رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى حين ينتظر الجميع قيام الحرب العالمية الثالثة، فأنا أقول إن تلك الحرب قد قامت منذ سنوات وشارفت على الانتهاء لتعلن مولد نظام عالمى جديد بقيادة الصين وروسيا ومصر، نعم «مصر» كلمة السر فى تلك الحرب الأعنف عبر كل تاريخ البشرية.

البداية من عند نظرية سميث الرأسمالية، ومن منظور لكل شىء بداية ونهاية، فتلك النظرية المتوحشة التى استخدمها النظام العالمى الحالى بقيادة أمريكا قد شاخت وشارفت على الموت والتلاشى، وبما أن تلك النظرية انصهرت وأصبحت ثقافة تعاطى سياسى واقتصادى وحقوقى لذلك أصبحت جزءاً لا يتجزأ من كينونة المجتمعات، وموتها يعنى اختفاء وتراجع الكثير من الدول.

فلماذا وكيف شاخت تلك النظرية؟ بما أنها تعيش على الموارد الطبيعية التى تغذى وجودها وحيويتها، وبما أن مقر تواجدها وانطلاقها من القارة العجوز، فتلك القارة تفتقر إلى الموارد الطبيعية، وقد استخدمت موارد الآخرين عن طريق الاحتلال والهيمنة لكى تعيش َوتتقدم تلك النظرية.

وكان آخر محاولة لتواجد تلك النظرية بقيادة النظام العالمى الحالى هى الحرب العالمية الثالثة التى انطلقت منذ بداية ٢٠١٠ فى المنطقة العربية وحاولت تمزيق وتفتيت تلك الدول، ومن ثم إدخالها داخل دائرة الفشل الإدارى والسياسى ومن بعدها شرعنة وتقنين التواجد الدولى على أراضيها تحت مسمى حفظ الأمن والأمان والاستقرار للشعوب، ولكن الهدف الأساسى هو السيطرة على الموارد الطبيعية لتستمر نظرية سميث الرأسمالية المتوحشة ومعها قادة النظام العالمى الحالى.

وهنا قامت الحرب «عن بعد» بين النظام العالمى الحالى بقيادة أمريكا َوحلفائها الغربيين، وبين النظام العالمى القادم بقيادة روسيا والصين وبعض الحلفاء، وبعد مرور عدة سنوات فشل مخطط الشرق الأوسط الجديد الذى يقوده النظام العالمى الحالى، وانتصرت روسيا والصين فى هزيمة المخطط ووقف زحفه، وفى قلب تلك الأحداث كان هناك من يحرك الأحداث وكأنه لاعب شطرنج ماهر يحرك قطع شطرنج وهذا اللاعب سيكون له الفضل الأول والأخير فى موت النظام الحالى وقدوم النظام العالمى الجديد وسيكون له تواجد قوى ومؤثر فيما هو قادم انه «حورس مصر».

وبعدها بدأت الشيخوخة تظهر بقوة على رأس النظام الحالى «أمريكا» وظهر ذلك فى شيخوخة الفكر وإدارة الأحداث فى أفغانستان وتسليمها بتخطيط مسبق لطلبان، وفى كثير من المواقف والأحداث الحالية تحاول أمريكا تعطيل انطلاق الصين، فهناك طريق الحرير الصينى القديم الحديث الذى كان يربط قارات العالم بالامبراطورية الصينية قديماً، والذى تعمل الصين على إحياء مساره البرمائى منذ سنوات، وقد نجحت بشكل كبير فى التواجد فى نقاط ارتكازه حول العالم.

جزيرة القرم التى سيطرت عليها روسيا من أوكرانيا منذ عام ٢٠١٤ هى إحدى أهم نقاط ارتكاز الطريق، ومدخل هام ومتحكم رئيسى الى القارة الأوروبية، هنا بدأت الحكاية وهنا ستنتهى أيضاً الحكاية، الآن يحاول حلف الناتو بقيادة أمريكا تعطيل هذا الطريق وعدم وصوله الى أوروبا، لأنه لو حدث ذلك فسينتهى النفوذ الأمريكى فى أوروبا، ومن ثم ستفقد أمريكا ٥٠٪ من نفوذها الذى تستمده من سيطرتها على القرار الأوروبى، وعليه لا بد أن نتذكر الثأر التاريخى بين روسيا «إرث الاتحاد السوفيتى القديم» وبين أمريكا وما حدث على يدها من تفتيت ذلك الاتحاد وتمزيق أواصره.

الآن وبعد قليل من صافرة نهاية الحرب العالمية الثالثة، والتى يمسك بزمام خيوطها القيصر الروسى الذى يطالب بخروج أى تواجد للناتو سياسياً أو عسكرياً من أوكرانيا، بل امتدت المطالبة بخروج هذا التواجد أيضاً من كل دول الاتحاد السوفيتى السابق، وإلا سيتم قصف أوكرانيا بالصواريخ «نظرية الأرض المحرقة» واحتلالها عسكرياً وربما تتسع الأحداث ليتم ضم معظم جمهوريات الاتحاد السوفيتى القديم.

وهنا السؤال والإجابة ماذا سيفعل الناتو بقيادة أمريكا وما الرد؟، الإجابة، أمريكا تعلم تماماً ان موقفها ضعيف وأن أى مواجهة مع روسيا يعنى هزيمتها وسقوطها كلياً كقوة عظمى، والسبب ليس فى قوة روسيا والصين عسكرياً، لأن الناتو كقوة عسكرية هو الاقوى طوال تاريخ البشرية، بل لأن أمريكا تعلم أن الكثير من دول أوروبا وعلى رأسها فرنسا وألمانيا يريدون الخروج من تحت العباءة والسيطرة الأمريكية، وتعلم أيضاً أن الكثير من دول العالم وخصوصاً المنطقة العربية قد تعبت كثيراً وواجهت الموت على يد السياسة الأمريكية، ولذلك فالمواجهة تعنى أن أمريكا ستكون وحيدة فى مواجهة الصين وروسيا. والكثير من أعداء أمريكا.

والسؤال الأخير: ماذا تفعل أمريكا وكيف تقود الأحداث؟ الإجابة، لن تجازف أمريكا مطلقاً فى أية مواجهة عسكرية مع الروس، بل ستحاول الجلوس على الطاولة للاتفاق والمساومة لتخرج بأقل الخسائر الممكنة من تلك الحرب، وسيكون هدفها محاولة التواجد فى النظام العالمى الجديد كأحد المشاركين الفاعلين، وعليه سيكون النظام العالمى الجديد رأسه فى الصين وجسده ممتد على محاور طريق الحرير وأهم نقاط ارتكازه فى القرم التى تحت سيطرة روسيا ولذلك ستكون روسيا العظمى هى المتحكم والحاكم الرئيسى فى قارة أوروبا، وتأتى نقطة الارتكاز الأخرى للطريق وهى قناة السويس، ولذلك سيتم استرجاع أمجاد الإمبراطورية المصرية القديمة، وستكون الصين، روسيا، مصر، أمريكا، الهند، وبعد سنوات ستأتى قارة أستراليا بقوة.