رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

 

 

 

تناولنا فى المقال السابق كيفية ضمان نجاح الترويج لقصص مصر التنموية المعتمدة كل الاعتماد على التنسيق والتشاور المشترك بين قنوات الدبلوماسية السياسية والاقتصادية لمصر، فنجاح الدبلوماسية السياسية خلال الفترة الماضية عبر التمسك بسياسة تصغير المشاكل لحث المجتمع الدولى على المشاركة الفعالة فى الحل وحل المشاكل الأخرى، وهو ما تجلى فى معالجة أزمة المياه مع الشقيقة إثيوبيا، عبر البحث عن مصادر أخرى كفيلة بتعويض ما قد يتعرض له نصيب مصر من مياه النيل الأزرق، لنعطى درسا للعالم أننا لن نتعدى حتى ولو كان التهديد حقيقياً، وفى نفس الوقت أصبغت السياسية الخارجية هالة من القوة، صدرتها للعالم ومتضمنة التمسك بأمر آخر، وهو إقامة علاقات متوازنة مع جميع القوى الفاعلة دولياً، هذا النجاح السياسى يجب الارتكاز عليه عند تدشين الدبلوماسية الاقتصادية والتى تم بالفعل تدشينها ويبقى نجاحها مرتبطا بضرورة التخلص من الفساد الإدارى عبر أجهزة الدولة المعنية. وتبقى الإشارة إلى ضرورة التعرف على المعايير السبعة التى يجب أن تلتزم الدولة بحمايتها من أجل زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى، وتوفير أقصى درجات الجذب الاستثمارى عبر تهيئة المناخ السياسى والاقتصادى، قد تكون الجولات الرئاسية الأخيرة من القمة العربية الأمريكية إلى القمة المصرية الألمانية والصربية والفرنسية، ضرورة حتمية لتوفير مناخ جاذب للاستثمار فى مصر، ولكن هل المعايير السبعة لتعزيز مناخ الاستثمار متواجدة ومهيأة للقيام بدورها المكمل فى زيادة الإنتاج وتشجيع التصدير وتنظيم الاستيراد. البداية وجود بنية تحتية جيدة وتشريعات إقتصادية مكملة،اعتقد أن ما تم إنفاقه على البنية التحتية فى مصر خلال السبع سنوات الماضية والمقدر ب ٤٠٠ مليار دولار، كفيل جدا بأن تقترب بوصلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة إلى مصر، ووصفها بأنها أكثر الأسواق والاقتصاديات الناشئة إقليميًا ودولياً، وفى هذا السياق لابد من التأكيد على التزام النظام الاقتصادى المصرى بدعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار مع التأكيد العملى على ضمان إقامة نمو متوازن جغرافيًا وقطاعيا، الأمر الذى يستدعى ضرورة إعادة إحياء الفكرة التى طرحها الرئيس السيسى، الخاصة بإعادة التقسيم الجغرافى والقطاعى لمحافظات مصر، خاصة الصعيد، والتى تقع تحديدا على نهر النيل من خلال أن يكون لكل محافظة ميناء تابع لها على مياه البحر الأحمر مباشرًا (تقسيم جغرافى أفقى) الهدف من ذلك احداث حالة من التنافسية بين المحافظات بعضها البعض، ما يؤدى إلى السعى نحو الاستغلال الأمثل لموارد المحافظة التى تنوعت ما بين مقومات سياحية وتعدينية ومحجرية وزراعية وصناعية، وقد تناولت سابقا فكرة إقامة جائزة تسمى جائزة المحافظ الذهبى التى تعطى للمحافظ الذى يحقق أكبر وأعلى مساهمة فى تحقيق إستراتيجية مصر المستقبلية. المعيار الثانى لتعزيز مناخ الاستثمار فى مصر هو ضرورة مواكبة التطورات الكبرى والمتسارعة فى تكنولوجيا تقنيات الذكاء الاصطناعى، والسبيل لذلك هو استغلال نجاح الدبلوماسية السياسية لمصر مؤخرا فى تثبيت إقامة علاقات التعاون خاصة الاقتصادى مع القوى السياسية الفاعلة دوليًا، عبر ضمان اكتمال مراحل التعاون التكنولوجى مع هذه الدول، ليبدأ بمرحلة نقل التكنولوجيا ثم تخزينها وأخيرا توطينها، وهو الأهم لنا فى عملية تحقيق التنمية المستدامة، فالتجربة الرواندية والكونجولية لأشقائنا فى القارة الأفريقية تجربة فريدة يجب أن نحتذى بها والتى تقوم على الشراكة مع دولة متقدمة تكنولوجيا، بعد امتصاص أى هواجس أو مخاطر قد تحدث حال نقل التكنولوجيا من هذه الدولة، الامر الذى يدعونا إلى تكرار هذه التجربة أن مقدماتها تتشابه إلى حد كبير مع ما نقوم به حالياً، فهذه الدول الأفريقية أقنعت الدول المتقدمة تكنولوجيا بأنها سوف تحصل على هذه التكنولوجيا لتحقيق أمنها الغذائى والتصدير للدول المتقدمة، ونحن الآن بالفعل على أعتاب ثورة جغرافية واسعة تسعى لتمدد الرقعة الزراعية التى نعيش عليها الآن من ٩ ملايين فدان إلى أكثر من ١٧ مليون فدان، وهذا أمر قد تتعامل معه بذكاء الدبلوماسية السياسية لمصر والتى هى اقرب الدول للقارة الأوروبية التى تعرضت لحالة من عدم الاستقرار إبان أزمة جائحة كورونا بتعرضها لأزمة غذائية غير متوقعة، وتنذر بتكرارها مرات أخرى، وبالتالى فالقارة العجوز تبحث عن ملاذ آمن يضمن لها استقرار أمنها الغذائى. تستطيع الدبلوماسية السياسية لمصر تحقيق المعادلة الصعبة الحصول على التكنولوجيا مقابل الحصول على الأمن الغذائى. المعيار الثالث لتعزيز وتوفير المناخ الجاذب للاستثمارات هو وجود مؤسسات مالية ونقدية قوية عبر ضمان التنسيق المشترك بينها، لضمان تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر، ويحذر من دخول الاستمارات الأجنبية غير المباشرة والتى تسمى بالأموال الساخنة التى لا يستفيد منها اى اقتصاد وطنى، بقدر استفادة مستثمرى هذه الأموال، وأعتقد أن تجربة مصر السابقة مع هذه الأموال عبر الثلاث أزمات الاقتصادية السابقة، بدءًا من أزمة الأسواق الناشئة فى عام ٢٠١٨ والتى خرج من مصر وقتها قرابة ٢٠ مليار دولار، ثم أزمة جائحة كورونا أواخر عام ٢٠١٩ والتى خرج من مصر وقتها ١٥ مليار دولار، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية ٢٠٢٢ والتى خرج من مصر ٢٠ مليار دولار.

--

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام