رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى تشكل غولا متوحشا فى حياتنا الآن، وأصبح فى متناول أى فرد أن يكون مؤثرا فى حياة الناس عبر وسائل التواصل.

فثمة حالة من السيولة الشديدة التى صنعتها وسائل التواصل الاجتماعى عبر مقدرة أى فرد فى المجتمع التعبير عن نفسه بحرية سواء من خلال المقالات أو من خلال الرؤية المرئية ببث الفيديوهات، ويستطيع أى فرد أن يتحدث فى أى شيء ابتداء من فتح المندل، والطبخ، وشئون السياسة والاجتماع، والدعوة الدينية، ومعارك الصراعات الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والفن، والأدب، والسينما، فصارت وسائل التواصل الاجتماعى وسيلة يعرض من خلالها كل ثقافات العالم بمختلف لغاتها، وأحداثها التاريخية، فقربت وسائل التواصل الاجتماعى البعيد، وصهرت العالم كله فى بوتقة واحدة، فكل جزء يصدع فى الآخر، وكل يؤثر ويتأثر بالآخر.

وبات الواقع الافتراضى الآن يشكل القوة الجبارة الضاغطة على الواقع الحقيقى، ففى الشأن الاجتماعى يشكل الواقع الافتراضى القوة الضاغطة وتحكم الواقع الحقيقى.

وعلى الرغم من ايجابيات وسائل التواصل الا أن هذا التوغل أصبح له مثالب كثيرة، فقد تداعى هذا الواقع فى استخدام الأفراد هذه الوسائل فى الانتقام من بعضهم البعض، وتعرية بعضهم البعض، وفضحهم لبعضهم البعض، وهو ما حدث فى تصوير سائحة فى بلكونة شقتها بملابسها الخاصة ووضعها على الانترنت، وتصوير مدرسة ترقص فى رحلة خاصة ووضعها على الانترنت، وفبركة شباب صور لشابة ووضعها على الانترنت، وهو ما أدى لانتحار الشابة، دع عنك انتشار الاباحية على هذه الوسائل، وهذا بخلاف ما يقوم به البعض بتصوير حالات فردية من العنف تحدث فى المجتمع، ويتم تضخيمها على أنها ظاهرة عامة فى المجتمع، فمن خلال وسائل التواصل الاجتماعى صار الصغير كبيرا، والبعيد قريبا، والمستحيل ممكنا، والماضى حاضرا، والمستقبل مقروءا ومتوقعا.

ويظل أخطر ما فى وسائل التواصل الاجتماعى أنها سارقة أعمار البشر، فأصبح ادمان هذه الوسائل يسرق أعمار البشر، فتجد العديد من الناس يجلسون معظم يومهم أمام اليوتيوب، أو الجلوس على الفيس، أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعى ليتحول البشر إلى عبيد لهذه الوسائل، ولتتمكن هذه الوسائل من تفكيك هويات الأفراد والشعوب نتيجة لانصهار الثقافات داخل هذه الوسائل.

كما أسهمت وسائل التواصل فى تفكيك منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية، لأنها أعادت بناء المجتمعات من جديد بإحداثها تغييرات مذهلة على مدار الساعة، وهو ما يكشف عن زوال المجتمعات التقليدية المغلقة، وانهيار مفهوم الخصوصية، ويمكن القول إن البشرية قبل وسائل التواصل شيء وبعدها شيء آخر.

إن القادم فى تطور وسائل التواصل الاجتماعى فى مستقبل البشرية – وهو قريب- سوف يزيد من حجم سيطرة من يملكون وسائل التواصل على مجمل الحياة الإنسانية، وأن التطور القادم سوف يحكم القبضة على الرقابة على الإنسان فى كافة أرجاء العالم، وهو ما سوف يعيد إنتاج مفهومنا عن الحرية وعن العالم والإنسان، فقد أصبح كل شيء سائلا ومتغيرا فى العالم، ومعه أصبحت المفاهيم الحاكمة فى العلوم الإنسانية تحمل نفس التغير والسيولة.