رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

قبل الدخول فى خضم هذه التداعيات الاقتصادية الخطيرة، علينا أن نستعرض أولًا مسببات هذه الحرب بين الأخ الأكبر روسيا والأخ الأصغر أوكرانيا، وكلاهما ينتمى إلى الأب الراحل الاتحاد السوفيتى الذى انهار اقتصاديا عام ١٩٩١، وتفككت عنه ١٥ دولة أعلنت استقلالها، منها أوكرانيا، استمرت التبعية بين الوريث الشرعى روسيا وباقى الدول، ومنها أوكرانيا التى كانت تابعة سياسيا واقتصاديا لروسيا، حتى قيام ثورة عام ٢٠١٤ التى أطاحت بالرئيس الرابع لأوكرانيا فيكتور يانكوفيتش الذى فر إلى روسيا بعد قيامه بالاشتراك فى تغيير لون الثورة البرتقالية فى أوكرانيا عام ٢٠٠٤، ثم اتجهت أوكرانيا إلى نظام حكم موالٍ لحلف الناتو وأمريكا بهدف الاستقلال فى الغاز وعدم الاعتماد على روسيا التى تمد أوروبا بأكثر من ٤٠٪ من احتياجاتها من الغاز، ولتحقيق ذلك كان الإصرار على استخدام شبه جزيرة القرم فى تدعيم هذا الهدف.

باختصار، تنبه الدب الروسى لهذا المخطط واستطاع بكل سهولة الاستيلاء على شبه جزيرة القرم، بل وأنجز استفتاء، وافق فيه سكان القرم على الانضمام لروسيا، إلى هنا كان من الممكن أن ينتهى هذا الموضوع والاكتفاء ببعض القيود والعقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا، لكن الأمر تصاعد بعد إعلان الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى عن نيه بلاده الانضمام تحت راية حلف الناتو، وهو ما أدى إلى التطورات التى نشهدها.

التداعيات الاقتصادية لما سبق ستكون مؤثرة بقوة على الدوائر الثلاث: الدائرة المحلية والإقليمية والدولية. فمحليا مصر تستورد معظم وارداتها من القمح والذرة الصفراء والشعير من روسيا وأوكرانيا. نعم، يوجد لدينا مخزون يكفى لـ ٤ شهور، ولحسن الحظ أن الإنتاج المحلى اخر الشهر القادم، وهو ما سيرفع سقف الاكتفاء لـ ٩ شهور، لكن الخطورة تكمن فى التأثير السلبى على الموازنة العامة للدولة، من جانبين: الجانب الأول ارتفاع أسعار القمح والذرة الصفراء والشعير البالغة حوالى ٤٥ مليار جنيه إلى حوالى ٦٠ مليار جنيه، الأمر الذى لا يقل أهمية عن أن سعر برميل البترول الذى تم الاعتماد عليه عند إعداد موازنة مصر ٢١/ ٢٢ هو ٦١ $ مع أهداف مالية تقوم على تخفيض العجز الكلى فى الموازنة العامة إلى ٦،٧٪ من الناتج المحلى الإجمالى بعد أن كان ٧،٧٪، والوصول إلى فائض اولى بالموازنة قدره ١،٥٪.

تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية انعكست بصورة مباشرة على زيادة فى أسعار البترول، وصلت إلى ١٠٠$ للبرميل، لأول مرة منذ سبع سنوات، انعكاسات ذلك على موازنة مصر زيادة فى العجز الكلى والتى يمكن أن تصل إلى ٧،٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وتحقيق فائض اولى بالموازنة قدره ٠،٠٦٪ فقط،وهو ما قد يستتبعه مراجعة لأسعار الوقود بداية هذا الشهر.

فى المجمل ستكون هناك موجات تصخمية عالمية ستنعكس على مصر فى حدود زيادة من ١_٢٪ فى معدلات التضخم، لكن ما نؤكد عليه أن عالم ما بعد جائحة كورونا قد اتسم بمستويات عدم يقين عالية والتى من شأنها أن تحجم قدرتنا على التنبؤ حاليا بما يمكن أن يحدث، وقد زادت من هذه الحالة تلك الحرب الروسية الأوكرانية خاصة فى ظل عدم وضوح مدى وقع أو حدة العقوبات الاقتصادية الدولية التى سيتم فرضها على روسيا، والتى ستؤثر بالقطع فى وقف الاعدد الكبيرة الوافدة من روسيا وأوكرانيا للسياحة فى مصر والتى قفزت مصر لأول مرة منذ عام ٢٠١١ إلى أكثر من ١٣ مليار دولار عائدات سياحة.

لكن إذا كانت هناك بعض الآثار السلبية جراء هذه الحرب الروسية الأوكرانية، توجد بعض الفرص تستطيع مصر استغلالها فى تدعم اقتصادها، أهمها إن مصر مؤهلة بقوة لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعى للخارج، مدعومًا بفتح المجال لجذب استثمارات جديدة فى قطاع النفط والغاز، عبر توسيع قاعدة الاكتشافات خاصة فى السواحل الشمالية ومع الدول الأوربية الأكثر تضررًا من ارهاصات توقف إمداد الغاز الروسى لهم، مع ضرورة دخول مصر كشريك رئيسى وقوى فى تلك المعادلة، مع توقع زيادة حركة الملاحة الدولية فى قناة السويس نتيجة زيادة الطلب على النفط، أما التداعيات الاقتصادية الإقليمية والدولية فسوف نتناولها فى المقال القادم إن شاء الله.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام