رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل بداية العدوان الثلاثى على مصر عام ١٩٥٦.. تسلمت أول مرتب شهرى من الجامعة وعدت للبيت وانحنيت على رأس أمى وكانت جالسة على السجادة فقبلتُ رأسها ووضعت المرتب كله فى حجرها فأطلقت زغروطة حلوة وظلت تحكى هذه الحكاية للجميع حتى وفاتها وتقول (شافعى ربنا يخليه وضع أول مرتب فى حياته على حجرى وأعطيته منه مصروفه) ولم يتكرر ذلك من أولادها الآخرين.

وبكت بكاءًا مرًا عندما أخذونى فى التجنيد بالجيش فى حرب ١٩٥٦ وتكرر دائماً مقولتها (أخذوا منى الواد العِدل) وكان الحب والحنان بيننا أكثر مما هو مع أحد آخر من أولادها أو حتى ابنتها الوحيدة.. وقد انتقل حب أمى وحنانها العميق لأبنائى وبناتى وخاصة بعد وفاة أمهم رحمها الله وأدخلها فسيح جناته اذ لم تتركنى البنات والاولاد وحيداً فى البيت بل نظموا أنفسهم ليكون أحدهم معى دائمًا نصف الأسبوع والآخر النصف الثانى وينام دائماً على سرير أمه الخالى لأننى هجرته نهائيًا بعد وفاتها وعودت نفسى النوم منفرداً على سرير آخر فى حجرة أخرى.. وتعود ابنى الكبير المقيم بالاسكندرية ان يأخذ يوم الجمعة إجازة من زوجته وأبنائه ويأتى عندى بعد صلاة الجمعة ويدخل مباشرة إلى حجرة أمه رحمها الله ثم يتناول معى الغذاء وينام بعده على سريرها ويغلق عليه الباب حتى صلاة المغرب.. ولم تكن هناك أية مشكلة حتى عادت اخته الكبيرة من الدانمارك لتقضى إجازتها فى الإسكندرية وتوجهت لحجرة أمها بمجرد دخولها. البيت ورحبت جدًا بعودتها وقضاء ليلتها وما تلاها على سرير أمها المرحومة حتى حل علينا يوم الجمعة وأتانا أخوها كعادته لقضاء اليوم فى حجرة أمه وسريرها.. وهنا حدثت المشكلة إذ وجدت كليهما مصرًا على النوم على سرير أمه وحاولت أن أقنع ابنى بأن يتخلى عنه اكرامًا لأخته القادمة من السفر فعبس وتولى حتى نجدتنى ابنتى العاقلة وأعلنت انها تخلت عن سرير امها لاخيها الذى تهلل فرحًا وقام على الفور إلى حجرة امه التى أثر موتها على ابنتى الثانية المتزوجة والمقيمة مع زوجها فى نيويورك وكانت حاملًا واتصلت بى تليفونياً كى الحق بها قبل الولادة فسافرت اليها فورًا وكانت حنونة مثل أمها فقالت لى يا بابا انت تعيش منفردًا فلماذا لا تتزوج فرددت عليها: تريديننى أن أتزوج واجعل امرأة اخرى تنام على سرير امك؟.. إخص عليكى.. وانهمرت دموعى باكياً.. فسارعت للاعتذار عن خطئها وتردد معلش يا بابا (انا حمارة..غبية) وبكت بكاء شديدًا حتى عادت من نيويورك للاسكندرية ومعها زوجها وابنتهما ولم تكرر اقتراحها السابق واكتفت بزيارتى وابنتها الجميلة التى باتت معنا ليلة ثم تعود لأهل أبيها المصرى وأخواته البنات الكثيرات المتعلقات به بعد وفاة أبيهم ورحم الله الجميع وبارك فى أعماركم وأرثكم حب وحنان أبنائكم مثلما فاض علينا حب وحنان بناتنا وأبنائنا الكبار والأحفاد الحلوين ومن بينهن خريجة كلية الحقوق القسم الفرنسى التى نسخت هذا المقال وأرسلته للجريدة.. فشكرًا جزيلًا لها.