رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

فى ذكرى الاحتفال بنصر حرب أكتوبر المجيدة وهى الذكرى ٤٨ فقدت مصر اثنين من أبرز أسباب انتصارنا فى تلك الحرب الأول العريف أحمد إدريس النوبى الذى تطوع فى حرس الحدود عام ١٩٥٤ وعرض على الرئيس السادات استخدام الشفرة النوبية التى لا يعلمها إلا أبناء النوبة، الثانى المشير محمد حسين طنطاوى النوبى أيضًا وأعظم وزير حربية فى العصر الحديث بل إن البعض يرى أنه أعظم وزير حربية منذ عهد أحمس الأول والمقدم محمد حسين طنطاوى هو بطل معركة المزرعة الصينية التى أوقفت زحف جيش الاحتلال الإسرائيلى إلى الجيش الثانى الميدانى، القاسم المشترك بين الإثنين هو أنهما من أبناء النوبة العظيمة التى نتشرف بها قديما وحديثا.

انتصار أكتوبر ٧٣ لم يكن انتصارا عسكريًا فقط بل كان وهو الأعظم انتصارا اقتصاديا عبر بوضوح مدى نضج وانتماء القادة العرب لأمتهم العربية ففى ١٦ أكتوبر أعلنت الدول العربية خاصة النفطية رفع سعر برميل البترول من جانب واحد بـ ١٧٪ ليصل البرميل إلى 3.65 وفى ١٩ أكتوبر أعلنت المملكة العربية السعودية وليبيا وبعض الدول العربية عن حظر الصادرات النفطية للولايات المتحدة الأمريكية على خلفية طلب الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون من الكونجرس الأمريكى اعتماد 2.2 مليار فى مساعدات عاجلة لإسرائيل، التوحد العربى واستخدام سلاح البترول لأول مرة أدى إلى نتائج مذهلة ما زال أثرها يتصاعد حتى هذه اللحظة فقد تضاعف سعر برميل البترول ٤ مرات وفقدت بورصة نيويورك للأوراق المالية ٩٧ مليار دولار فى ستة أسابيع، وسجلت ميزانيات دول الخليج فائضًا لأول مرة فى تاريخها وما زالت تجنى ثمار هذه الحرب حتى يومنا هذا.

ولكن أهم النتائج التى يجب أن نعيها جيدًا هو تحول قوى إقتصادية كبرى مثل اليابان بعيدًا عن النفط والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة والتوجه نحو صناعة الإلكترونيات حتى تنجو باقتصادها من مخاطر محتملة تؤدى بها إلى الانكماش وفقد فرص النمو والتنمية وهو ما لم تستوعبه الدولة صاحبة الاقتصاد الثانى عالميًا وهى الصين والتى دخلت مؤخرًا فى أتون أزمة طاقة تضع معها الاقتصاد العالمى فى حالة تأهب فالصين التى تنتج مليار طن من الصلب عالميا تحتل بها المكانة الأولى تأتى خلفها بمراحل الهند بإنتاج قدره ١١١ مليون طن سنويا. الأرقام توضح القدرة والهيمنة الصينية على الصناعة العالمية، وأن أى خلل فى مصانع الصلب الصينية سوف تضع العالم فى حالة عدم استقرار اقتصادى وتضخم غير مسبوق وهو ما بدأت مؤشراته الآن من أن العالم يتعرض لموجة تضخمية هى الأسوأ منذ ١٣ سنة اى منذ الأزمة المالية العالمية سنة ٢٠٠٨ والسبب دخول المصانع الصينية فى أزمة مكونة من شقين الأول نقص المعروض من الطاقة فى الصين والذى قادته محطات الطاقة العاملة بالفحم مع موجة الجفاف التى ضربت العالم مؤخرًا وقلصت كميات الطاقة الكهرومائية.

أما الشق الثانى فيرتبط بأهداف بكين الصارمة بشأن كثافة استهلاك الطاقة وهى كمية الطاقة المستخدمة لكل وحدة إنتاج كجزء من خططها البيئية، واذا اضفنا لكل ما سبق حالة الإغلاق شبه الجزئى للعديد من الموانئ الصينية بسبب تحور فيروس كورونا إلى موجة دلتا المتحورة. الصين لم تستوعب درس حرب أكتوبر المجيدة التى أكدت على أن سلاح البترول كان ومازال نقطة تحول حاسمة فى تاريخ العلاقات الدولية، بل أعظم درس تاريخى على امتداد القرن الماضى وأثبتت أن النظام الدولى انعكاس لواقع موازين القوى الحقيقية، وأن الأمن القومى ما هو إلا انعكاس نحو التنمية المستدامة.

---

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام