رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

من منا لا يتذكر شخصية مجانص فى فيلم إسماعيل ياسين فى البوليس الحربى، شخصية كنا نضحك عليها كثيرًا بدون إدراك للمعنى الحقيقى لوجودها، لكن عندما نتأملها جيدًا ندرك أنها تحمل بين ثناياها الكثير من مفردات واقعنا الذى تشابك فيه العالم مع الجاهل والوطنى مع الحنجورى والكفء مع مشوهى الكفاءات.

مجانص فى الفيلم شخص حاقد وجاهل ورافض لمن هو أفضل منه، واستغل قوته الجسمانية وصوته الحنجورى فى أن يكون عين رئيسه المباشر، بل وجزءا من فكره أيضًا ليصبح المسئول أيضًا كارها للشخص صاحب الكفاءة بفضل تأثير مجانص المغناطيسى أو فى عصرنا الحديث معسول الكلام يعجبك قوله، هذه الشخصية الكريهة الحاقدة والتى إذا احتلت منصبا سعى فيه ليس للبناء أو التطوير ولكن للخراب والتدمير، شخصية مجانص يجب أن يواجهها المجتمع بكل قوة، وإذا أردنا عبورا اقتصاديا نحقق فيه 100 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة فلا بد من دراسة النموذج الفيتنامى الناجح.

هذا النموذج الذى خرج من حرب طاحنة فى ستينيات القرن الماضى أودت بمقتل وجرح ثلث قوته البشرية لكن استطاعت فيتنام على يد نغوين فان لين فى منتصف الثمانينيات أن تصبح أهم الاقتصاديات الآسيوية بفضل التطور الكبير فى مؤشر جودة التعليم والذى يضمن استعمال العقل وعدم الإساءة إليه، واستخدام جميع الحواس فى التقييم والعرض وعدم الاعتماد على شخصية مجانص الذى لم تكن لديه أى من الخصائص الوصفية التى يجب أن يتحلى بها من يساعد متخذ القرار فى اتخاذ القرار الرشيد وهى الصدق فى العرض، وعدم التحيز، والموضوعية، والقدرة التنبؤية. هذه الصفات آمنت بها دولة فيتنام على يد نغوين فان لين لتحقق فيتنام المعجزة 20 سنة متواصلة تحقق 5٪ معدل نمو اقتصادي وتصل بالصادرات إلى ٢٢١ مليار دولار رغم أن مساحتها ثلث مساحة مصر وعدد سكانها نفس عدد سكان مصر لكن لا مكان فيها لصفات مجانص الذى تخلصت منه تماما معتمدة على اللوائح المنظمة لحماية الموظفين من التنكيل والشركات والاستثمارات من التهوين، بعد أن ذاقت تبعات عدم تطبيق هذه اللوائح والتى أدت إلى خنق نشاط ريادة الأعمال ونمو الشركات بل وإبعاد الشركات عن الجهات التنظيمية وتحولها نحو القطاع غير الرسمى وزيادة احتمالية الخروج من البلاد بحثا عن بيئة عمل أكثر دعما.

ما نؤكد عليه أن التخلص من صفات شخصية مجانص أمر مهم ليس فقط لضمان استمرارية الشركات والمستثمرين ولكن أيضا لضمان عدم عرقلة قدرة الاقتصاد على النمو المستدام. مطلوب الآن أكثر من أى وقت مضى ضرورة الاستخدام الواسع للأنظمة الإلكترونية لضمان ابتعاد رأى وتقارير مجانص المشبوهة عن الاستعانة بها لدى متخذ القرار، وأيضًا السعى نحو التوسع فى استخدام لوائح منظمة دقيقة تتسم بدرجة عالية من الشفافية وهما أهم قاعدتين تستند إليهما أكبر عشرين دولة فى مؤشر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال ٢٠٢٠ للوصول إلى التقييم والتقدير الموضوعى بعيدًا عن شخصية مجانص الحاقدة على أبناء وطنه الأكفاء.

وبالتالى مطلوب من كل مسئول التأكد من صدق ومصداقية التقارير المرسلة إليه حتى لا يتم الاعتماد على آراء فيها تحيز وسوء تقدير بهدف تشويه سمعة الأكفاء، مجانص العصر يحتاج إلى المواجهة الحازمة والحاسمة لضمان الوصول إلى ركائز الحوكمة الرشيدة وزيادة قدرة الاقتصاد على النمو المستدام، بل والأهم زيادة ترتيب وتحسين مؤشرات ممارسة أنشطة الأعمال لاسيما مؤشر جودة أداء رؤساء مجالس الإدارات متخذى القرارات، ليصبح هذا الزمن بالفعل زمن تحقيق الأهداف العظيمة، فإذا كانت شركة مصرية بالفعل طبقا لتقرير المركزى للمحاسبات تحقق أكثر من مليار دولار صادرات سنوية فى مجال الحديد والصلب، فهل يصعب علينا إيجاد ٩٩ شركة مثلها حتى نضمن تحقيق ١٠٠ مليار دولار صادرات سنوية؟

الأمر ليس صعبًا ولكن الأصعب هل نستطيع تحسين مؤشر كفاءة رؤساء مجالس الإدارات خاصة فى القطاع العام وقطاع الأعمال العام والوصول إلى برنامج فيتنام Doi Moi أى الإصلاح والتجديد بشرط غياب مجانص العصر لضمان عدم التجمد عند مرحلة تاريخية معينة.

--

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام