عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

شهدت مصر عام ١٩١٤ قوانين استثنائية لأول مرة فى تاريخها الحديث، لكن اللافت للنظر أن من شرعها هو الاحتلال الإنجليزى والذى قننها فى دستور ١٩٢٣ فى مادته رقم ٤٥ والتى أعطت صلاحيات واسعة للملك فى حينها وتم الأخذ بها فى أوقات صعبة كبداية الحرب العالمية الثانية أو مع حرب فلسطين عام ١٩٤٨ أو مع حريق القاهرة قبل ثورة ١٩٥٢ أو مع بداية الثورة نفسها وحتى نهاية العدوان الثلاثى على مصر ١٩٥٦.

كل ما سبق كان تحت مسمى الأحكام العرفية وهى أحكام قيدت البلاد إلى حد ما ولكن وجود حكومات قوية تحت مظلة تعددية حزبية ومستوى تعليمى مرموق يبحث عن الكيف الذى يبنى بعيدا عن الكم الذى تضيع معه الكفاءات. كل ما سبق جعل من هذه الأحكام العرفية مجرد منظم لوضع طاريء لكن مع بداية عام ١٩٥٨ اتجهت مصر عبر قيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر إلى فرض حالة جديدة تعبر عن سيطرة الحزب الواحد وغياب التعددية الحزبية وأصبح الفكر الإقتصادى موجهًا نحو خدمة هذا التوجه عبر فرض حالة الطوارئ بموجب القانون ١٦٢ لسنة ١٩٥٨. الوضع العالمى حينها كان يستوعب مثل هذا التوجه لكن مصر عبر تجربة اقتصادية عظيمة فى بداية الثلاثينيات من القرن الماضى وبرغم الأزمة المالية العالمية الطاحنة عام ١٩٢٩ إلا أنها وضعت نفسها على الخريطة الاقتصادية العالمية عبر قاعدة صناعية كبرى فى كافة المجالات واستثمار زراعى ذي قيمة مضافة فعلية حتى وإن كان يخدم فئة معينة إلا أنه كان يكفيه الحفاظ على مبدأ زيادة الرقعة الزراعية وتقليص معدل التصحر.

 التوجه نحو حالة الطوارئ عام ١٩٥٨ ساهم بدرجة كبيرة فى عدم نجاح الخطة الخمسية الأولى لمصر عام ١٩٦٠ رغم تحقيق مصر لمعدل اقتصادى عالمى فى ذلك الوقت لكنه كان معتمدًا على إرث أجيال سابقة لم نحافظ عليه وتم مصادرته لأجيال تالية مكبل بضعف عام فى الابتكار والإبداع وضعف فى الوحدات المحلية والإدارية وزيادة فى الفجوات التمويلية لمشروعات التنمية بالمحافظات، والأهم هو عدم إشراك المواطن فى العملية التخطيطية وفق معايير أو مبادئ وهو ما أدركته الدولة ممثلة فى وزارة التخطيط التى أعلنت مؤخرًا عن مشروع بقانون للعرض على البرلمان تحت مسمى قانون التخطيط العام ليتماشى مع مرحلة جديدة فى تاريخ مصر وهو الانتقال نحو الجمهورية الجديدة عبر إشراك المجتمع الخاص عبر قنوات كانت مغلقة سابقًا لخدمة القطاع العام فقط، وعبر الدخول فى حزمة مشروعات تنموية عملاقة كمشروع حياة كريمة ومشروع محور قناة السويس ومشروع الضبعة النووى بهدف التغلب على ارتفاع مؤشر البطالة هذا المؤشر المدمر الذى وإن استطعنا التغلب عليه فسوف نتغلب على ٦٣ آفه إجتماعية منها العشوائيات وزيادة حالات الطلاق وزيادة أطفال الشوارع وزيادة الأمية وزيادة معدلات الجريمة خاصة جرائم الإرهاب.

 على أرض الواقع النزول بمعدل البطالة من ١٣٪ إلى ٧٪ أحد أهم الأسباب التى دعت القيادة السياسية فى مصر إلى الاطمئنان إلى قدرة الدولة وأجهزتها الأمنية حتى فى ظل الحروب الخفية تحت مسمى حروب الجيل الرابع فى صد مفهوم تقويض السلم الاجتماعى وأن الداخل المصرى أصبح آمنا بفضل تضحيات عظيمة لقواتنا المسلحة المصرية والشرطة الوطنية ووصولنا إلى رقم ٦٨ دولة على العالم فى مؤشر الأمان بعد أن كنا فوق ١٠٦ عالميًا يعكس مستوى الاستقرار فى البلاد وأننا لسنا فى حاجة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية قد يفهمها البعض خارجيًا على أنها قد تصل لمرحلة فرض الحراسة على الشركات والمؤسسات أو مصادرة المنقولات والعقارات أو ما إلى ذلك من إجراءات قد تؤثر على توجه مصر الجديدة نحو جذب الاستثمارات الأجنبية عبر تغيير جذرى فى وضوح أهداف التنمية المستدامة وتوطينها.

لكن مصر بقرارها التاريخى الذى أعلنه الرئيس السيسى يوم ٢٥ أكتوبر الماضى بإلغاء حالة الطوارئ سوف يمثل لحظة تاريخية فارقة فى مستقبلنا الإقتصادى وسوف نحتفل به سنويًا جنبًا إلى جنب مع الاحتفال العسكرى فى شهر أكتوبر من كل عام.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام