لا يلفتنا فيروس كورونا عن منجز طبى عظيم تحقق بجهود مخلصة عبر منظومة طبية ناجحة، مصر خالية من فيروس (C)، مصر ستتسلم شهادة من منظمة الصحة العالمية بخلوها من الفيروس الذى حصد آلاف أرواح طوال عقود مضت، حلم ولا علم، مصر الموبوءة بفيروس (C) تتعافى، ما شاء الله، والحمد لله، ولَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله.
لا يعرف هذا الفيروس المخيف إلا من يكابده، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وشهادة لوجه الله، مرضى فيروس ( C) ما حلموا بالشفاء الذى كان بعيدًا بعيدًا أقرب إليه الموت، إلا بعد التفاتة الرئيس السيسى إلى كارثة تفشى هذا الفيروس الذى صار كالوباء.
كارثة صحية غفلت عنها الحكومات المتتابعة، وغضت الطرف عن قاتل صامت، أقرب لجائحة اجتاحت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، بلغ حجم الإصابات المؤكدة مليونين و٤٠٠ ألف مصرى، والمتوقعة ١٤ مليونًا، أرقام تعجز عن تخيلها، فضلًا عن علاجها دولة خارجة لتوها من محنة سياسية عكست محنة اقتصادية.
كان التحدى رهيبًا، وكان القرار الرئاسى مصيبًا، تقرر علاج كل مصابى فيروس (C) مجانًا، والكشف عن الفيروس احتمالًا، قرار أقرب إلى الخيال، الولايات المتحدة بجلالة قدرها تعالج ومنذ سنوات فقط ربع مليون مصاب، أوروبا جميعها تجتهد لعلاج ٢٠٠ ألف مصاب، وبكلفة رهيبة يعجز عنها التأمين الصحى فى بريطانيا العظمى، علاجات فيروس (C) خارج منظومة التأمين الصحى فى أوربا والدول المتقدمة، وعندنا بالمجان!
القرار الرئاسى تجسد على الأرض تحديًا صعبًا، ونشطت مدرسة الكبد المصرية وشمرت عن سواعدها، ويرزت تتحدى هذا الغول الرهيب مدعومة بإرادة سياسية تبغى توفير العلاج لكل مصاب مهما كانت التكلفة، وصار الفيروس على قائمة الأولويات الرئاسية، وما من اجتماع فى الرئاسة حضرته وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد ووزراء الصحة المقدرون قبلها، حتى كان السؤال الرئاسى حاضرًا والمتابعة دؤوبة.
المعجزة الطبية التى حدثت خلال ثلاثة أعوام جديرة بالتوقف والتبين، التوقف أمام الرقم المصرى المذهل من المتعافين الذى يفوق فى حجمه وإعداده وبالأرقام كل الأعداد التى تم علاجها على مستوى العالم أجمع، المعجزة المصرية تتحدث عنها المراجع الطبية العالمية، وتفخر بها المنابر الدولية، وتتصدر أغلفة المجلات الطبية العالمية، وتحتفى بها منظمة الصحة العالمية وتنقل احتفالها السنوى إلى القاهرة احتفاء وتقديرًا.
التوقف أمام قدرة الدولة المصرية فى تجليها، مصر تمرض لا تموت، نعم استطاعت الدولة الفقيرة توفير أحدث العلاجات العالمية بأرخص الأسعار بآلية تفاوضية احترافية، واجتذبت الشركات العالمية والوطنية لإنجاز صناعة دوائية وطنية، ١٧ مصنعًا تعمل فى تصنيع المثائل المصرية وبمواصفات عالمية.
التوقف أمام المنظومة العلمية التى نظمتها اللجنة القومية للفيروسات الكبدية التى أبدعت فى ابتكار برتوكولات العلاج التى تناسب « الجين الرابع» الذى ينهش أكباد المصريين، وكيف واكبت المستحدثات الطبية والعلاجية عالميًا، وجلبها إلى القاهرة لتمصيرها وتحضيرها..
التوقف أمام منظومة التأمين الصحى التى أثبتت جدارة وامتيازًا فى فروعها المنتشرة بطول وعرض البلاد والتى استقبلت آلافا مؤلفة ترجو العلاج، وتحمل رجالها فى صبر وأناة تدفقات المرضى المتعبين دون ضجر، نافسهم بكل الإخلاص رجال منظومة العلاج على نفقة الدولة، عدد قرارات العلاج من فيروس (C) على نفقة الدولة أرقام فوق الخيال.
التوقف أمام الجهد الطوعى الرائع لمنظمات المجتمع المدني، نموذج «مركز الكبد المصرى فى شربين»، مثال على مايسمى «التشبيك المجتمعى» فى مواجهة فيروس يضرب فى الكبد، المظلة الاجتماعية التطوعية فى الأقاليم شكلت حالة إبداعية استثنائية، المراكز فتحت لعلاج الغلابة مجانًا، والتبرعات انهالت على المراكز، والمتطوعون فى القرى والأرياف نفروا لإنقاذ أهليهم من الفيروس اللعين.
التوقف أمام شعب يصورونه على أنه فاقد الهمة، إذ فجأة ينهض من ثباته ويودع إحباطه ويخوض معركة قاسية فى مواجهة فيروس رهيب، شعب تبرع لعلاج الفيروس كما لم يتبرع من قبل، شعب قرر القضاء على الفيروس وإنقاذ شبابه وشيوخه بعمل تطوعى شعبى بوعى حضارى، شعب ضرب نموذجا فى الإيثار ، من حق الرئيس أن يتحدث بفخر عن هذا الإنجاز الطبى، من أنقذ كبد المصريين من فيروس (C) بعون الله وتوفيقه قادر على إنقاذ مصر مما يتهددها فى شريان الحياة .