لذلك كان على الدولة أن تسرع إلى محاولة تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية فى الأنشطة المالية غير المصرفية حتى تتمكن أولاً من تحقيق رؤية الإصلاح الاقتصادى، وثانياً توجيه وتعزيز وتدعيم التكنولوجيا والثورة الرقمية والتحول والشمول المالى. ومن ناحية أخرى فإن إتاحة الخدمات المالية مثل حسابات التوفير والحسابات الجارية وخدمات الدفع والتحويل والتأمين والتمويل والائتمان، وذلك عبر ضمان إتاحة هذه الخدمات للاستخدام الجمعى لكل الفئات الموجودة فى المجتمع ولكل المناطق عبر قنوات رسمية مثل البنوك وهيئة البريد وبعض الجمعيات الأهلية التى يمكنها إدارة الأموال بشكل سليم وآمن حتى لا يتعرض المواطن لحالات نصب واحتيال كما هى الحال مع ظاهرة المستريح، ومسارعة الدولة بإصدار وثيقة خطة الدولة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى المقبل أمر نؤيده بقوة لأنه يتضمن كل الآليات الداعمة لعملية تنظيم الشمول المالى عبر الاهتمام بالفقراء والمهمشين كإحدى أولويات رؤية مصر فى ٢٠٣٠, والاهتمام بالشركات الصغيرة ومتناهية الصغر وعبر مبادرة البنك المركزى للتمويل العقارى لمحدودى الدخل. كذلك إن تدعيم جهود الدولة لتطوير البنية التحتية أسهم بلا شك فى زيادة جذب الاستثمارات وانخفاض نسبة البطالة خاصة بين الشباب. مما سبق يمكننا أن نؤكد أن استقرار القطاع المصرفى وتقوية دوره فى خدمة النمو الاقتصادى ومواجهة تحديات الفقر والبطالة والتنمية كلها أمور يجب أن نتكاتف من أجلها حتى يمكننا زيادة فرص العمل وتخفيض التأثير السلبى لتقلبات الأزمات الاقتصادية والمالية. ولا شك أن عوامل الضعف لأى دولة تكمن فى ستة دوافع تزيد من مخاطر الضعف لديها وهى الصحة، الأحداث الحياتية، المرونة، التعلم، الوصول الرقمى والمالى، والثقافة والديموغرافية، فتوجه الدولة بقوة نحو تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية فى الأنشطة المالية غير المصرفية، ومن خلال القوانين المنظمة لها مثل القانون رقم ٥ لسنة ٢٠٢٢، هذا التوجه يتفق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة خاصة الهدف رقم ١ الخاص بالقضاء على الفقر والهدف رقم ٨ العمل اللائق والنمو الاقتصادى، والهدف رقم ٩ الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية واستراتيجية الدولة الوطنية للشمول المالى. نعم عملية الشمول المالى سوف يسفر عنها دمج الاقتصاد غير الرسمى فى اقتصاد الدولة، والتوسع أيضاً فى تطبيق معايير الشمول المالى بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة ودمج مشروعات التحول المالى ضمن مدخلات مشروع حياة كريمة خاصة المشروعات المتعلقة بالادخار والإقراض والحيازة الزراعية. ولا شك أن هناك جهوداً خلال السنوات السابقة أسفرت عن زيادة عدد المواطنين الذين يستخدمون الخدمات المالية عبر القنوات الرسمية لتصل إلى 55% من الفئة المستهدفة وهى 65 مليون مواطن، هذه النسبة تعتبر جيدة عالمياً، ولكن بالنسبه لنا نحتاج إلى أن نصل خلال السنتين التاليتين إلى 90% على الأقل حتى نضمن مواجهة عمليات الاحتيال والنصب عبر قنوات غير رسمية يستغلها بعض أصحاب النفوس المريضة فى الاحتيال على المواطنين. وبالتالى فإن المبادرة التى أطلقها السيد الرئيس الخاصة بعملية التحول الرقمى التى تشتمل على الشمول المالى والصحة المالية تمكن المواطن من تغطية تكاليفه اليومية دون قلق، وإدارته للصدمات المالية غير المتوقعة بشكل مُرضٍى، والاستعداد للمستقبل بشكل علمى، فى ظل ضمان القنوات الرسمية للدولة زيادة جودة مستوى الخدمات المالية، وإتاحتها بأسعار أقل من تكلفتها، مع ضمان حماية حقوق المستفيدين من تلك الخدمات المالية لإدارة أموالهم بشكل سليم.

 

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام