رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

يوم الاثنين الماضى، مرت 31 عامًا على وفاة الكاتب الكبير يوسف إدريس الذى رحل عن عالمنا فى الأول من أغسطس عام 1991.. وبصراحة فى كل ذكرى وفاة أحد من عمالقة الأدب والفن والثقافة يشغلنى سؤال بقدر ما يؤلمنى كثيرًا أيضًا لأنه بلا إجابة! 

لماذا تخلو حياتنا الثقافية والفنية من أسماء وشخصيات كبيرة ومؤثرة فى القارئ وفى تاريخ الأدب المصرى والعربى، من أمثال عباس العقاد، وطه حسين، نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس؟.. لماذا هذا الفقر، وكأن أرضنا أنبتت هذه الأسماء ثم أصابها البوار؟

صحيح.. لا يمكن إنكار ظهور قائمة أسماء متميزة صاحبة أعمال عظيمة فى مجال الرواية والقصة القصيرة، منذ نهاية الستينيات وحتى الآن، تضم صنع الله إبراهيم، ويحى الطاهر عبدالله، وقد لا تنتهى بمحمد المخزنجى.. ولكنها مازالت على مسافة بعيدة عن الجيل الذى سبقهم، وبعضهم يحاول ألا يضيع فى فراغ النسيان، وألا تكون أعمالهم مجرد ومضات تجاهد أن تبقى على الأرض ولا تنزوى فى الفضاء البعيد.. والكثير من الأعمال مجرد نبتة هنا وهناك لا تغنى ولا تسمن من جوع ثقافى.. وتوقفت عند حدود معينة من الابداع، وكأنها مجرد تصبيرة!

.. هل لأن العقاد وطه حسين والحكيم وإدريس أكملوا فى أعمالهم بنائهم الفكرى والأدبى، ومن جاء من بعدهم مازالت أعمالهم مجرد مشاريع لم تكتمل؟.. شخصيًا أعرف أسماء كبيرة فى السن ولها الكثير من الكتب ومازال الكثير يعتبرهم كتابا شبانا..!

ربما.. هذه الأسئلة يراها البعض ظلم فادح لأسماء أدبية كثيرة ظهرت بعد جيل العمالقة، وأن هناك الكثير من الأدباء الذين قدموا أعمالًا عظيمة.. ولا أنكر ذلك بالطبع ولكن تظل مشاريع لم تكتمل، تأثيرها محدود وفى محيط ضيق، وربما، أيضا، يرى البعض أن اهتمام الدولة والاعلام قديمًا برموزنا الأدبية والثقافية، جعل منها كبيرة ومعروفة واحتلت هذه المكانة المرموقة، أما حاليا الاعلام يجرى وراء المشاهير من الفنانين ولاعبى كرة القدم، وحتى المجرمين.. ولا يهتم بالأدباء!

ويوسف إدريس نموذجًا للمشاريع الفكرية والأدبية المكتملة فى الثقافة المصرية والعربية، فقد كان مثيرًا للجدل بأفكاره ومقالاته، وظلت أعماله الأدبية والمسرحية أكثر حضوراً، ومازالت خصوصًا رواياته وقصصه القصيرة التى تحولت إلى أفلام مثل الحرام، النداهة، لا وقت للحب، قاع المدينة، عنبر الموت، العيب.. أو التى تحولت إلى مسلسل مثل رواية البيضاء، وكذلك اعماله المسرحية، الفرافير، المخططين، البهلوان، اللحظة الحرجة، ملك القطن.. كلها أعمال مبدعة وثرية ومصرية جدًا وتمتلك من الأفكار الجريئة والخلاقة ما يجعلها تعيش عشرات السنين.. وهذا ما أردت قوله إن إدريس باق لأن مشروعه الفكرى مكتمل وليس مجرد رواية هنا وقصة هناك.. بناء يعلو مع كل عمل، سواء كان قصة أو رواية، أو مسرحية، أو حتى رأى فى مقال.. ولما نشر أول كتاب له « أرخص ليالى» 1954.. لم يكن مجموعة قصصية وخلاص بل أول خطوة نحو القمة.. وهو الذى جعل الناقد الكبير الراحل الدكتور جابر عصفور قال فى مقال بجريدة البيان الإماراتية بتاريخ 6 أكتوبر 1999 تحت عنوان «ذكرى يوسف إدريس» إن إدريس لايزال يتربع على قمة القصة القصيرة إلى اليوم دون منازع حقيقي!

.. وأعتقد لو كنا سألنا عصفور قبل رحيله هذا العام عن ذلك الرأى لأكد أن يوسف إدريس مازال على القمة بلا منازع! 

[email protected]