حكاوى
قرأت منذ فترة مقالاً للمفكر السياسى الدكتور لبيب قمحاوى بعنوان «عصمة العرب بيد إسرائيل»، ورأيت أن أعيد نشر هذا المقال، وفى البداية يقول الكاتب:
تتدافع الأحداث فى المنطقة العربية بشكل يوحى بأنه لا توجد قضايا أخرى تشغل بال العالم، والواقع أن هذا التدافع هو نتيجة حتمية للانهيار السريع وشبه الطوعى الذى يجتاح العالم العربى، والذى صدم العديد من العرب وغير العرب، وقد تكون إسرائيل أكثر المصدومين سعادة، نظراً لأنها منذ أن أعلنت عن وجودها وهى تجهز نفسها لتقديم تنازلات ما مقابل سلام ما، وفى كل مرة تكتشف أنها تستطيع الحصول على مكاسب دون الحاجة إلى تقديم تنازلات فعلية، إلى أن انتهينا إلى ما نحن عليه الآن.
إن إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط ومنها العالم العربى يجب ألا ينظر إليه بشكل قدرى كأن ما هو قادم أمر لا مفر منه، وأن على العرب بالتالى الاستسلام لذلك القدر المحتوم. فمقاومة المخططات الدولية المرصودة للعالم العربى أمر مهم وضرورى لأى مسعى لوقفها أو للحد من آثارها السلبية، وقد يأتى الاستسلام من قبل الأنظمة وليس الشعوب، ولكن تبقى النتيجة واحدة لأن استسلام النظام يعادل استسلام الشعب الذى لا يملك من أمره شيئاً وأولويات أى نظام تختلف عن أولويات الشعوب، فالأنظمة تسعى إلى الحفاظ على بقائها بأى ثمن فى حين تسعى الشعوب إلى الحفاظ على مصالح الوطن ما يجعل من التعامل مع الأنظمة أمراً أكثر سهولة بالنسبة للقوى الدولية.
وفى هذا السياق يثير الحديث فى القضية الفلسطينية الكثير من الشجون والعواطف، ولكنه يفسح المجال بالنتيجة أمام فهم الأسس وراء المواقف المختلفة التى يتبناها الفلسطينيون والعرب تجاهها.
تتحول القضية الفلسطينية تدريجياً من قضية عربية إلى قضية فلسطينية ومن ثم إلى قضية إسرائيلية، فتجاهل إسرائيل المستمر للفلسطينيين والقضية الفلسطينية، وخلق وتعزيز عوامل فك اللحمة بينها وبين العرب قد أوصل الأمور إلى الحد الذى أصبح فيه العديد من العرب يجهرون بعدائهم للفلسطينيين، ويتبجحون بصداقتهم أو تحالفهم مع إسرائيل، وهذا الوضع قد أرغم الفلسطينيين تحت الاحتلال على البحث لهذا الحال ومنها التركيز أولاً على ما يمكن تحقيقه أو الوصول إليه فى علاقتهم المباشرة مع إسرائيل والإسرائيليين كقوة احتلال، وثانياً: محاولة استكشاف عوامل القوة الذاتية المتوافرة لهم فى صراعهم مع النظام العنصرى الإسرائيلى، وفى هذا السياق تحرك الفلسطينيون تحت الاحتلال من داخل خيمة النظام الإسرائيلى وليس من خارجها، وهذا يؤشر على بداية حقبة جديدة من النضال الفلسطينى تعكس تبلور وعى خاص بأن الحقائق التى خلقها الاحتلال على الأرض تتطلب نمطاً جديداً وذكياً من النضال الذى لا يكتفى بسحب السجادة من تحت أقدام الإسرائيليين بل يعمل فى الوقت نفسه على وضعها تحت أقدام الفلسطينيين.
إسرائيل لا تشعر بأى خطر عربى أو خطر حقيقى قادم من التنظيمات أو المؤسسات الفلسطينية، والخطر الحقيقى الذى تشعر به من الفلسطينيين أنفسهم أى من الشعب الفلسطينى بمختلف مشاربه، وهذا الوضع دفع بالعديد من الفلسطينيين إلى إعادة التفكير فى الكيفية التى يجب أن يعملوا بموجبها على تغيير أسس النضال من أجل قضيتهم وبشكل يمكنهم من أن يصبحوا أكثر فاعلية وقدرة على الإنجاز.
< هذه="" الرؤية="" مهمة="" جداً="" فى="" هذا="" التوقيت،="" ولا="" يخفى="" على="" أحد="" أن="" مصر="" تحمل="" على="" كاهلها="" هموم="" القضية="" الفلسطينية،="" ولن="" تتأخر="" القاهرة="" أبداً="" عن="" العمل="" بكل="" قوة="" من="" أجل="" إيجاد="" حل="" لهذه="" القضية="" فى="" إطار="" حل="">