عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

فترة ظلام دامس تعيشها البشرية والمجتمع اليهودي، الجهل والفقر هما لسان حال اليهودية، والنفاق والمظهرية الكاذبة والزائفة هى من تحكم الجميع من خلال مجمع السنهدريم الأعظم الذى كان يضم النخبة اليهودية، وبجانب ذلك هناك الاحتلال الرومانى والسياط القاسي، وروحيا كان المشهد كارثيا ويقول التقليد ان حتى الأحلام التى كان يحلمها اولاد تلك المدينة والتى كانت تعطى الرجاء والأمل فيما هو قادم قد انقطعت.

هكذا تواجد السيد المسيح فى تلك الحقبة وذلك المكان، وبدأ ثورته الروحية العظيمة التى غيرت مجرى التاريخ وأصبح ما قبلها تاريخا وما بعدها تاريخا اخر لكل الإنسانية، لم يكن يحمل سلطة تنفيذية أو أمنية أو سياسية أو حتى قبلية، بل الذى كان يمتلكه فقط (الكلمة) والكلمة هنا ليست حرفا أو بلاغة طرح، بل احساس صادق وقدرة على التغيير والبناء، فكان دائما يتكلم مع جموع الشعب البسيط بأمثال وتلك الأمثال تتعلق بالحالة التى يعيشون بها وكانت تلك الحالة تتعلق بالزراعة والارض، وفى الكثير قبل أن يكلمهم كان يشبع جوعهم ويشفى امراضهم ويواسى حزنهم ويحتصن اَوجاعهم ويقيم موتاهم، هنا كانت الكلمة الحية للتغيير والبناء، التف حوله الجموع وقاومه الكتبة والفريسيون الذين هم حراس الشريعة الجامدة وسماسرة الدين وتجاره، ومنهم أيضا اعضاء مجمع السنهدريم الحاكم الذى يضم سياسية النفاق والمظهرية، وهنا حدث الصدام بين هذا الثورى الأعظم وبين حراس معبد النفاق والسمسرة الدينية والاجتماعية، حينئذ صرخ بكلماته الحية فى وجوههم وقال لهم يا اولاد الافاعى كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ، وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.

إنجيل متى (23 :27)

وقَالَ: أيضا «وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالًا عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ.

إنجيل لوقا (11:46)

هكذا نجح المسيح فى ثورته انه هدم لهم الموروث العفن لحراس معبد الشريعة الكاذبين وكشفهم للشعب بأنهم منافقون سماسرة كاذبون، وكان يربط معظم كلامه بآيات من التوارة تثبت صحة كلماته لجموع الشعب البسيط حتى يثق فى تعليمه ويصدقه.

وهكذا اصبح السيد المسيح هو النور الذى أشرق فى ظلام الحالة اليهودية والإنسانية، فجذب اليه كل من هم تائهون فى ظلام اهل النفاق والمظهرية من النخبة اليهودية الكاذبة، فعندما كان يظهر فى مكان ما يلتف حوله عشرات الآلاف من الشعب، ولذلك كان دائما وفى كثير من الأحيان يخرج إلى مكان خلاء فى الجبل أو شاطئ البحر حتى يتسع المكان للجموع، وعندما أراد اختيار من هم يحملون لواء ثورته الروحية لم يذهب ليختار من هم أهل النخبة أو اولاد الملوك أو أصحاب الثقافة الزائفة، بل اختار من هم بداخلهم محبة التغيير وهم أناس بسطاء، معظمهم صائدو أسماك لا يعرفون كتابة سطور الكلمة ولا قراءة حروفها، لكن يعرفون فقط قوة يسوع ويؤمنون بقدرة كلمته على التغيير.

وعندها اصبح الصدام حتميا بين حراس موروث معبد الشريعة اليهودية الجامدة الذين يستخدمونها للسمسرة والتجارة والتدليس وبين كلمة المسيح التى استطاعت اختراق وهدم ذلك المعبد.

وهنا لحظة النهاية ليس لكلمة يسوع بل للمعبد اليهودى وكل موروثاته، فقال رجال السنهدريم الأعظم انظروا ان الشعب يلتف حوله ويسير خلفه، ومن الممكن أن يأتى الرومان ويأخذوا الوطن، هكذا استخدم هؤلاء المنافقون اسم الوطن لتزييف ارادة البسطاء الذين يحبون يسوع، وفجأة صرخ الشعب الذى أطعمه ودواه وعلمه فى وجهه وقالوا لقيافا الحاكم الرومانى اصلبه دمه علينا وعلى أولادنا،

وبالفعل تمت محاكمة يسوع محاكمة سياسية زائفة وتم صلبه واعتقدوا بذلك انهم تخلصوا من ثورته، لكن هيهات عاشت كلمة المسيح لتنير ظلام كل الإنسانية، وتم ازالة ليس فقط المعبد والهيكل اليهودي، بل كل الأمة وتشتت فى كل بقاع الأرض تبحث عن ملجأ يؤويها كما كان يفعل معهم يسوع الثورى الذى صلبوه.