رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

يندرج مفهوم «الاقتصاد الأزرق» ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs)، ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، كما يستند المفهوم إلى حماية واستعادة قاعدة المحيطات، والتى توفر سبل العيش والغذاء للكثيرين فى العالم واستدامة الأنشطة الاقتصادية. وقد أثبت الاقتصاد الأزرق أنه ضرورى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة فيما يتعلق بالقضاء على الفقر، والقضاء على الجوع، وتحقيق الأمن الغذائى، وحماية النظام البيئى والحد من التغير المناخى، وكلها أهداف تسعى استراتيجية مصر ٢٠٣٠ إلى تحقيقها، خاصة فى ظل تمسك مصر بثوابت الحفاظ على المناخ وتقليل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، فكما أن الاقتصاد الأزرق قليل انبعاثات الكربون وفعال ونظيف، ويرجع ذلك إلى الاستثمارات التى تضخ فى الأنشطة الاقتصادية قليلة انبعاثات الكربون والتلوث، وتعزز من كفاءة استخدام الطاقة، وتسخِّر قوة رأس المال الطبيعى – مثل البحار – وتوقف فقدان التنوع البيولوجى والفوائد التى توفرها النظم البيئية.

ولذلك فإن النمو الاقتصادى الأزرق، أو النمو الاقتصادى المستدام بيئيا قائم على البحار والمحيطات وهو استراتيجية للحفاظ على النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل اللازمة للحد من الفقر فى مواجهة القيود المتزايدة على الموارد فى ضوء أزمات المناخ. لذلك فإن مصر تأمل وتأمل كل دول العالم الثالث فى تبنى العالم خاصة المتقدم لالتزاماته التى أقر بها فى مؤتمرات المناخ السابقة خاصة مؤتمر باريس وذلك فى المؤتمر المقرر عقده فى شرم الشيخ فى نوفمبر القادم، أن تنويع اقتصاديات الدولة بما يتجاوز الأنشطة البرية وعلى طول سواحلها أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق نمو ذكى ومستدام وشامل على الصعيد الإقليمى، ففى أوروبا على سبيل المثال، يمثل الاقتصاد الأزرق ما يقرب من 5.4 مليون وظيفة ويولد قيمة مضافة إجمالية تبلغ حوالى 500 مليار يورو فى السنة. وبالتالى يمكن القول إن المصايد المستدامة قد تكون مكونا أساسيا لاقتصاد أزرق مزدهر، حيث تساهم مصائد الأسماك البحرية بأكثر من 270 مليار دولار سنويا فى الناتج المحلى الإجمالى العالمى، وتوفر مصايد الأسماك البحرية مصدرا رئيسيا للأمن الاقتصادى والغذائى لتوفير سبل العيش لأكثر من 300 مليون شخص منخرطون فى القطاع وتساعد على تلبية الاحتياجات الغذائية لثلاثة مليارات شخص يعتمدون على الأسماك كمصدر مهم للبروتين الحيوانى وتوفير العناصر الغذائية الأساسية وزيوت الأوميجا والأحماض الدهنية.

كما تساهم الأسماك بأكثر من 16 فى المائة من البروتين الحيوانى الذى يستهلكه سكان العالم و6.5 فى المائة من جميع البروتينات المستهلكة. وفى مصر توجد العديد من الأماكن، مكنت فرص العمل القائمة على المصايد السمكية الشباب من البقاء فى مجتمعاتهم وعززت الجدوى الاقتصادية للمناطق المعزولة، كما عززت وضع المرأة فى فكر التنمية المستدامة فى الدولة، وبالنسبة للمليارات من جميع أنحاء العالم فإن قطاع الاستزراع السمكى للكثير من البلدان الأكثر فقرا وفى ضوء تناميه يعد مصدرًا لخلق فرص العمل، وزيادة الأمن الغذائى، والقدرة على مواجهة التغير المناخى، ففى حين أن آثار تغير المناخ يتم الشعور بها فى جميع أنحاء عالم البحار المحيطات، فهى حادة بشكل خاص لمصايد الأسماك، والأرصدة السمكية التى تستهدفها والنظم البيئية الساحلية البحرية التى تعتمد عليها. ومن المتوقع أن يرتفع عدد سكان مصر إلى ١٨٠ مليون نسمة بحلول عام 2050، مما يخلق طلبا كبيرا على الغذاء ومصادر البروتين.

واليوم، توفر الأسماك والمنتجات السمكية نسبة كبيرة من الاستهلاك اليومى للبروتين الحيوانى فى مصر، نظرا لأن الاستزراع السمكى يوفر 58 فى المائة من الأسماك للأسواق المحلية، فإن تنشيط هذا القطاع يمكن أن يسهم فى الأمن الغذائى وكذلك الدمج المجتمعى والاقتصادى، واتساقًا مع ذلك تركز أهداف التنمية المستدامة فى الأمم المتحدة على تعزيز الفوائد الاقتصادية للدول الجزرية الصغيرة النامية والبلدان الأقل نموا عبر الاستخدام المستدام والأمثل للموارد البحرية، وذلك من خلال الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة، ويوجد فى مصر الموارد والمصادر المواتية والمؤهلة لنمو وتنامى الاقتصاد الأزرق، وهو ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله مستعرضين المقومات والتحديات وآفاق المستقبل لما يجب أن يكون عليه هذا الاقتصاد المطلوب محليًا وعالميًا.

--

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام