رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

يجب أن نتأمل ونفكر مليًا فى التجارب الدولية التى سبقتنا على مضمار التقدم الاقتصادى لا لشيء سوى تحديد المنطلقات الأساسية للدخول فى أتون التجربة التى فشلنا فيها على مدار عقود طويلة ويكمن فشلنا الحقيقى فى أننا تعاملنا مع التجارب السابقة من قبيل الترف الفكرى المحاكى لتجارب دولية فاشلة أو غير مشابهة لواقع مجتمعنا وبيئتنا، وهو ما يقع فيه المتكاسلون، كما أننا تعاملنا مع أى تجربة سابقة على أنها هدف فى حد ذاتها، وبالتالى لم نعر أى اهتمام بنتائج هذه التجربة مثل تجربة الإبرة للصاروخ فى السيتينيات، وتجربة الانفتاح الاقتصادى فى السبعينيات، وتجربة الخصخصة فى التسعينيات، وبالتالى فإن البداية تكون فى مكامن الخلل فى تجاربنا الاقتصادية مقارنة بالتجارب الناجحة التى قادتها دول مشابهه لنا.

ومن أكثر الدول التى ينبغى علينا تسليط الضوء على تجربتها الاقتصادية الفذة دولة فيتنام تلك الدولة التى تشبهنا كثيرًا، سواء من حيث عدد السكان الذى يصل إلى ١٠٠ مليون نسمة، رغم أن مساحتها ثلث مساحة مصر، وكذلك خوضها حروبًا كثيرة ضد الاستعمار، سواء اليابانى الذى احتلها ٥ سنوات، أو الأمريكى ١٠ سنوات، أو الفرنسى ١٠٠ سنة، أو الصينى ١٠٠٠ سنة، فيتنام التى عمرها ٢٧٠٠ سنة قضت منها ٢٠٠٠ سنة تحارب الغزاة، وهو ما عانته مصر أيضاً التى ظلت تحارب الغزاة أكثر من ٦٠٠٠ سنة من إجمالى عمرها الذى يقترب من ٧٠٠٠ سنة، كما أننا خضنا مثل فيتنام حروبًا فى القرن الماضى ضد الاستعمار ودول الاحتلال، لدرجة أن مصر وفيتنام أنهيا الصراع المسلح ضد قوى الاستعمار والاحتلال تقريبًا فى نفس الفترة.

رغم هذا التشابه الكبير بين مصر وفيتنام فإن النتيجة أن مصر تعثرت فى تجاربها الاقتصادية، وفيتنام تعملقت فى تجربتها الاقتصادية التى قادها الزعيم التاريخى هوشى منه عام ١٩٨٦، وحتى نكون قادرين على استلهام العبر وشحذ الهمم، فلا بد من التعرف على أسباب نجاح تجربة فيتنام التى حصرتها أغلب المؤسسات والوكالات التنموية الدولية فى وجود خطة محكمة وملزمة بتعاقب الحكومات تقوم على التطهير والتجديد، تبعتها تنقية القوانين الاقتصادية، خاصة قانون الشركات، وقانون الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما نجحت فيه فيتنام نتيجة قراءة المشهد السياسى العالمى عقب انهيار الاتحاد السوفيتى عام ١٩٩١، وهو ما جعل المؤسسات والوكالات التنموية الدولية تطلق عليها مغناطيس جذب الاستثمارات، فبعد أن كان حجم الاستثمار عام ٢٠٠٣ حوالى 3.2 مليار دولار، وصل 71.7 مليار دولار عام ٢٠٠٨، ثم ١٠٣ مليارات دولار عام ٢٠١٦، والآن أكثر من ١٥٠ مليار دولار فى مشهد صعب المقارنة به بعد أن وصلنا لحوالى ٨ مليارات دولار.

وبالتالى نستطيع أن نؤكد أن خوض مصر تجربتها التنموية الجديدة وفق منطلقات أساسية جديدة وغير تقليدية تماست مع منطلقات فيتنام التنموية إشارة جديدة إلى استشعار قدوم رياح جديدة تفوح برائحة تغطى وتزيل رائحة الفقر التى عانينا منها عقودًا طويلة رغم تحقيق معدلات نمو اقتصادى عالية، لكن المشكلة كانت فى عدم عدالة توزيع عوائد النمو على فئات الشعب نتيجة تزاوج غير شرعى بين طبقة الرأسماليين والسياسيين أفرزت تصدعًا فى أركان المجتمع نتيجة ثقل وزن الفساد واستغلال النفوذ واختلاط مسمى المال العام والمال الخاص، وتفشى الوساطة والمحسوبية وتعيين الأقارب، سياسة مصر الاقتصادية الآن ستضمن بلا شك تحقيق التنسيق والتكامل بين أركان البناء الاقتصادى الأربعة والمتمثلة فى: تعليم راق يستند على تدعيم خصائص القوى البشرية من تعليم وصحة وتدريب، وسياسات اقتصادية واعية تسهم فى تدعيم وتقوية مساهمة الصناعات التحويلية فى الاقتصاد لتصل إلى ٩٪، علمًا بأنها لا تزيد الآن على ٣٪، مع ضرورة التركيز على تجربة مشابهة لظروفنا ولن نجد أفضل من تجربة فيتنام الاقتصادية التى تشبهنا كثيرًا.

--

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام