تحتفل معظم دول العالم خلال الأيام العشرة القادمة بعيد أو عيدين فقط، أما مصر، فنحتفل بخمسة أعياد مرة واحدة «خمسة في عين العدو»، وهي بدأت علي التوالي، عيد القيامة المجيد ثم عيدي شم النسيم وعيد تحرير سيناء ثم عيد العمال وختاماً عيد الفطر المبارك.
إنها فرصة عظيمة أن تتجمع تلك الأعياد لتعطينا فرصة عظيمة أيضا أن نتعلم كيف يكون فرحنا جميعاً، عندما نتبادل السعادة والفرحة والتهاني، فيوم نهنئ مسيحيي مصر بعيدهم والذي يعتبرونه عيد الأعياد لما له من قدسية خاصة جداً لهم، ثم نتذكر عيد أجدادنا وهو عيد شم النسيم فيه نشتم رائحة مجد أجدادنا، وهو ما تبقي لنا من عظمة الأجداد في فرحهم ومحبتهم للحياة، ثم عيد تحرير سيناء تلك البقعة الغالية والتي تم تحريرها بدماء المصريين، تلك البقعة التي تجلي الله عز وجل لسيدنا موسي وتصبح سيناء ضمن أكرم بقاع الأرض.
ومن الجميل أيضا أن سيناء هذا العام كان لها احتفال آخر خاص جداً وهو العاشر من رمضان ذكري حرب السادس من أكتوبر، فقد اجتمع يوم النصر بيوم اكتمال تحريرها في شهرنا هذا «ابريل 2022»، ثم عيد العمال وهؤلاء بناة نهضة مصر وتاج مجدها، وعندما ننظر إلي كل تلك الآثار التي تركها أجدادنا فإننا نتذكر قوة عمال مصر وعلمهم وإتقانهم، ثم نختتم تلك الأعياد بعيد الفطر المبارك لنهنئ كل أخوتنا المسلمين بعيدهم المبارك، جعل الله كل أيام مصر أعياد.
بالطبع وعودة لما مر بمصر بأحداث خلال السنوات الماضية، وما يتبعها من أحداث كل فترة وأخري وخصوصا عندما يقترب الموت من جماعات الخراب والفتن، ونقول عليها دائماً أنها غريبة علي نسيجها الواحد، فإن تلك الأعياد الخمسة هي دليل علي أننا شعب واحد، ولن يكون هناك وحدة بينة لأنه وبكل تأكيد شعب واحد ونسيج واحد، أي قطعة قماش تتشكل فيما بينها لتكون ثوباً نلبسه جميعاً.
هذا الشعب الواحد لا يحتاج إلي وحدة بقدر ما يحتاج إلي معرفة وثقافة بالآخر، وهنا أتذكر كلمة قالها الدكتور أمين مكرم عبيد في كتابه تأثير الأقباط في الحضارة حيث يوضح في البداية أن الهدف من هذا الكتاب هو أن دراسة تاريخ الأقباط في مصر أمر مهم، لأنه يؤدي إلي ذوبان الصراعات التي تنشأ بين الأقباط والمسلمين –علي حد وصفه – ويضيف الدكتور عبيد قائلا: إن تجربتي الشخصية تؤكد علي أن محبتي للمسلمين قد ازدادت عندما علمت أن ما يجمعنا هو إنسانيتنا وتجاربنا المشتركة، وليست معتقداتنا أو معتنقاتنا وفهمت أيضا – والكلام هنا للدكتور عبيد-انه من الضروري التعمق في دراسة تاريخ وأفكار الآخر أيا كانت، وذلك أساسي لأنه يشير إلي أهمية احترام الآخر، وبمعني آخر التعمق في معرفة الآخر يساعد علي التقارب العنصري والتسامح الديني.
كل عام وجميعنا بخير بمناسبة أعيادنا الخمس «في وش» العدو الذي وإن اخترق وجودنا ومحبتنا إلا أنه لن يجد راحة بيننا بل سوف تكون كل أذانه صاغية لصوت قوي خارج ممن يلبس الثوب الواحد خلاصة «نسيج الوطن» يقول له «دع سمائي فسمائي مُحرقهْ. دع قناتي فمياهي مُغرِقهْ. واحذر الأرض فأرضي صاعقه. هذه أرضي أنا وأبي ضحّى هنا. وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا» .. أخيرا، كل خمسة أعياد وانتم بخير يا مصريين.